وبالنسبة لواشنطن فإن أزمة الهجرة هائلة وأساسية ولها تداعيات سياسية بحجم حربي الشرق الأوسط وأوكرانيا. ومن دون تسمية الولايات المتحدة، دعا رؤساء المكسيك وكوبا وفنزويلا وغيرهم من زعماء أميركا اللاتينية الدول التي يسعى المهاجرون لبلوغها لوضع حد "للسياسات غير المتناسقة والانتقائية" مثل السماح بدخول حملة جنسيات معينة دون أخرى. كما حضّوا على الدول ذاتها الى توسيع المسارات القانونية والآمنة التي يمكن للمهاجرين الركون إليها للانتقال الى الدول الأكثر ثراء، وذلك في إشارة ضمنية الى السماح بانتقال العاملين الباحثين عن حياة أفضل خارج دول ينتشر فيها الفساد والفقر والعنف المرتكب من عصابات الجريمة. وتلت البيان الختامي للقمة التي عقدت في مدينة بالينكي بجنوب المكسيك، وزيرة خارجية الدولة المضيفة أليسيا بارسينا. وحضّ البيان على وضع حد "للاجراءات القسرية الأحادية" المفروضة على بعض الدول، في إشارة ضمنية الى العقوبات الأميركية المفروضة على كوبا. "توحيد الجهود والإرادة" وكان الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور كتب على منصة "إكس" مع انطلاق القمة، إن بلاده تريد "توحيد الجهود والإرادة والموارد لمعالجة أسباب ظاهرة الهجرة". وشدد على أن "هذه قضية إنسانية يجب أن نعمل متحدين بشأنها". وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، تعدّ المنطقة الحدودية بين المكسيك والولايات المتحدة واحدة من أخطر مسارات الهجرة في العالم. وهذا العام وحده وصل 1,7 مليون مهاجر إلى الحدود المكسيكية الأميركية، حيث تحولت الهجرة إلى قضية سياسية ساخنة في الدولتين اللتين تشهدان انتخابات رئاسية العام المقبل. وسُجل في شهر أيلول/سبتمبر وصول 60 ألف مهاجر إلى المكسيك من فنزويلا، إلى جانب 35 ألف غواتيمالي و27 ألف هندوراسي، وفقا للحكومة المكسيكية. واستقبل لوبيز أوبرادور نظراءه الفنزويلي نيكولاس مادورو والكوبي ميغيل دياز كانيل والكولومبي غوستافو بيترو إلى جانب مسؤولين آخرين. واجتمع القادة في ولاية تشياباس في أقصى جنوب المكسيك التي أصبحت نقطة عبور لآلاف الأشخاص القادمين من أميركا الجنوبية والوسطى ومنطقة البحر الكاريبي، في محاولة لعبور المكسيك إلى الولايات المتحدة. ووصف مهاجر في ملجأ قريب الاجتماع بأنه "قمة الظالمين"، وخص بالذكر الرئيسين الفنزويلي والكوبي. وقال الفنزويلي خورخي رودريغيز البالغ 33 عاما وهو يتابع طريقه شمالا "أعتقد أنهم سيقررون ترحيلنا جميعا". وتحت وطأة العقوبات الاقتصادية الأميركية والأزمتين السياسية والاقتصادية، فر نحو 7,1 مليون فنزويلي من بلدهم في السنوات الأخيرة، ما شكل تحديا للدول المجاورة في أميركا الجنوبية. وعاد نحو 130 مهاجرا فنزويليا من الولايات المتحدة إلى بلدهم الأربعاء على متن أول طائرة ترحيل بعد الاتفاق بين البلدين، على الرغم من أن واشنطن لم تعترف حتى الآن بشرعية إعادة انتخاب مادورو. وذكرت السلطات الفنزويلية مؤخرا أن الولايات المتحدة تعيد المهاجرين إلى أوطانهم في نحو 70 رحلة جوية أسبوعيا. وفي الوقت نفسه، عرضت إدارة بايدن مؤخرا الحماية من الترحيل على 472 ألف فنزويلي لاتاحة الفرصة أمامهم للحصول على تراخيص عمل وإقامة في غضون 18 شهرا، لكن هذا لا ينطبق إلا على الذين دخلوا قبل 31 تموز/يوليو هذا العام.
مشاركة :