أيها المبتعث أنت خيارنا

  • 10/24/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

قبل أيام معدودة تم تداول إطلاق برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث تحت شعار: (أنت خيارنا) على وسائل التواصل الاجتماعي، وأظن أنّ البرنامج يأخذ توجيهات جديدة ورؤى وتطلعات تناسب مرحلتنا الحالية التي نتّجه بها جميعاً إلى تحقيق رؤية 2030 والذي يستهدف فيها البرنامج ابتعاث نحو 70 طالباً وطالبة إلى ما يقارب من 17 دولة، وهذه الأرقام تنمّ عن توجهات تطلّعية وتحديثية، بحيث يكون العمل عليها وفق المسارات التعليمية التي تواكب مشاريع الدولة الحديثة في أفضل المؤسسات بحسب التصنيفات العالمية لتزداد فرص إلحاق الطلاب السعوديين في الجامعات الأعلى ترتيباً. ولعل ما يلفت النظر في اختلاف هذا البرنامج عن غيره في السنوات الماضية تلك المزايا التي ربما لم تكن موجودة في البرامج السابقة من قبيل أن التقديم سيكون متاحاً لجميع المواطنين دون تحديد العمر، وأنه لا يُشترط معدل محدد للمؤهل السابق، ولا يتطلب كذلك نتيجة اختبار القدرات العامة أو التحصيل؛ إضافة إلى أنه لا يُشترط امتداد التخصص في جميع المراحل الدراسية، وهذا يدل على انفتاح أصحاب القرار على المستجدات، وتسهيل فرص التحاق الشباب في برنامج الابتعاث تفعيلاً لقدرات الكوادر البشرية السعودية من فتيان وفتيات، وإدراجهم في سوق العمل وفق خبرات وشهادات تستحق الاحترام والتقدير من غير أن يعيق مسيرتهم التعليمية أي جانب من الجوانب المعيقة في سنواتٍ مضت، وهذا الأمر سيفتح فرص التعليم للكثيرين ممن أعاقتهم بعض الأمور في السابق، فالباب الآن مفتوح على مصراعيه -كما يقال- من أجل إكمال الدراسة وفق متطلبات السوق الجديدة. ما يهمني كثيراً هو ذلك الجانب الذي تتعزز فيه مشاركة كافة الفئات العمرية وكافة المناطق في السعودية، فهذا البرنامج لا يقف عند جانب واحد محدد؛ بل يشمل كافة الجوانب والفئات التي يمكن لها أن تدخل في تجربة الابتعاث، فإذا كانت تجربة الابتعاث في السنوات الماضية تأخذ منحنيات قد لا تفيد كثيراً من المبتعثين في بعض الأحيان، فإن هذا البرنامج جاء ليصحح ذلك بحيث يمكن للمبتعث أن يجد فرصة المشاركة المجتمعية بعد عودته والمشاركة في قيادة عجلة التنمية عملاً أو قيادةً أو اختراعاً وتنمية شاملة؛ فضلاً عن أن يكون المبتعثون خير سفراء ووسطاء لوطنهم مع دول العالم التي يُبتعثون إليها، إضافة إلى أن برنامج الابتعاث يفتح المجال لكافة مناطق السعودية حتى مناطق الأطراف، بحيث لا تقتصر على المدن الكبرى وتقصر الفرص عليها أو على مجالات محددة فيها؛ بل هو ابتعاث شبه شامل لكافة فئات المجتمع ومناطق المملكة، وهذه رؤية تحقق الصالح العام لكل من يجد فيه نفسه الكفاءة والقدرة على العمل والدراسة وخوض تجربة الابتعاث والتعلّم في أرقى الجامعات العالمية. إن فكرة الابتعاث نفسها هي فكرة دائماً ما تكون في صدارة الأفكار التعليمية التي تستثمر في الإنسان وتطوير قدراته ومهاراته حتى يكون المبتعث منافساً حقيقياً على المستوى العالمي، وقد نافس أبناؤنا على مراكز أولى وحققوا نجاحات كبيرة وهم في مقاعد التعليم العالم، وهذا ليس محلياً فقط وإنما عالمياً كذلك، وبرنامج الابتعاث يمكن أن يزيد من هذه المنافسة والإسهام في التنمية الاقتصادية لبلدهم السعودية الذي افتخرنا فيه كثيراً من المرات حين حقق أبناؤنا مكاسب كبيرة وإنجازات مهمة، ولذلك فإن رفع هذه الكفاءات العلمية هو رأس مال بشري حقيقي يُسهم لاحقاً في تحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز قدرات ومكانة المملكة في مستويات البحث والتطوير والابتكار وريادة الأعمال، وإعادة التأهيل وتعزيز القدرات في التخصصات المختلفة، ولعل أهمية كل ذلك أنه يرتكز على التخطيط المبكر للمبتعث في رحلته التعليمية وتطوير مسارات وبرامج المبتعثين لتعزيز تنافسية السعودية محلياً ودولياً، وإرشاد المبتعثين وتطوير الخدمات المقدمة لهم لتحقيق جاهزيتهم لدى سوق العمل أو لدى المؤسسات البحثية داخل وخارج السعودية. إنها فرصة ثمينة بالفعل لكل الراغبين في تطوير قدراتهم ومهاراتهم ومجالاتهم البحثية والابتكارية بأن يكون هذا البرنامج حافزاً لهم على المشاركة، فالدولة -رعاها الله- لم تقصّر أبداً في هذا الجانب، فضلاً عن أن لهذا البرنامج اهتمام خاص من قيادات الدولة، مما يعطي أهمية أكبر وجاهزية أعلى وخدمات أقوى من أي زمن مضى، فليس على المبتعثين إلا أن يبادروا لتحقيق طموحاتهم وطموحات وطنهم الذي منحهم كل شيء من أجل أن يبدعوا ويبحثوا ويبتكروا ويحققوا أعلى المستهدفات الوطنية والتنموية، إذ من الواضح تماماً أن هذه الدولة المعطاءة تعتمد على مواطنيها وشبابها، بوصفهم الخيار الأمثل لتنمية الوطن، لذلك كان شعار هذا البرنامج الذي يمكن أن يحمله المبتعث وساماً على صدره: أنت خيارنا.

مشاركة :