تعتبر السياحة من أهم القطاعات الاقتصادية والاجتماعية في المملكة العربية السعودية، حيث تسهم في تنويع مصادر الدخل وخلق فرص العمل والتنمية المستدامة. وتمتلك المملكة مقومات سياحية متنوعة وغنية، تشمل السياحة الدينية والثقافية والتراثية والطبيعية والترفيهية. وقد أولت المملكة اهتماماً كبيراً بتطوير قطاع السياحة، وإبراز دوره في تحقيق رؤية المملكة 2030، التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، عام 2016. وتهدف هذه الرؤية إلى جعل المملكة وجهة سياحية عالمية، تستقطب 100 مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وتسهم في رفع نصيب قطاع السياحة من الناتج المحلي إلى 10%، وتخلق أكثر من مليون فرصة عمل جديدة. وفي هذا المقال، نستعرض أبرز إنجازات المملكة في السياحة من خلال رؤية ولي العهد ٢٠٣٠، والتي تشمل: إطلاق تأشيرة السياحة لأول مرة في تاريخ المملكة، وإنشاء مشروعات سياحية عملاقة وفريدة من نوعها، وحصول المملكة على عضوية منظمة السياحة العالمية، وتسجيل عدد من المواقع التاريخية والثقافية في قائمة التراث العالمي لليونسكو، وتنظيم مواسم سياحية وفعاليات ثقافية وترفيهية متنوعة. وتُعد إطلاق تأشيرة السياحة عام 2019 أحد أهم إنجازات المملكة في السياحة، بل ولأول مرة في تاريخ المملكة، بهدف فتح أبوابها لزوارها من جميع أنحاء العالم، وإظهار جانب آخر من جوانب المجتمع السعودي. وتتوفر تأشيرة السياحة لـ49 دولة، بإجراءات سهلة وسريعة، كما يستطيع حاملو التأشيرات التابعة لدول مجلس التعاون الخليجي دخول المملكة كزائر سياحي. وقد حظيت تأشيرة السياحة باستقبال حافل من قبل الزوار الأجانب، الذين أبدوا اهتماماً كبيراً بالتعرف على المملكة وثقافتها وتاريخها وطبيعتها. المشروعات السياحية العملاقة أما عن إنشاء المشروعات السياحية العملاقة، فهذا وجه آخر من إنجازات المملكة في السياحة عبر إنشاء مشروعات سياحية فريدة من نوعها، تستهدف تقديم تجارب سياحية متنوعة ومتميزة للزوار، وتسهيل حركة التنقل بين المناطق، وتوفير خدمات سياحية عالية الجودة. وتشمل هذه المشروعات: مشروع نيوم، ومشروع قِدِّية، ومشروع العلا، ومشروع جزرفرسان. ويعتبر مشروع نيوم، عبارة عن مدينة ذكية ومستدامة تقع في شمال غرب المملكة، على ساحل البحر الأحمر، وتضم منطقتين رئيسيتين: نيوم باي، التي تضم شواطئ رملية وفنادق فخمة وأنشطة بحرية، ونيوم جبال، التي تضم جبال صخرية وغابات صناعية وأنشطة مغامرات. وتهدف نيوم إلى أن تكون نموذجاً للابتكار والتكنولوجيا والطاقة المتجددة في المستقبل. أما عن مشروع قِدِّية، فهو مدينة ترفيهية تقع في جنوب غرب الرياض، وتضم أكبر حديقة ملاهي في العالم، بالإضافة إلى منتزهات ثقافية ورياضية وطبيعية. وتهدف قِدِّية إلى أن تكون وجهة عالمية للترفيه والإثارة والإبداع. ومشروع العلا، هو مشروع سياحي ثقافي يقع في شمال غرب المملكة، ويضم مدينة العلا التاريخية، التي تعود إلى أكثر من 2000 عام، وتضم آثار نبطية وإسلامية. كما يضم المشروع فنادق فخامة فائقة، بالإضافة إلى منطقة شِبَّة، التي تضم صخورًا صحراوية ضخمة تشكل مناظر طبيعية خلابة. ومن ضمن المشاريع أيضاً، مشروع جزر فرسان، وهو مشروع سياحي بيئي يقع في جنوب غرب المملكة، ويضم 84 جزيرة تحيط بها مياه البحر الأحمر الصافية. ويهدف المشروع إلى تحويل الجزر إلى وجهة سياحية فاخرة ومستدامة، تقدم خدمات سياحية عالية المستوى، وتحافظ على التنوع البيولوجي والثقافي للمنطقة. كما يضم المشروع مشاريع تنموية وتعليمية وبحثية، تساهم في رفع مستوى المعيشة للسكان المحليين. إطلاق مواسم سياحية وفعاليات ثقافية وترفيهية بالإضافة إلى المشاريع السياحية الكبرى، أولت المملكة اهتماماً بتنظيم مواسم سياحية وفعاليات ثقافية وترفيهية متنوعة، تستهدف جذب الزوار من داخل وخارج المملكة، وتنشيط الحركة السياحية في مختلف المناطق. وتشمل هذه المواسم والفعاليات: موسم الرياض، وهو أكبر موسم سياحي في المملكة، يقام في العاصمة الرياض، ويضم أكثر من 100 فعالية ترفيهية وثقافية ورياضية، بالإضافة إلى حفلات فنية وعروض مسرحية وسيركية. كما يضم الموسم أكبر حديقة شتوية في الشرق الأوسط، تضم ألعابًا ثلجية وزلاجات وتزلجًا على الجليد. موسم جدة، وهو موسم سياحي يقام في مدينة جدة، التي تُعرف بأنها "باب الحج"، وتضم أطول كورنيش على شاطئ البحر في العالم. يضم الموسم أكثر من 150 فعالية ترفيهية وثقافية وفنية، بالإضافة إلى مهرجانات شعبية وأسواق تراثية. كما يضم الموسم أول حديقة للاستكشاف في المنطقة، تضم نباتات نادرة وحيوانات مهددة بالانقراض. مهرجان سوق عكاظ، وهو أقدم مهرجان ثقافي في المنطقة، يقام في مدينة الطائف، التي تُعرف بأنها "عروس المصائف"، وتضم أجود أنواع التفاح والورد في المملكة. يستعيد المهرجان تاريخ سوق عكاظ الذي كان يُقام قديمًا في نفس المكان، وكان يجتذب التجار والشعراء من كل بلاد العرب. يضم المهرجان فعاليات ثقافية وتراثية وفنية، بالإضافة إلى مسابقات شعرية ومعارض فنية وأسواق حرفية. حصول المملكة على عضوية منظمة السياحة العالمية وفي إطار تعزيز مكانتها كوجهة سياحية عالمية، حصلت المملكة على عضوية منظمة السياحة العالمية، التي تعد أهم منظمة دولية في مجال السياحة، وتضم 159 دولة وأكثر من 500 منظمة متخصصة. وتهدف المنظمة إلى تعزيز التعاون الدولي في مجال السياحة، وتشجيع التنمية المستدامة للسياحة، وتحسين جودة الخدمات السياحية. وقد شاركت المملكة في عدد من المؤتمرات والفعاليات التي نظمتها المنظمة، وأبدت استعدادها للتعاون مع الدول الأخرى في تطوير قطاع السياحة. تسجيل عدد من المواقع التاريخية والثقافية في قائمة التراث العالمي لليونسكو تضم المملكة عددًا كبيرًا من المواقع التاريخية والثقافية التي تشهد على تاريخها الحافل وثقافتها الغنية. وقد حرصت المملكة على حفظ هذه المواقع وإبرازها للعالم، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)، التي تُشرف على قائمة التراث العالمي. وقد تم تسجيل سبع مواقع سعودية في هذه القائمة حتى الآن، وهي: مدينة جبَّاء: هي مدينة أثرية تقع في شمال غرب المملكة، وتضم آثارًا نبطية ورومانية وإسلامية. كانت المدينة مركزًا تجاريًا وثقافيًا هامًا في الجزيرة العربية قديمًا. أشهر آثارها هو صخر جبَّاء، الذي يحتوي على نقوش بأكثر من 20 لغة. مدينة ثُجْرَ: هي مدينة أثرية تقع في شرق المملكة، وتضم آثارًا بابلية وآشورية وفارسية. كانت المدينة عاصمة لإحدى أهم الممالك العربية قديمًا، هي مملكة لحْيَان. أشهر آثارها هو قصر ثُجْرَ، الذي يُعد أول قصر إسلامي في التاريخ. مدينة دِيرِ عِيلَاء، وهي مدينة أثرية تقع في شرق المملكة، وتضم آثارًا نبطية ورومانية. كانت المدينة محطة هامة على طريق الحرير، ومركزًا للتجارة والزراعة. أشهر آثارها هو معبد دِيرِ عِيلَاء، الذي يُعد أكبر معبد نبطي في العالم. مدينة الدرعية، وهي مدينة تاريخية تقع في شمال الرياض، وتضم آثارًا عثمانية وسعودية. كانت المدينة عاصمة للدولة السعودية الأولى، ومهد للدعوة النجدية. أشهر آثارها هو قصر الطريف، الذي يُعد رمزًا للتاريخ والهوية السعودية. مدينة حائل، وهي مدينة تاريخية تقع في شمال المملكة، وتضم آثارًا عربية وإسلامية. كانت المدينة محطة هامة على طريق الحج، وموطنًا لشعراء وفلاسفة وأدباء. أشهر آثارها هو جبل أجا، الذي يحتوي على نقوش صخرية تعود إلى أكثر من 10 آلاف سنة. مدينة جدَّاء، وهي مدينة ساحلية تقع في غرب المملكة، وتضم آثارًا إسلامية وعثمانية. كانت المدينة ميناءً بحريًا هامًا، وبوابة للحجاج إلى مكة المكرمة. أشهر آثارها هو سور جدَّاء، الذي يُعد أقدم سور حجري في المنطقة. حصول المملكة على جوائز سياحية عالمية في إطار اعتراف المجتمع الدولي بجهود المملكة في تطوير قطاع السياحة، حصلت المملكة على عدد من الجوائز السياحية العالمية، التي تُمنح لأفضل الوجهات والمشاريع والخدمات السياحية في العالم. وتشمل هذه الجوائز: جائزة "أفضل وجهة سياحية ناشئة" من مجلة "فوربس"، التي اختارت المملكة كأفضل وجهة سياحية ناشئة في 2020، بناءً على تقديمها لتجارب سياحية فريدة وغير مسبوقة. جائزة "أفضل مشروع سياحي" من منظمة "غولف إنك"، التي منحت مشروع نيوم جائزتها لأفضل مشروع سياحي في 2020، بناءً على تصميمه لأول ملعب غولف في العالم يعمل بالطاقة الشمسية. جائزة "أفضل مبادرة سياحية" من مجلة "ترافل ويكلي"، التي منحت تأشيرة السياحة السعودية جائزتها لأفضل مبادرة سياحية في 2020، بناءً على تسهيلها لدخول الزوار إلى المملكة وتقديمها لخدمات سياحية متكاملة. إن إنجازات المملكة في السياحة من خلال رؤية ولي العهد ٢٠٣٠ تعكس رؤية طموحة وشاملة لتحويل المملكة إلى وجهة سياحية عالمية، تقدم لزوارها تجارب سياحية متنوعة ومتميزة، ترضي جميع الأذواق والاهتمامات. كما تعكس التزام المملكة بالتنمية المستدامة للسياحة، والحفاظ على التراث والثقافة والبيئة، والتعاون مع الدول والمنظمات الدولية في مجال السياحة. ولا شك أن المملكة ستواصل تحقيق المزيد من الإنجازات في هذا المجال، بفضل رؤية ولي العهد ٢٠٣٠، التي تُعد خارطة طريق لمستقبل أفضل.
مشاركة :