تونس - قضت محكمة تونسية بسجن رفيق عبد السلام وزير الشؤون الخارجية السابق وصهر رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي خمس سنوات، في قضية رفعها ضده البريد التونسي، تضاف إلى سلسلة طويلة من القضايا تلاحقه وهو فار خارج تونس منذ 25 يوليو 2021. ودأب عبدالسلام كما غالبية قيادات النهضة على كيل الاتهامات للدولة التونسية، دون إثباتات أو أدلة على خلفية ملاحقتهم بقضايا عديدة، لاسيما أن العديد منهم يقبع في السجون وعلى رأسهم زعيم النهضة راشد الغنوشي بناء على اتهامات تتعلق بقضايا إرهاب. وحكمت الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بتونس غيابيا بالسجن مدة خمسة أعوام مع النفاذ العاجل بحق عبدالسلام من أجل تهمة "نشر الأخبار الزائفة والإساءة إلى الغير عبر مواقع التواصل الاجتماعي". ويتمثّل ملف القضية في شكوى تقدم بها المكلف العام بقضايا الدولة ضد عبد السلام، على خلفية تصريحات تعلقت بالديوان التونسي للبريد، حيث ادعى في تدوينة نشرها مطلع فبراير/شباط 2022، أن الدولة أقدمت على الاقتطاع من مدخرات المواطنين لصرف أجور جزء من الموظفين بسبب شح السيولة المالية على حد قوله. واتهم عبد السلام، في التدوينة ذاتها الدولة بالسطو على أموال المواطنين التونسيين؛ بهدف دفع رواتب الموظفين واصفا إياها بـ"دولة الإفلاس"، وفق تعبيره. وقام البريد التونسي بتكذيب ما قاله عبد السلام، ثم قام برفع قضية ضده. وجاء الأمر بفتح تحقيق ضد رفيق عبد السلام، بتهمة "نشر أخبار زائفة، والحمل على الاعتقاد بوجود عمل إجرامي من شأنه أن يستهدف الممتلكات العامة للمواطنين". وقررت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إحالة عبد السلام على الدائرة الجناحية بالقطب القضائي المالي في هذه القضية. وفي وقت سابق، قالت وزيرة المالية سهام البوغديري، لإذاعة "موزاييك" المحلية، إن رواتب الموظفين مضمونة، وإنه ليس ثمة أي تهديد لها. وكانت الوزيرة التونسية قد أكدت أن الوزارة تعمل جاهدة بهدف ضمان الاستقرار المالي والاقتصادي في البلاد، نافية بذلك كل ما روج له بخصوص تردي الأوضاع وعجز الدولة عن توفير السيولة المالية لصرف الأجور. يذكر أن عبد السلام، كانت قد وجهت له تهم متعلقة بتحويل "وجهة" هبة صينية سبق أن تلقتها تونس.في عام 2012 حين كان يشغل منصب وزير للخارجية في حكومة الترويكا التي قادتها حركة النهضة، حيث اتهم بتحويل مبلغ مليون دولار بعنوان هبة من دولة الصين لحسابه الشخصي، وهو ما فتح فيه القضاء تحقيقًا لا تزال حيثياته جارية، ولم يتم البت فيها ونفى الوزير السابق ما نسب إليه من تهمة الاختلاس. ورفيق عبد السلام (مواليد عام 1967)، سياسي وعضو المكتب التنفيذي لحزب حركة النهضة. انضم إلى المكتب السياسي لحركة النهضة في المهجر، وإلى مكتبها السياسي فيما بين 2001 و2007، كما كان عضو مجلسها للشورى، وانتخب في المؤتمر التاسع لحركة النهضة عضو مجلس الشورى. وقد لقي تعيينه في منصب وزير الخارجية انتقادات من قبل بعض العاملين في وزارته، باعتباره صهرا لراشد الغنوشي، وله علاقات مع قطر. وسبق أن شن هجوما لا مبرر له على الدولة التونسية والجيش إلى درجة أن حركة النهضة نفسها تبرأت من تصريحاته، التي اتهم فيها الجيش الوطني بـ"عدم الحياد"، حيث قال في تدوينة على صفحته بموقع فيسبوك "الحقيقة التي يجب أن تقال ودون مواربة هي أن مقولة حياد الجيش التونسي وابتعاده عن السياسة كذبة كبيرة لا يمكن أن تصدق، ويجب أن يتم التوقف عن ترويجها ". وأضاف أن الجيش "حرك دباباته للانقلاب على الدستور والمؤسسات، وما كان بمقدور (الرئيس قيس) سعيد إحكام قبضته على السلطة من دون دعم الجنرالات وإسنادهم ". وسارعت النهضة إلى إصدار بيان قالت فيه إنها تحترم المؤسسة العسكرية، واعتبرت أنّ ما صدر من تدوينات تجاه المؤسسة العسكرية لأحد قياديي الحركة لا تمثّلها، في إشارة إلى عبد السلام، مذكرة بأن مواقف الحزب الرسمية يعبر عنها فقط رئيس الحزب وناطقه الرسمي. وأضافت إن "مواقفها ثابتة في احترام المؤسسة العسكرية و تثمينها لدورها في حماية الثورة ومسارها الانتخابي وفي الحرب على الإرهاب". وتواجه حركة النهضة منذ الإعلان عن الإجراءات الاستثنائية في البلاد، وما تبعها من خطوات قضائية تستهدف محاسبة الفاسدين، مجموعة من الاتهامات تتعلق بإفساد المجال السياسي وتلقي تمويلات خارجية واختراق القضاء، فضلاً عن الاتهامات التي تتعلق بالإرهاب وملف الاغتيالات السياسية.
مشاركة :