بين القطة أو السنورة، كما في بعض اللهجات المحكية، علاقة تربطها بالآخر الإنسان، خاصة الإنسان البحريني الذي راح يرى فيها تمثيلاً وانعكاساً لبعض السلوكيات البشرية المشينة.. والإنسان بطبعه؛ يعتقد بأن الكون وما فيه، مرآة لسلوكيات البشر الإيجابية منها والسلبية، هذا المفهوم، يقتنصهُ الفنان البحرين الكبير إبراهيم بو سعد، ليمثلهُ خير تمثيل في معرضه الأخير القطط النائمة، الذي افتتح في جاليري بوسعد مساء الأربعاء (16 مارس)، ضمن فعاليات مهرجان ربيع الثقافة. في هذه التجربة المغايرة، يستعرض الفنان بوسعد جملة من الأعمال التي أنجزها على مدى ثلاثة أعوام، وهو من خلالها يحفر في مفاهيم جوانية في النفس البشرية؛ كالغدر، والخيانة، والكذب، والشر، والتأمر، والضياع، وهذا ما يمكن أن نستشفهُ من خلال عناوين الأعمال التي تنوعت بين هذه الكلمات المقتضبة، والعميقة الدلالة، وبين عناوين من قبيل: لا أكذب بل أتجمل، إنفلات، تأهب، قفزة الحواجز، الرماد الأخضر، حكايات الأسطح، انقضاض، وغيرها من العناوين التي تحملُ بعداً سيكولوجياً يثيرُ جوانب في نفس المتلقي للتساؤل والاستكشاف. في القطط النائمة سيكشف لك الرمز عن معانيه بكل وضوح، يقول بوسعد حول ذلك القطط النائمة، إنما هو في الأساس معن يشير إلى خلايا النفس النائمة؛ (أي سلوكيات الإنسان الكامنة فيه)، وخيرُ ما يمثل هذه الخلايا من رمز، هو القط، ويضيف القط في الذاكرة الشعبية هو رمزٌ للغدر والجحود والنكران، وهو أفضل ما يعبر عن هذه الحالات كرمزية، وكحالة نفسية، وتشكيلية، وجمالية. ويلفتُ بوسعد إلى كم الأمثال التي اقترنت بهذا الكائن في الذاكرة الشعبية، ليتابع القول عمدتُ لاسقاط مختلف السلوكيات الإنسانية السلبية على هذا الكائن، فهو يمتاز بالصفات الأخلاقية المذمومة في هذه الذاكرة، حيث لا اعتبار للعشرة و العناية و الرعاية ومد اليد له، ويضيف تم اعتماد تكوين اللوحات وبناؤها على العناصر المعمارية والموتيفات الزخرفية التي ميزت مدينة المحرق وخاصة أسطح المدينة المتراصة كأهلها الذين كانوا رمز للتماسك الاجتماعي والالفة والمحبة. فبدخول القطط النائمة وهي خلايا النفس النائمة التي تبطن غير ماتظهر.. وفي لحظة الغفلة يغرسون نصالهم المسمومة في ثنايا الجسد. إننا إذا، وكما يقول بوسعد، أمام كائن تنام وتصحو وتبعثر كل المبادئ والقيم الإنسانية. وهكذا يضعون المقاييس لشرعنة الغدر، والكذب والخيانة. يذكر أن معرض القطط النائمة ستمر حتى أبريل القادم، في صالة بوسعد للفنون بمنطقة المحرق. المصدر: سيد أحمد رضا - تصوير: نور محمد
مشاركة :