نشر موقع "ميليتري أفريكا" النيجيري المتخصص في الشؤون العسكرية، مقالاً في 20 أكتوبر الجاري جاء فيه أنه بينما يراقب العالم الصين، تقوم الهند بهدوء ببناء قواعد بحرية في أفريقيا. وذكر المقال أن التركيز الدولي على نفوذ الصين المتزايد في أفريقيا قد حجب حدثًا رئيسيًا آخر، ألا وهو استثمار الهند الإستراتيجي في القارة، حيث تبني الهند بهدوء قاعدة بحرية على جزر أغاليجا النائية في موريشيوس. ويعيش على هذه الجزر نحو 300 نسمة يعتمدون على جوز الهند والأسماك في معيشتهم. ولكن تحت هذا المظهر الخارجي الهادئ، تحدث تغيرات "تزلزل الأرض"، حيث تجري الهند تحديثا كبيرا لمنشآتها على الجزيرة الواقعة في منطقة بها أكثر ممرات الشحن ازدحاما في العالم. وفي السابق، لم يكن هناك سوى رصيف صيد ومطار صغير على الجزيرة. لكن الوضع تغير في عام 2021 بعد أن شيدت الهند مهبط طائرات كبير ومحطة على الجزيرة الشمالية الأكبر لجزر أغاليجا. وتنشر البحرية الهندية ما لا يقل عن 50 ضابطا وحارس أمن في المطار. ويوفر المطار خدمات إقلاع وهبوط طائرات الاستطلاع والطائرات المضادة للغواصات التابعة للجيش الهندي. ويشير هذا التطور إلى طموح الهند لتوسيع نفوذها في جنوب غرب المحيط الهندي وتعزيز وجودها البحري. والدافع الأهم وراء تحرك الهند هو مواجهة الوجود الصيني المتزايد في المنطقة. فقد أثار تطوير البحرية الصينية قلق العالم الخارجي، وخاصة مخاوف الدائرة الأمنية في الهند. وتقع قاعدة الدعم الخارجية الوحيدة للصين في جيبوتي، وتولي الحكومة الهندية اهتماما وثيقا بهذه القاعدة والموانئ الأخرى التي طورتها الصين في دول مثل باكستان وسريلانكا. وتشكل القضايا البحرية، بما في ذلك القرصنة والتهريب والإرهاب، محور اهتمام وثيق. وكان وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار قد قال "من وجهة نظر الهند، لدينا سبب للاستعداد للتعامل مع وجود صيني أقوى من ذي قبل". مضيفا أنه بالنظر إلى التهديدات البحرية أو القرصنة أو التهريب أو الإرهاب، فإذا لم توجد سلطة ولا إشراف ولا قوة لفرض حكم القانون فعليا هناك، فهنا تكمن المشكلة. وبالنسبة للهند، تتمتع قاعدة أغاليجا المشيدة حديثًا بالعديد من الوظائف المهمة، حيث توفر الدعم لطائرات الاستطلاع والطائرات المضادة المضادة للغواصات، وتعزز الدوريات البحرية في قناة موزمبيق، وتوفر نقطة إستراتيجية محورية لمراقبة طرق الشحن في الجنوب الأفريقي. ويشكل تعزيز وجودها في جنوب غرب المحيط الهندي جزءاً أكبر من إستراتيجية الهند الجيوسياسية. فهي تمكّن الهند من مراقبة مصالحها في المنطقة بفعالية وموازنة نفوذ الصين المتنامي. وبعيداً عن الديناميكيات الإقليمية، فإن المنافسة بين الهند والصين في أفريقيا لها أيضاً آثار جيوسياسية بعيدة المدى، حيث تعد أفريقيا جزءا مهما من مبادرة "الحزام والطريق"، وتوطيد القوة الاقتصادية والعسكرية للصين في القارة الأفريقية من شأنه أن يغير الديناميكيات العالمية بشكل جذري. وهذا من شأنه أن يقوض هيمنة الولايات المتحدة ويضع أوروبا على هامش الشؤون الدولية. وإضافة إلى الأنشطة البحرية، قدمت الهند أيضًا معدات لخفر السواحل في موريشيوس على مر السنين لمساعدته في مراقبة السواحل. وتعتبر خطوة الهند الإستراتيجية في موريشيوس علامة واضحة على محاولة نيودلهي حماية مصالحها في المنطقة ومواجهة نفوذ بكين المتزايد. وفي ديناميكيات القوة المتطورة في المحيط الهندي، لا يمكن الاستهانة بهذا الأمر.
مشاركة :