شللي عن الكتابة، وأنا الذي لم أفعل شيئاً آخر في حياتي سوى أن أكتب، هو بمثابة موت. ولكنه يبقى على كل حال موتاً صغيراً على هامش ما قد يكونه الموت الكبير الذي هو موت الوطن، بهذه العبارات اختتم المفكر السوري جورج طرابيشي رحلته مع الحياة، بعد 77 عاماً أمضاها طرابيشي بين التأليف والترجمة وعوالم الكتب والصحافة التي كانت شاهدة على غزارة إنتاجاته الأدبية، سواء في التأليف أو الترجمة، حيث عكف الراحل على ترجمة أعمال جملة من الكتاب والمفكرين والفلاسفة، مثل فرويد وهيغل وسارتر وبرهييه وغارودي وسيمون دي بوفوار وآخرين، وتجاوزت ترجماته ما يزيد على 200 كتاب في الفلسفة والأيديولوجيا والتحليل النفسي والرواية، إلى جانب عدد من المؤلفات المهمة في الماركسية والنظرية القومية وفي النقد الأدبي للرواية العربية، في الوقت الذي كان فيه الطرابيشي سباقاً في اللغة العربية إلى تطبيق مناهج التحليل النفسي. توفي طرابيشي هذا الأسبوع في العاصمة الفرنسية باريس، وولد في مدينة حلب في عام 1939. يحمل المفكر السوري الإجازة في اللغة العربية، وماجستير التربية من جامعة دمشق. عمل طرابيشي مديراً لإذاعة دمشق ورئيس تحرير مجلة دراسات عربية، كما عمل سابقاً محرراً رئيساً بمجلة الوحدة، حيث أقام فترة في لبنان، لكنه غادرها بسبب الحرب الأهلية إلى فرنسا التي أقام فيها وتفرغ كلياً للكتابة والتأليف. من أبرز مؤلفاته: معجم الفلاسفة، من النهضة إلى الردة، هرطقات، إلى جانب مشروعه الكبير الذي عمل عليه أكثر من 20 عاماً، وأصدر منه خمسة مجلدات في نقد نقد العقل العربي، كان آخرها الجزء الخامس من إسلام القرآن إلى إسلام الحديث، التي صدرت عن دار الساقي ببيروت في حدود عام 2010.
مشاركة :