ذاتَ يومٍ كنتُ متوجِّهًا للمطارِ مع صاحبِ التاكسي، الذي كانَ مُلْتَزِمًا بمسارِه الصحيح، ولكنْ انطلقت سيارة مخالفة بشكلٍ مفاجئ أمامنا، وكادت أن تصطدمَ بنا!! والغريب في الموقف، أن سائقَ السيارة الأخرى (الأحمق) أدارَ رأسه نحونا، وانطلق بالصُّراخِ والشتائمِ تجاهنا؛ فما كان من سائق التاكسي إلاَّ أنْ كَظَمَ غَيْظَه، ولوَّحَ له بالاعتذارِ والابتسامةِ!! استغربتُ من فِعْلِه، وسألتُهُ: لماذا تعتذر منه، وهو المخطئ؟! هذا الرجل كاد أن يتسبَّبَ لنا في حادثِ صِدامٍ!! هنا لقَّنَنِي سائقُ التاكسي درسًا، قال: فئة من النّاسِ مثل شاحنة النفايات -أعزَّكم الله جميعًا-، تدور في الأنحاء مُحَمَّلةً بأكوام (المشكلات بأنواعها: الإحباط، الغضب، الفشل، وخيبة الأمل، و...، و...)، وعندما تتراكم هذه النفايات داخلهم، يحتاجون إلى إفراغها في أيِّ مكانٍ قريبٍ!! فلا تجعل من نفسك مَكَبًّا للنفاياتِ، لا تأخذ الأمر بشكلٍ شخصيٍّ، فقط ابتسم، وتجاوز الموقف، ثم انطلق في طريقك، وادعُ اللهَ أن يهديهم، ويفرِّج كَربَهم، وليكن في ذلك عِبْرَة لك، واحذر أن تكون مثل هذه الفئة من النّاسِ تجمع النّفَايات، وتلقيها على أشخاصٍ آخرين في (العمل، أو البيت، أو في الطريق). في النهاية، الأشخاص الناجحون، لا يسمحون أبدًا لأولئك أعني (شاحنات النفايات) أن تستهلك يومهم، وأعصابهم، وتفكيرهم! لذلك اشكر مَن يعاملونك بلطف؛ فهم الزهرات الجميلة في الحياة، وادعُ لمَن يسيئون إليك؛ فهم بحاجة للرحمة والشفقة، وافعل هذا وذاك لوجه الله سبحانه، ونيل الأجر، وتذكّر دائمًا أن حياتك محكومة بما تفعله، وبكيفية تقبّلك، وتفسيرك لما يجري حولك! (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا، وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا).. السطور أعلاه كتبها الشيخ علي الطنطاوي -رحمه الله-، وأعادت نشرها صحيفة البلاد يوم الجمعة 11 مارس، مِن قَدِيْمها الجديد، وفيها درس تربوي رائع، لعلَّنا نُطبِّقه جميعًا؛ فالتّسَامح حياة للمجتمع! aaljamili@yahoo.com
مشاركة :