سرحان بشارة سرحان.. قاتل أم شهيد؟

  • 3/19/2016
  • 00:00
  • 54
  • 0
  • 0
news-picture

يستصرخ الشعراء العرب أبطالهم الذين في التاريخ. ونعرف أن التاريخ هو معادل الماضي. يعز علينا -نعم- أن نصف تاريخنا الأغـر بالماضي لكن هذا هو المدلول (غير العاطفي) لكلمة تاريخ. فإذن نحن بحاجة إلى أبطال من الواقع المعيش. يعيشون بيننا، يأكلون ما نأكل، ويلبسون ما نلبس ويعانون ما نعاني. ربما يكون الفارق الوحيد والمهم بيننا هو أنهم يمتلكون من الجرأة واقتحام الممنوع ما لا نملك خصوصا، ونحن أكثر البشر حرصا على الحياة، ونحن -أيضا- حريصون على صحتنا أكثر من أي جنس بشري آخر رغم علمنا أن ما عند الله خير وأبقى. بل إن هذا الأخير من شروط إيماننا بالله ومن الدلائل العامة على شخصيتنا دون متاجرة أو إعلان، وقليل من الشعراء العرب من اتخذوا أبطال قصائدهم من الناس الذين قاموا بأفعال بطولية دون حساب لما سيقوله عنهم (الآخرون). أتذكر -الآن- الفتى سرحان بشارة سرحان، الذي قام باغتيال (روبرت كينيدي) شقيق الرئيس الراحل (جون كينيدي) وكان مرشحا للرئاسة وحضر متأخرا قائلا للجماهير إنه يعتذر عن تأخيره بسبب أنه شرب قهوة (عربية) ولم يفلح في إزالة طعمها من فمه (إنها مرة.. مرة جدا، وهذا ليس غريبا فهي: عربية!) وتضاحك القوم فشعر (سرحان) شعورا فادحا بالإهانة وخرج مزدحما بردود الأفعال التي وصفها الشاعر الكبير (أمل دنقل) في قصيدته الذائعة الصيت (سرحان لا يشرب القهوة في الكافيتيريا) التي اعتبرها مشتغلون بالثقافة ردا على قصيدة مماثلة للمناضل (محمود درويش) لأن الأخير كتب قصيدة عن ذات الرجل عنوانها (سرحان بشارة سرحان يشرب القهوة في الكافيتيريا) وهي لم تكن كذلك. في قصيدة أمل سيناريو ممتاز لنية سرحان التي أخذها محمل الجد فها هو يتسكع ليلة إقدامه على قتل كينيدي ويختتم مشيته بأن اشترى (خبزا، وغـــدارة، وذخيرة!) وانتقم سرحان في الغد لكل العرب! ومنذ ذلك اليوم اختفت قصة البطل سرحان إلى اليوم. أربعون عاما لا نعرف فيها ماذا ووجه سرحان خلالها من تهم وإدانات مسبقة وتعذيب روحي ونفسي وجسدي إلى اليوم. يا الله! ألا تكفي أربعون عاما من النفي والعزلة والصمت لكي ينطق مسؤول أو كاتب عربي بالذي نما لعلمه من مصير شاب رفض أن يساء إلى (القهوة) العربية؟! وليس فقط للناس العرب! كم هو مر مصير الرجال الذين لا يطيقون السكوت عن الحق وعن العدل. إذا كان السم مرا فهو أشـــــــــــد مرارة من السم! وإن كان مصير (سرحان بشارة سرحان) مجهولا فقد يصح هذا عندنا في وطننا المترامي الأطراف المسمى بالعربي فهو لن يصح في المجتمع والتاريخ الأمريكي! وإن جرى تجاهله فإننا لا نريد استئجار (مطلعين وخبراء) أمريكان لينبشوا لنا أدراج الرؤساء الأمريكيين، ويعثروا لنا على (ورقة) النهاية بالنسبة لسرحان وهي ورقة فحسب! فماذا تقول للشعراء والمواطنين؟ وللجميع! أليس هذا نوعا من الكراهية مفروضا علينا؟! (ويرتاح ســــــــــرحان سرحان! هل أنت قاتل؟ ويكتب سرحان شيئا على كم معطفه، ثم تهرب ذاكرة من ملف الجريمة.. تهرب، تأخذ منقار طائر وتأكل حبة قمح بمرج ابن عامر وسرحان متهم بالسكوت/وسرحان قاتل) م. درويش وبهذا الشكل وعندما يصبح (السكوت/الصمت) تهمة يصبح بالإمكان إيداع الذين يسكتون في السجون الرمادية، وتصبح تسليتهم الوحيدة الممكنة الاستماع لنواح الطيور واستنشاق هواء لا يتدخل بصنعه الخفراء. إن الزمن العربي الآن يراوح بين السكون العام وفعل الانتحار، وإن روح (محمد البوعزيزي) التي لم تذهب هدرا تنتظر: الحرية كاملة! والخبزة ناضجة وغير محروقة. jalhomaid@yahoo.com

مشاركة :