الاتفاق الأوروبي- التركي حول الهجرة: محاذير قانونية وتحفظات سياسية

  • 3/19/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

حرص قادة دول الاتحاد الأوروبي على إعلان التزامهم بمقتضيات القانون الدولي ومعاهدات جنيف حول حقوق اللاجئين خلال التفاوض مع تركيا بشأن اتفاق وقف تدفق المهاجرين، في مواجهة انتقادات منظمات حقوقية وأوساط برلمانية رأت في الاتفاق صفقة قد لا تستجيب إلى مقتضيات «معاهدة جنيف» وتنتهك مبدأ «عدم ترحيل اللاجئ». وعكس كلام رئيس الوزراء التركي أحمد داود اغلو أمس، في بروكسيل عن «الجوانب القيمية الأوروبية والدولية لاحتضان اللاجئين في تركيا» حرصه الرد على انتقادات أوروبية طاولت الاتفاق. وشددت المستشارة الألمانية انغيلا مركل على «وجوب بحث وضع كل مهاجر على حدة خلال عمليات مواجهة الهجرة غير الشرعية». وأكد رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك أن الاتحاد سعى إلى أن يضمن الاتفاق مع تركيا «وحدة الموقف الأوروبي وأن يستجيب لمقتضيات القانون الدولي ويمكّن من تنفيذ استراتيجية الاتحاد الشاملة لحل أزمة الهجرة». وشارك رجال القانون في المجلس الأوروبي والمفوضية في بحث تفاصيل الاتفاق مع تركيا بهدف تحصينه ضد الشكاوى التي قد تُرفع ضده أمام محكمة العدل الأوروبية لأسباب عدة منها أن تركيا لم تصادق على كافة بروتوكولات معاهدة جنيف. وقال رئيس فرع منظمة العفو الدولية في بلجيكا إن «التشريعات التركية تمنح حق اللجوء للأوروبيين فقط وأن ٩٠ في المئة من اللاجئين السورييين في تركيا لا يتمتعون بالخدمات الأسياسية». ويمكن للاجئين الذين تُرفَض طلباتهم تقديم شكاوى ضد الاتحاد الأوروبي وتركيا إلى محكمة العدل الأوروبية والمحكمة الأوروبية لحقوق الانسان. وتنتقد كل المجموعات السياسية في البرلمان الأوروبي الاتفاق، لكن صلاحيات البرلمان ستكون محدودة في حال اعترض على الاتفاق لأنه لا يتضمن موارد مالية تُقدَم من الخزانة المشتركة. وستوفر دول الاتحاد ٣ بلايين يورو لدعم المشاريع الاجتماعية والاقتصادية في تركيا في العامين المقبلين. وقد يتضاعف المبلغ بعد تنفيذ الصفقة. وأعدت القمة الأوروبية مشروع اتفاق عرضته لاحقاً على الجانب التركي، وصفه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بالشامل لأنه سيمكن من ترحيل المهاجرين الذين يصلون الى اليونان ويتضمن أيضاً معادلة «سوري مقابل سوري» أي أن يتم توطين لاجئ سوري من تركيا في دول الاتحاد في مقابل كل سوري يُعاد من اليونان إلى تركيا. واتفقت الدول الأوروبية على احتضان ٧٢ ألف لاجئ من تركيا، على أساس طوعي، ضمن نطاق تنفيذ الاتفاق. وأكد هولاند على «وجوب أن يستجيب الاتفاق لمقتضيات القانون الدولي وحقوق اللاجئ». وتوصل القادة الأوروبيون الى مشروع الاتفاق بعد محادثات مطولة ليل الخميس - الجمعة عُرِضت نتائجها لاحقاً على رئيس الوزراء التركي أحمد داود أغلو في لقاء جمعه مع رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ورئيس المجلس دونالد تاسك. وأكد الرئيس الفرنسي أهمية «التزام تركيا مكافحة شبكات التهريب والتعاون مع أسطول حلف شمال الأطلسي من أجل استعادة المهاجرين الذين يغادرون ترابها ولا يستجيبون لشروط اللجوء». وذكّر بأن «إلغاء التأشيرة (أمام الرعايا الأتراك) مرتبط بتنفيذ تركيا ٧٢ معياراً». كما يتطلب نجاح الاتفاق من الجانب الأوروبي «توفير إمكانات كبيرة لدعم اليونان ووضع الآليات اللازمة وتنفيذ الاتفاق مع تركيا». وشرح هولاند أنه «إذا لم تتم معالجة أصل المشكلة والسبب الرئيسي لحركة اللاجئين وفرارهم من سورية، وإذا لم تمكّن المفاوضات الجارية من استمرار الهدنة والانتقال السياسي فإن تدفق اللاجئين لن يتوقف»، لكن الأزمة السورية ليست الوحيدة التي تدفع تيارات اللاجئين لأنهم يأتون أيضاً من ليبيا. وقال الرئيس الفرنسي: «إذا لم تتوصل الحكومة الليبية إلى بدء نشاطها ولم يتم وضع أجهزة أمنية تقوم بدورها وتأمين الساحل الليبي بمساعدة العملية الأوروبية التي تهدف الى تفكيك شبكات المهربين الذين يجنون أرباح هائلة من المتاجرة بالبشر، ومع تحسن الطقس، وإذا ظلت الفوضى مسيطرة، فإن حركة الهجرة لن تتوقف». وكان قادة كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا وايطاليا واسبانيا عقدوا اجتماعاً أمس، من أجل تقويم المفاوضات الجارية مع تركيا وأزمة استئناف تدفق زوارق اللاجئين انطلاقاً من سواحل ليبيا. وكان مراسل «الحياة» عاين في بداية الأسبوع عمليات الإغاثة التي تتولاها السفن الحربية الأوروبية قبالة المياه الليبية منذ تموز (يوليو) الماضي. وأنقذ الأسطول الأوروبي العامل ضمن نطاق «القوة البحرية الأوروبية» يومي الثلثاء والأربعاء الماضيين، حوالى ١٥٠٠ مهاجر أتوا على متن زوارق مطاط. وذكر رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي أمــس في بروكسيل أن دولاً في الاتحاد مثل ايطاليا ومالطا وألمانيا وبريطانيا أكدت أهمية معالجة مسببات الهجرة الأفريقية. وقال إن «السبيل الوحيد لوقف الهجرة العشوائية يتمثل في الاستثمار في الدول الأصلية للمهاجرين، وترحيل المهاجرين غير الشرعيين وأن يتولى الاتحاد الأوروبي عمليات إبعادهم». وانتقد رينزي بطء تنفيذ سياسات الاتحاد في مجالات التنميه. وكلّفت القمة، المفوضية الأوروبية بمتابعة تنفيذ الاتفاق مع تركيا. وأوضح رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشيل «أهمية وضع فرامل ووقف تنفيذ الاتفاق إذا لاحظنا عدم تنفيذ تركيا بنود إعادة توطين المهاجرين غير الشرعيين». وقال ميشيل إن دول الـ «بنلوكس» الثلاث (بلجيكا، لوكسمبورغ، هولندا) طالبت «بوضع فرامل تجعل الاتفاق مع تركيا قابلاً للتراجع عنه» إذا أخلت تركيا بالتزاماتها. وتفادت القمة الأوروبية في مرحلة أولى الإشارة مباشرة الى قضايا مفاوضات عضوية تركيا في الاتحاد، لكن مفاوضات يونكر ـ تاسك مع داود أغلو شملت طلبات تركيا والشروط الموضوعة من قبل قبرص التي هددت باستخدام حق النقض في حال عدم حصولها على تنازلات من جانب تركيا تتعلق بأزمة انقسام الجزيرة وبخاصة عدم تطبيق تركيا «برتوكول أنقرة» الذي أوصى بالتزامها السماح للسفن القبرصية بدخول مياهها الإقليمية. ولا تعترف تركيا بدولة قبرص رداً على عدم اعتراف أوروبا بدولة الأتراك في شمال الجزيرة.

مشاركة :