الاحتكار وغياب الرقابة وراء تجاهل السوق المحلي لمتغيرات التسعير العالمية

  • 3/19/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

في رصد لـ«الجزيرة» حول الدراسة التي كشفت مؤخراً عدم استجابة أسعار السلع المستوردة في السوق المحلية للتغيّر في سعر صرف الريال رغم انخفاض عملات أهم الشركاء التجاريين للمملكة أمام الريـال بحوالي 4,8 %, قال المحلل الاقتصادي فضل البوعينين، إن نتائج دراسة الأسعار وعلاقتها بمتغيرات سعر الصرف ليست مفاجئة، بل إنها باتت من ثوابت السوق السعودية، وربما لا تحتاج إلى دراسة لإثباتها فقد كتبنا عنها مراراً وتكراراً ولا أحد يريد أن يبادر لمواجهة هذا الخلل أو ربما الاستغلال الذي يمارسه المستوردون على المستهلكين محلياً. وأضاف: لو دققنا في حركة سعر الريال مقابل الين الياباني على سبيل المثال لوجدنا العملة السعودية حققت مكاسب بنسبة 30% خلال العام الماضي إلا أن تلك المكاسب لم تنعكس إيجاباً على السلع اليابانية محلياً، بل واصلت الارتفاع مخالفة بذلك المتغيرات الأساسية الحقيقية، وتحولت مكاسب الريال بعيداً عن المستهلك إلى حساب المستوردين الذين زادت هوامش أرباحهم كنتيجة مباشرة لمكاسب صرف العملة. وذكر أن انخفاض أسعار النفط وتراجع تكلفة الشحن البحري والسلع عالمياً لم تؤثر أيضاً على الأسعار محلياً، وهذا ما أكدناه في أكثر من مناسبة, مشيراً إلى أن ضعف المنافسة في السوق المحلية، بسبب احتكار القلة وضعف الرقابة على المستوردين، وعدم كفاءة السوق إضافة إلى جشع بعض المستوردين هو ما يتسبب بعزل الأسعار المحلية عن المتغيرات المؤثرة في التسعير حال انخفاض الأسعار، في الوقت الذي يسارع فيه التجار برفع أسعارهم عند ارتفاع الأسعار العالمية أو انخفاض سعر الريال حتى إنهم يطبقون ذلك على مخزون السلع المستوردة قبل الارتفاع. وأكد البوعينين، أن التجار يتسببون بشكل مباشر في تغذية التضخم المحلي بسبب سياساتهم التسعيرية غير العادلة, معتقداً بأن فتح قطاع التجزئة للاستثمار الأجنبي بنسبة 100% قد يسهم، في حال دخول الشركات العالمية، برفع كفاءة السوق وتحقيق التنافسية بما يسهم في ترسيخ العدالة التسعيرية للتجار والمستهلكين, إلا أن فرض رقابة وزارة التجارة باتت مطلباً للحد من تعسف المستوردين وتلاعبهم في الأسعار وبما يضر بالمستهلكين ونزاهة السوق، مضيفاً أن إنشاء قاعدة بيانات من قِبل وزارة التجارة والصناعة للسلع الأساسية المستوردة وربطها بالمستوردين ومستودعاتهم وأسعار الاستيراد يمكن أن يسهم في ضبط عمليات التسعير وكشف التلاعب فيها، كما أنها يمكن أن توفر معلومات قيمة عن حجم السلع الأساسية بما يساعد الوزارة على العمل الإستراتيجي لتجنب شُح السلع وخصوصاً في الأزمات. من جانبه قال الاقتصادي محمد العنقري، إن هناك أسباباً كثيرة منعت هيكلية السوق الذي تسيطر عليه محلات التجزئة الصغيرة، حيث إن تكاليفها مرتفعة كونها تشتري كميات محدودة لتبيعها فيما تسيطر على حوالي 80 إلى 85 % من السوق بينما النسبة الباقية للمحلات والشركات الكبيرة، وهو ما يتعارض مع أهمية أن تكون النسب الأكبر للمنشآت الكبرى التي تقل تكاليفها، وهو القائم بأكثر الاقتصاديات العالمية. وأضاف بأن ارتفاع أسعار العقارات نتيجة زيادة أسعار الأراضي رفعت أسعار التأجير على المحلات, وأيضاً السوق تعاني من احتكار لا بد من تفكيكه بطرق ووسائل عديدة، ويجب أيضاً النظر إلى الحلول بداية من معرفة أسعار السلع بأسواق الدول التي تستورد منها بعد خصم الضرائب وكذلك الاطلاع على ما يجري بكل مرحلة من مراحل الاستيراد حتى يتم حصر كل أسباب ارتفاع الأسعار بالسوق المحلي وتحليلها ومعالجتها. إلى ذلك أوضح الدكتور عبد الله باعشن، أن الأسواق تتجاوب مع تغيرات السياسات المالية والنقدية وتغيرات العوامل الاقتصادية وفقاً لمرونة العرض والطلب وحرية السوق والبيئة التنافسية، وبالتالي تساعد المستثمر والمستهلك في اتخاذ قراره بناء على قراءته. وأضاف: يتساءل كثيرون لماذا أسواقنا بعيده عن ذلك؟ والإجابة أنه رغم تكرار استخدام مدلولات معينة كالعرض والطلب وحرية الاقتصاد والمنافسة، إلا أن المخرجات على أرض الواقع هي احتكار القلة، وانعدام المنافسة. وقال محمد عبد الرحمن العزيب: تتأثر السلع المستوردة بعدة عوامل لتحديد الأسعار، منها: سعر عملة البلد، ارتفاع تكلفة الاستيراد من حيث الرسوم المفروضة، رسوم الشحن، تكلفة التأمين، وارتفاع تكلفة الأيدي العاملة، حيث تُعد هذه العوامل مساهمة بشكل مباشر في أسعار السلع المستوردة والتي بدورها تساهم في ارتفاع التكلفة الإجمالية على السعر النهائي، ولو أضفنا عامل رفع الدعم عن السلع من قِبل الحكومة نجد معدل قيمة السلعة مرتفعاً محلياً، والمقارنة فقط من حيث أسعار السلع عالمياً ومحلياً غير دقيق، فالسعر النهائي للسلعة بالسوق المحلية لا بد وأن يتم تقييمه وفق المعايير السابقة. ويقول العزيب: أسباب ارتفاع الأسعار داخلية وليست عالمية، فمن الناحية النظرية، يفترض أن تسجل أسعار المواد الغذائية والسلع المستوردة تراجعاً في حدود 16 إلى 17 في المائة، وقد تزداد النسبة تدريجياً نتيجة تراجع أسعار البترول، وبالتالي انخفاض تكلفة النقل والشحن، ولكن لا نتوقع هبوطاً سريعاً حيث يتحجج التجار بما لديهم من مخزون سابق تكلفته عالية، ويحتاج إلى عده أشهر لتصريفه. وأضاف: الارتفاع والهبوط يخضع لعوامل العرض والطلب وسعر الصرف والشحن والنقل، وهي على المصدر والمستورد، ولكن الاحتكار يُعد أحد الأسباب الحقيقية في الارتفاع نتيجة غياب الحماية والرقابة، مقابل طمع وجشع التجار وتلاعبهم في الأسعار. وأكد العزيب أنه لتخفيض الأسعار أو على الأقل جعلها عادلة لا بد من فتح قنوات جديدة محلية وعالمية وفك الاحتكار نهائياً، وإتاحة الفرصة لصغار التجار ودعمهم ليكون هناك منافسة حقيقية في بيع السلع المحلية والعالمية.

مشاركة :