أحمد عبدالعزيز المغلوث قبل عدة سنوات حدثني أحد الزملاء عن امتعاضه وشعوره بالسلبية تجاه عمله. كان يقول لا أجد وبصريح العبارة التقدير الذي أستحقه. أشعر وكأنني مازلت غريباً ولا أنتمي لمنظمتي. لقد أنجزت عديداً من المهام على أكمل وجه ولكن لم أشعر بالمتعة والسعادة التي اعتدتها أثناء تأديتي لعملي السابق. تلك الحالة التي مر بها زميلي جميعنا بشكل أو بآخر قد نتعرض لها من فترة لأخرى، بل قد يصل الوضع في بعض الأحيان إلى عدم الثقة في إدارات الموارد البشرية لدينا. وهنا يقودني الحديث إلى منحىً آخر وهو إيماني التام ومن واقع تخصص أن نجاح المنظمات والمنشآت مرهون بنجاح إدارات الموارد البشرية في عملية تأمين الكوادر المهنية المطلوبة لجميع إدارات المنظمة. ليس ذلك فحسب بل أيضاً يقع على عاتق الموارد البشرية مهمة اختيار المهارات الفردية التي تميِّز الأفراد في أي منظمة. إن العمل لمجرد أداء العمل لن يضفي اللمسة الإبداعية للموظف من جهة ومن جهة أخرى لن يجعل تلك المنظمة تتبوأ مكاناً في الصدارة ضمن بيئات العمل الإيجابية التي عادة ما تتميز بمفهوم الجودة الشاملة. فالجودة هنا لا تعني بالضرورة إنتاج منتجات الشركة على أعلى مقاييس الجودة العالمية؛ بل تعني أيضاً إنتاج موظفين يتصفون بصفات الجودة في أداء العمل، وهنا يكمن الفرق بين العمل بشكل احترافي أو العمل بشكل عشوائي. لذا فإن عملية الجودة لأي منظمة أو منشأة تبدأ من الموظف نفسه بداية من أدائه الدراسي ومروراً بتطويره لذاته من خلال اهتمامه بحضور الدورات وورش العمل التي يستمد منها آخر ما توصل إليه العلم في مجاله الوظيفي. وهنا عزيزي القارئ يأخذني الحديث على مستوى ومسؤولية أكبر من مجرد الحديث عن العمل داخل المنظمة أو المنشأة؛ فهنا أنا أتحدث عن مسؤولية وأمانة وطنية تهم كلا القطاعين العام والخاص على حد سواء. كلانا يا عزيزي نعلم ونعي الدور الكبير الذي تقدمه الدولة منذ نشأتها وخصوصاً في العقد الأخير تجاه التطوير والنهوض بالمجتمع والوطن؛ فبداية من برامج الابتعاث الدراسي والمهني ومن فتح جامعات حديثة في مختلف مدن المملكة ومروراً بتطوير الكفاءات العسكرية بالعمل الميداني وكذلك الاستخدام الاحترافي لوسائل التواصل الاجتماعي والاهتمام به من بعض الجهات الحكومية والخاصة. كل ذلك يجعلنا نقف وقفة مفصلية مع أنفسنا ومع أداء إدارات الموارد البشرية أو أصحاب المنشآت الخاصة في عمليات الأمانة في الاختيار لأفضل الكوادر البشرية. إن النفس البشرية دائماً ما تتطلع للتميُّز ونحن كأبناء وبنات وطن واحد نفخر بأن نكون من المتميزين ليس في حياتنا الاجتماعية أو العملية فحسب، بل أن يكون وطننا الغالي أكثر تميُّزاً وإشراقاً. ذلك المطلب لن يتحقق إن لم نؤمن من داخلنا بأننا نستحق الأفضل وتؤمن منظماتنا ومنشآتنا التجارية بنا في تحقيق الجودة الشاملة للوطن. لذلك إن الأمانة والتطوير المستمر من الموارد البشرية في أي منظمة أو منشأة تجاه موظفيها هو أمر مسلَّم به ولا يجب أن يتوقف أو يستهان به مهما كانت الظروف. أبناؤنا وبناتنا جديرون بالثقة والوطن يستحق التميز المستمر في كافة القطاعات والمنشآت كبيرة كانت أو صغيرة، امنحوهم الأمل حتى يستمتعوا بالعمل. وسأختم حديثي مستشهداً بقول سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه».
مشاركة :