كلمة «الوطن»: يؤيدون الرسوم.. ويرفضون ضريبة الشركات!

  • 3/20/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أحاط صاحب السمو أمير البلاد_ حفظه الله ورعاه_ مجلس الأمة الحالي برعايته الأبوية، كما أحاط سموه كل المجالس السابقة برعايته.. وتعاونت الحكومة مع هذا المجلس تعاوناً لم يحظ بمثله أي مجلس سابق، فنسبت إليه بطولات هي من صلب اختصاصها كالتفاوض مع دول (ولا نقول برلمانات، لأن برلمانات الدول المتقدمة تعرف حدود اختصاصها) حول الفيزا.. إلخ، وغيرها الكثير. ومع ذلك يريد هذا المجلس أن يسجل لنفسه البطولات، بينما يرمي المسؤولية بأي قرار صعب على الحكومة.. والنظام!. وللأسف.. لا يجدون في هذا أي معارضة أو احتجاج من الحكومة.. ولنأخذ برنامج الإصلاح الاقتصادي كمثال. هذا البرنامج الذي يعتمد على عدة محاور أساسية، منها: رفع الدعومات.. ومحاربة البذخ.. والخصخصة.. وزيادة الرسوم.. والأهم: فرض الضرائب على الشركات المساهمة. لنترك أثر رفع الدعم "عشوائياً" عن المواطنين البسطاء و"الخصخصة" لمقال قادم، ولنغض الطرف عن مدى الجدية بمحاربة البذخ في صرف الحكومة وفي رواتب ومزايا القياديين.. ولنركز على زيادة الرسوم ورفع الضرائب. زيادة الرسوم بطبيعتها ستقع بجلها على الطبقة الفقيرة والمتوسطة، مثل رفع رسوم تجديد رخص القيادة أو رسوم استخراج البطاقة المدنية.. إلخ. وهذه قضية لا تقلق رئاسة مجلس الأمة الموقر، ولا تقلق معظم أعضائه.. فهي تصدر بقرارات إدارية حكومية، وكأن المجلس ليس طرفاً فيها، فلا يضطر أن يبرر لنفسه أمام المواطنين. ولكن ماذا عن فرض الضرائب؟.. فهذه الضرائب ستصيب قطاع التجار، وبالأخص كبار أصحاب الشركات مباشرة، وهو أمر يؤرق رئاسة المجلس، وعدداً كبيراً من الأعضاء المستفيدين من دعم الغرفة "المعنوي" لهم، لذا فإن رئاسة المجلس في ورطة من أمرها بإقرار ضريبة الشركات. وتصادف ذلك بحملة شعبية مدفوعة الثمن، بأن إقرار الضرائب على الشركات، سيكون له تأثير مدمر على المواطنين، وسيؤدي إلى تصاعد الغضب الشعبي، وكأن المواطنين هم كبار الملاك في الشركات المساهمة الرئيسية في الدولة!. نعم سيكون هناك غضب من تطبيق ضريبة الشركات، لكنه لن يكون من المواطنين، وإنما سيكون من كبار أصحاب الأسهم الذين ستكلفهم تلك الضريبة أن يتنازلوا عن جزء كبير من أرباحهم لصالح الدولة، وللمساهمة في مسؤولياتهم برد جزء بسيط من العرفان تجاه الدولة التي لطالما أنعمت عليهم بالمناقصات والامتيازات. ومما تروجه هذه الحملات الإعلامية الموجهة أن الشركات إذا فُرضت عليها ضريبة، فإنها سترفع أسعار منتجاتها، وتحمل المواطن عبء الضريبة.. وهذا كلام يناقض أبجديات الاقتصاد، فالأسعار تتأثر بالعرض والطلب، وما دام هناك عرض وتنافس فستظل الأسعار طبيعية في متناول الجميع. إذن ما هو المخرج؟.. خاصة في التوفيق بين وعدهم مؤخراً لصاحب السمو في المعالجة الجادة للأزمة الاقتصادية، وبين رغبتهم في عدم فرض الضرائب على الشركات وفي فرض ما يفيدهم فقط، مثل الخصخصة! وقد تفتق ذهن بعضهم عن سيناريو بدؤوا بترويجه، خطوطه هي: 1. الاقتراح على صاحب السمو، أن يحل المجلس دستورياً الآن! 2. أن تقوم الحكومة بعدها بإصدار قوانين الضريبة بمراسيم ضرورة. 3. الاقتراح على صاحب السمو أن يدعو بعدها لانتخابات تشريعية مبكرة، قبل أن تتاح فرصة لأحد بالاستعداد، على أمل أن تعود وجوه كثيرة من النواب الحاليين للمجلس القادم وفي هذا يحققون أحد الهدفين: فإما أن تتراجع الحكومة عن فرض الضرائب على الشركات، وهذا ما يريدونه، فيفقد برنامج الإصلاح الاقتصادي الحكومي مصداقيته، وتقع المسؤولية على عاتق الحكومة.. وإما أن تقتنع الحكومة بسيناريو حل المجلس دستورياً، وتقوم بإصدار قوانين الضريبة بمراسيم ضرورة، وهنا يتحقق لهم ما يريدون من التجديد للمجلس الحالي (أو أغلب أعضائه) مرة أخرى لأربع سنوات قادمة! هذا طبعاً مع معرفتهم مسبقاً بأن فرض ضرائب بـ"مراسيم ضرورة"، خلال فترة حل المجلس دستورياً، سيبطل لعدم توفر الضرورة (حالها كحال هيئة مكافحة الفساد وقانون الشركات)، خاصة وأن تطبيق أي قانون ضريبة يحتاج لأشهر قبل التمكن من وضع لائحته التنفيذية، ما يفقده صفة الضرورة.. وبذلك يكونون قد ألغوا قانون الضريبة.. ومددوا لأنفسهم لأربع سنوات. لكن ماذا لو (وإن لو تفتح عمل الشيطان)، ماذا لو قامت الحكومة بخطوة معاكسة، فكان هناك إصرار حكومي بأنه ما دام هذا المجلس ورئاسته قد أجبروها على اتخاذ خيار مراسيم الضرورة للمحافظة على مصداقية برنامجها الإصلاحي الاقتصادي، لذا فإنها ستعطي صوتها بالمجلس الجديد لنائب آخر غير الرئيس الحالي.. عندها فقط سنرى إن كانت الرئاسة الحالية صادقة، ومتمسكة بموقفها المبدئي في معارضة قوانين الضريبة!

مشاركة :