انتخابات عمانية فاترة تنتج مجلس شورى غير مختلف عن سابقه

  • 10/30/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تناقص الحماس الشعبي في سلطنة عمان لانتخابات مجلس الشورى مأتاه التيقّن من محدودية دوره، في ظل ضيق الهامش القانوني الذي يتحرّك فيه وسقوطه مجدّدا في مسايرة الحكومة ومباركة سياساتها بعيدا عن محاولة تعديلها بما يتلاءم مع تطور المجتمع العماني وتغيّر حاجات جيله الصاعد. مسقط - أجريت الأحد في سلطنة عمان انتخابات أعضاء مجلس الشورى للفترة العاشرة، في جو من الفتور أشاعه التصويت الإلكتروني ورسّخه تراجع الحماس الشعبي لدور المجلس بعد الوقوف على محدودية دوره رغم الإصلاحات التي أقرّت سنة 2011 وأسندت إليه صلاحيات تشريعية ورقابية، وذلك تجاوبا مع حراك شهده الشارع العماني آنذاك. وانتهت في السابعة مساء بتوقيت عمان عملية التصويت عبر تطبيق “انتخاب” الذي خصصته وزارة الداخلية العمانية للعملية الانتخابية، وذلك بعد أن أدلى العمانيون خارج السلطنة بأصواتهم في الثاني والعشرين من الشهر الجاري. وأحيت انتخابات هذه الدورة بعض الجدل حول محدودية دور مجلس الشورى ومصداقية تمثيل أعضائه لناخبيهم، في ظل ضيق المساحة التي يتحرّكون فيها وتقتصر على قضايا مطلبية لا تمس جوهر سياسات السلطنة الموكولة لجهات عليا بما في ذلك السياسات الاجتماعية التي تطلّب إصلاحها قبل سنوات تدخل سلطان البلاد هيثم بن طارق. حملة انتخابية روتينية افتقرت إلى البرامج وتشابهت فيها أفكار المرشحين وتحولت إلى عملية ترويج لشخوصهم وخلال الحملة الانتخابية التي وصفت بالفاترة والروتينية أثار البعض قضية التشابه الكبير في أفكار ومقترحات المرشّحين، معتبرا أنّها لم ترتق إلى مرتبة البرامج الانتخابية. واعتبر آخرون أنّ الترويج لشخوص المرشحين بحدّ ذاتهم غلب على الحملة، مشيرين إلى وجود أهداف نفعية مباشرة لبعض المرشّحين، وللجهات التي تقف وراء البعض الآخر مثل القبائل التي دأبت على أن تكون ممثلة في مجلس الشورى ما يتيح لها التقرّب من السلطة وتبادل الخدمات معها. ويقول معارضون عمانيون إنّ سلطات البلاد، بما في ذلك الأمنية، ليست بعيدة عن عملية اختيار المرشّحين، وفي أحسن الأحوال غربلتهم عبر عمليات استبعاد من لا يحظون بثقتها، وذلك بقرارات إدارية بعيدا عن أي إجراءات قضائية. ويؤكّد هؤلاء أنّ دعوات للمقاطعة سبقت الانتخابات الحالية دون أن يظهر لها أثر في وسائل الإعلام التقليدية كونها متداولة في المجالس الخاصّة وعبر وسائل التواصل الاجتماعي. وعلى هذه الخلفية لا يتوقّع متابعون للشأن العماني أن تخرج نتائج الانتخابات التي جرت الأحد عن الدورات الثلاث السابقة التي جاءت بعد إصلاحات سنة 2011 وأن تعيد إنتاج منتَخبين تقليديين متناغمين مع السلطات ومقتصرين على مباركة سياساتها وإضفاء الشرعية الشعبية على قراراتها. وتأسس مجلس الشورى العماني مطلع تسعينات القرن الماضي ليكون بديلا عن مجلس استشاري كان موجودا منذ مطلع الثمانينات، وفي بداية العشرية الماضية عدّل مرسوم سلطاني صلاحيات المجلس لتشمل مراجعة مشروعات القوانين قبل اتخاذ إجراءات استصدارها ودراسة تطوير القوانين الاقتصادية والاجتماعية النافذة واقتراح تعديلها، والمشاركة في إعداد مشروعات الخطط التنموية والموازنات العامة للدولة. ويرى منتقدو المجلس أنّ محدودية دوره لا تشذّ عن سمة عامة في مؤسسات الدولة العمانية ككل والتي لم يعتد القائمون عليها على المبادرة ودأبوا جميعا، بمن في ذلك كبار المسؤولين، على التواكل على رأس هرم السلطة في رسم السياسات واتخاذ القرارات. وأظهرت أرقام رسمية بلوغ عدد من يحق لهم التصويت في انتخابات الأحد 753690 ناخبا، من بينهم 362844 ناخبة، وذلك لاختيار 90 عضوا لمجلس الشورى من بين المرشحين الذين بلغ عددهم 738 مرشحا، من بينهم 31 مرشحة. وتعين على الناخبين كي يتمكّنوا من الإدلاء بأصواتهم التأكد من قيد أسمائهم في السجل الانتخابي وتحميل النسخة الجديدة من تطبيق “انتخاب” مع ضرورة وجود أصل البطاقة الشخصية وهاتف ذكي مزود بكاميرتين وفيه خاصية الاتصال قريب المدى أن آف سي. معارضون عمانيون يؤكدون على أنّ سلطات البلاد ليست بعيدة عن عملية اختيار المرشّحين وفي أحسن الأحوال غربلتهم عبر عمليات استبعاد من لا يحظون بثقتها وأدلى الناخبون العمانيون بأصواتهم في 63 ولاية بالسلطنة عبر تفعيل الخاصية المذكورة والتقاط صورة للبطاقة الشخصية من الجهتين ومن ثم وضع أصل البطاقة الشخصية ملاصقة للهاتف لقراءة البيانات، وبعدها التقاط صورة شخصية للناخب لتظهر له قائمة صور المرشحين من أجل اختيار مرشحه ليظهر له في الأخير زر تأكيد التصويت. كما أتاح تطبيق «انتخاب» الذي ألغى الحاجة لصناديق الاقتراع والأوراق والأقلام لوزارة الداخلية متابعة مختلف تفاصيل العملية الانتخابية والحصول بسرعة على مؤشرات وإحصاءات سير عملية التصويت. وقالت الوزارة إنّ النسخة الثانية من التطبيق المستخدم في انتخابات الأحد أدخلت عليها تحسينات وتحديثات جديدة كميزة القراءة السمعية لذوي الإعاقة من المكفوفين ولغة الإشارة المتاحة بشكل اختياري لذوي الإعاقة من الصم والبكم. وتولّت اللجنة العليا للانتخابات برئاسة نائب رئيس المحكمة العليا الإشراف على مختلف مراحل العملية الانتخابية وصولا إلى البت في الطعون في حال وجودها. بينما قامت اللجنة الرئيسية للانتخابات التي يترأسها وكيل وزارة الداخلية بالجهد الرئيسي لعمليات الإعداد للانتخابات، بالتنسيق والتعاون مع الجهات المعنية الأخرى في إطار المهام المحددة لها بموجب القانون، ولضمان توفر كل الجوانب التنظيمية واللوجستية اللازمة لإتمام عملية الانتخابات بشفافية ويسر.

مشاركة :