المستوطنون يكثفون اعتداءاتهم على قرى الضفة تحت حماية الجيش والشرطة الاسرائيليين الطيبة (الأراضي الفلسطينية) - يستغل المستوطنون الانشغال في حرب غزة ليصعدوا من اعتداءاتهم على القرى الفلسطينية في الضفة في حملة تبدو ممنهجة لتهجير أهلها بالتوازي مع العملية العسكرية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة برا وبحرا وجوا. ويجد المستوطنون المدعومين من قادة اليمين المتطرف في حكومة بنيامين نتنياهو في انشغال العالم بما يحدث في غزة أفضل فرصة ليرتكبوا على الجانب الآخر أعنف الاعتداءات العرقية لترهيب سكان القرى واحتلالها. ويشن هؤلاء حربا على طريقهم لطرد الفلسطينيين من قراهم بينما وجدوا في العدوان على غزة ذريعة لتصعيد هجماتهم خاصة بعد أن دعم وزير الأمن الإسرائيلي ايتمار بن غفير حملة لتسليحهم بعد الهجوم المباغت الذي شنته حماس على غلاف غزة وقتلها وأسرها العشرات من الجنود والمستوطنين والأجانب. وفي 12 أكتوبر الجاري اي بعد خسة ايام من عملية طوفان الأقصى، غادر مئتان من البدو في خربة وادي السيق شرق مدينة رام الله أراضيهم ولجؤوا إلى قرية الطيبة القريبة بعد أن أمهلهم الجيش الإسرائيلي ساعة واحدة لتركها. وترك الرعاة البدو منازلهم وغادروها سيرا على الأقدام مع الماشية بعد أن وصل عشرات المستوطنين يرافقهم شرطيون وجنود إسرائيليون إلى القرية. ويقول ممثلون عن الخربة إن الجيش لم يستجب لعدة طلبات قدمت لتأجيل الإخلاء. ويقول أبوبشار الذي لجأ مع عشرات العائلات إلى الطيبة وسط الضفة الغربية "ندفع ثمن ما يحدث في بلدهم" في إشارة إلى الحرب الدائرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الثاني بين إسرائيل وحركة حماس. وشنّت حركة حماس هجوما بريا وجويا وبحريا مباغتا على البلدات الإسرائيلية على الحدود مع قطاع غزة أسفر عن مقتل 1400 شخص معظمهم مدنيون سقطوا في اليوم الأول من الهجوم، حسب السلطات التي أفادت أن مقاتلي حماس احتجزوا أيضا حوالي 230 شخصا رهائن. وردت إسرائيل بقصف مكثف على غزة. وقتل منذ ذلك الحين أكثر من ثمانية آلاف شخص في القطاع نصفهم من الأطفال، وفق آخر حصيلة أعلنتها وزارة الصحة في حكومة حماس السبت. وتشهد الضفة الغربية أيضا تصاعدا في وتيرة العنف، إذ قتل في مواجهات بين شبان فلسطينيين والجيش الإسرائيلي ومستوطنين أكثر من مئة شخص منذ بداية الحرب. ويعيش في الضفة الغربية أكثر من 490 ألف مستوطن في مستوطنات تعتبر غير شرعية بموجب القانون الدولي. وتسجل يوميا ثمانية حوادث عنف ضد الفلسطينيين من بينها الترهيب والسرقة والاعتداء وفقا لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). أما علياء مليحات التي تسكن قرية المعرجات البدوية بين رام الله وأريحا فتؤكد "لم نعد ننام، هذا كابوس". وتخشى مليحات على سكان قريتها من التهجير. وتقول "منذ بداية الحرب أصبحنا نرى المستوطنين يحملون المزيد من الأسلحة (...) الأمر صعب جدا"، مضيفة "نسأل أنفسنا ماذا سيحدث.. نعيش نكبة ثانية بسبب المستوطنين والجيش" في إشارة إلى النكبة الفلسطينية في 1948. وتتحدر مليحات من صحراء النقب التي هجروا منها أو تركوها في 1948 إلى الضفة الغربية. وفي الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967، نزح منذ بدء الحرب الحالية 7607 أشخاص أكثر من نصفهم من الأطفال وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. كما اضطر نحو 1100 شخص إلى مغادرة أراضيهم خلال العام ونصف العام الماضيين. ويقول أبوبشار الذي لا يريد سوى العودة إلى بيته فإنه "ليس لدي مكان آخر أذهب إليه. كل أغراضنا هناك، المؤونة التي نشتريها بكميات كبيرة والجرارات والألواح الشمسية". وبعد أسبوع على طردهم، سمح الجيش للسكان بالعودة لجمع أمتعتهم، لكن عند وصولهم وجدوا كل شيء مدمرا. ويقول أبوبشار "دمروا كل شيء. أكياس علف الحيوانات مرمية على الأرض". ورصدت وكالة فرانس برس منازل منهوبة وخزائن ملابس فارغة وأسرة أطفال محطمة وستائر ممزقة وأوراق وأحذية وألعاب متناثرة على الأرض مع وجود سيارات مدنية في الخربة وحولها وقد رفع العلم الإسرائيلي على عدد منها. ويؤكد أبوبشار أن كل ما يريده هو أن يتركوه يعيش بسلام إذ أنه لم يعد يحتمل، مضيفا "هناك خطة طويلة الأمد لطردنا والاستيلاء على أرضنا. انتهزوا هذه الفرصة للقيام بذلك بينما كان الجميع يراقب ما يحدث في غزة". ويوضح الناشط الإسرائيلي في مجال حقوق الإنسان غاي هيرشفيلد أن المستوطنين يكثفون جهودهم لطرد الفلسطينيين من أراضيهم منذ بداية الحرب، مضيفا "يستغل المستوطنون الحرب لإنهاء تطهير المنطقة (ج) من غير اليهود" في إشارة إلى الأراضي المصنفة (ج) أو (سي) وفق اتفاقية أوسلو الموقعة في 1993 بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، إذ تشكل تلك الأراضي 61 بالمئة من أراضي الضفة الغربية. ويشير هيرشفيلد إلى إفراغ ما مساحته 150 كيلومترا مربعا في الضفة الغربية من السكان بالفعل، مضيفا "هنا قاموا بتطهير 150 ألف دونم من غير اليهود"، معتبرا ذلك "تطهيرا عرقيا لهذه المنطقة". ويحظى المستوطنون بدعم قوي من الائتلاف الحكومي اليميني المتشدد الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في حين لا يتمتعون بدعم شعبي مماثل. وتقول رئيسة تحالف حماية الضفة الغربية أليغرا باتشيكو إن الجيش الإسرائيلي الذي ينتشر بأعداد كبيرة في الضفة الغربية "لا يتدخل دائما في عنف المستوطنين".
مشاركة :