انهارت المفاوضات الرامية للتوصل إلى اتفاق تجاري بين الاتحاد الأوروبي وأستراليا رغم التفاؤل حيالها سابقا، فيما حمّل كل طرف الآخر مسؤولية فشلها الاثنين. وتطرّقت المحادثات المضنية التي انطلقت منذ العام 2018 إلى مختلف المسائل، من المواد الكيميائية وصولا إلى مستحضرات التجميل، لكنها فشلت مرة تلو الأخرى بسبب الخلاف على قضية وصول المنتجات الزراعية الأسترالية مثل لحم البقر والضأن إلى الأسواق الأوروبية. وفي يوليو (تموز)، فشل الطرفان في التوصل إلى اتفاق خلال محادثات في بروكسل، إذ أكدت أستراليا أنها لم تحصل على ضمانة بإمكانية وصول منتجاتها الزراعية "بشكل كبير" إلى الأسواق. ومن شأن انهيار المحادثات أن يشكّل خيبة أمل كبيرة بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي يسعى للتوصل إلى اتفاقيات طموحة للتجارة الحرة مع كبرى الأسواق العالمية، بما فيها الهند وبلدان أميركا اللاتينية المنضوية في مجموعة ميركوسور. أفاد وزير الزراعة الأسترالي موراي وات الاثنين بأن مفاوضي الاتحاد الأوروبي تمسكّوا بموقفهم في آخر جولة محادثات عُقدت على هامش اجتماع لمجموعة السبع في اليابان. وقال لشبكة البث الوطنية "أيه بي سي" "للأسف لم نحصل على التحرّك اللازم من جانب الاتحاد الأوروبي". تبعد وات بأن تستأنف المحادثات خلال "دورة البرلمان الحالية" مشيرا إلى أن الحكومة الأسترالية قد لا تعود إلى طاولة المفاوضات قبل انتهاء انتخابات العام 2025 العامة. وأضاف وات "أعتقد بأن بعض الوقت سيمر قبل تمكن أي حكومة أسترالية أو قيادة في الاتحاد الأوروبي من التفاوض على اتفاق. إنه أمر مؤسف نوعا ما". بدوره، بدا أن مفوّض التجارة في الاتحاد الأوروبي فالديس دومبروفسكيس يحمّل أستراليا المسؤولية، ما يشير إلى احتمال أن تكون كانبيرا تراجعت عن التزامات سابقة. وقال "للأسف، لم يتمكن شركاؤنا الأستراليون من التعاون على أساس نقاط متفق عليها تم تحديدها في الماضي". وشدد دومبروفسكيس على أن بروكسل قدّمت "عرض وصول إلى السوق الزراعية يحمل أهمية تجارية". وأضاف أن "المفوضية الأوروبية ما زالت منفتحة على مواصلة المفاوضات". وذكر ناطق باسم المفوضية الأوروبية بأن أستراليا "أعادت طرح مطالبات زراعية لم تعكس المفاوضات التي جرت مؤخرا". وأفاد مفوّض الزراعة في الاتحاد الأوروبي يانوز وجيتشوسكي على وسائل التواصل الاجتماعي "للمضي قدما، نحتاج إلى توقعات واقعية أكثر ونهج متوازن يحترم بشكل كامل سلامة مزارعينا واستدامة منظومتنا الغذائية". والأسبوع الماضي، أشار وزير التجارة الفرنسي أوليفييه بيشت إلى "تقدّم إيجابي"، ما يعزز الآمال حيال إمكانية التوصل إلى اتفاق. واختلف الطرفان بشأن حد فتح أوروبا أسواقها أمام صادرات لحم الضأن والبقر والسكر من أستراليا. وارتبطت مشكلة أخرى بالنسبة لأستراليا بمؤشرات جغرافية في الاتحاد الأوروبي تتعلّق بمنتجات مثل أجبان الفيتا والبارميزان والبروسيكو، لكن مسؤولي الاتحاد الأوروبي قالوا إنه تم تقديم تنازلات تمكن المنتجين الأستراليين من مواصلة استخدام المصطلحات بشروط معيّنة. في الوقت ذاته، تطالب أوروبا بالوصول بشكل أفضل إلى رواسب "المعادن الضرورية للغاية" المتوفرة بكثرة في أستراليا، لتخفيف اعتمادها على روسيا والصين في مكوّنات رئيسية لمنتجات مرتبطة بالطاقة النظيفة مثل توربينات الرياح وبطاريات السيارات الكهربائية. وكان من شأن الاتفاق أن يقدّم فرصا متنوعة للطرفين. وتبدي أستراليا اهتماما بفتح أسواق التصدير لمنتجاتها الزراعية وتلك المرتبطة بالتعدين لخفض اعتمادها على الصين. ويعد الاتحاد الأوربي ثالث أكبر شريك تجاري لأستراليا بعد الصين واليابان. أما أستراليا، فهي 18 أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي.
مشاركة :