الموت والجوع.. ثنائية الرعب في غزة

  • 10/31/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

«لا نعرف إن كان أطفالنا يبكون رعبا أو جوعا، ولا نعلم إن كان مصيرنا الموت بصاروخ أو من الجوع، وفي الحالتين نشعر أن النهاية قريبة جدا، إذ تنهال الصواريخ علينا كالمطر» بهذه الكلمات الحزينة تحدث محمد أحد سكان قطاع غزة، في تحقيق ميداني نقلته قناة (الحرة) الأمريكية، في ظل الحصار الخانق الذي فرضته إسرائيل على القطاع، وصواريخها المدمرة التي لا تتوقف. يقول بنبرة مبكية «نحن محرومون من كل شيء بكل ما للكلمة من معنى، من الشبع والارتواء والكهرباء والإنترنت، من النظافة والنوم بأمان ولو لساعة واحدة في اليوم، ما يزيد عن ثلاثين شخصا نسكن في منزل لا تتعدى مساحته ستين مترا، نترقب دورنا في سقوط صاروخ علينا والسؤال الذي لا يفارق أذهاننا فيما إن كان سيتم انتشالنا من تحت الأنقاض أم أنها ستكون قبورا لنا». مذاق الحليب تقول الصحفية اللبنانية أسرار شبارو في تفاصيل تحقيقها الميداني «إن صغيري محمد الذي يسكن مع أسرته وأقاربه في مخيم النصيرات جنوبي مدينة غزة، نسيا مذاق الحليب، فسعر الكيس منه ارتفع من 6 شيكل أي حوالي الدولارين، إلى خمسة دولارات، وفوق هذا نادرا ما يمكنه العثور عليه، أما الأولاد والكبار فنسوا طعم اللحوم والدجاج، حيث إن المزارع على حدود غزة، بالتالي لا أحد يجرؤ على قصدها هذا إن توفر لديه المال، وحتى الغاز لطبخها غير متوفر». وتنقل عن محمد قوله «لم أتفاجأ من خبر اقتحام مواطنين لمستودعات الأونروا، فالجوع قاهر، وبيوتنا فارغة إلا من رحمة الله، فحتى العدس والأرز باتا حلما صعب المنال، ومن يصدق أننا لا نأكل سوى الزعتر، وإن توفر الخيار والبندورة». يتوجب على الشاب الثلاثيني الانتظار لما يزيد عن ست ساعات للحصول على ربطة خبز لا تكفي لتناول فطور سكان منزله، وخلال الانتظار في الطابور تقع العديد من الإشكالات بين الزبائن، ما يزيد الطين بلّة، بحسب وصفه. نحن جياع عبارات الجوع ترددت كثيرا على آذان المستشار الإعلامي للأونروا في غزة، عدنان أبو حسنة، خلال زيارته مراكز إيواء في اليومين الماضيين، ويقول: «80%من سكان غزة تحت خط الفقر، يعتمدون على المساعدات الإنسانية، ومعظمهم «عمال مياومين»، وما اقتحام المستودعات إلا دليل على أننا بدأنا في مرحلة الانهيار الكبير، فالناس لا يجدون ما يأكلونه ويشربونه». حدثت عملية اقتحام مواطنين لمستودعات القمح كما يقول أبو حسنة، «في اليوم الذي قطعت فيه الاتصالات عن غزة، حيث شعر الناس أنهم متروكون وحيدون لمصيرهم في هذا العالم، من دون أن يبرر ذلك ما قاموا به، مع العلم أن المستودع الرئيس للأونروا وهو أكبر مستودعاتها في الشرق الأوسط يقع في رفح، لم يقترب منه أحد». فقد سكان غزة كل شيء، وبحسب أبي حسنة «منهم من كانوا من كبار أصحاب رؤوس الأموال، وجدوا أنفسهم فجأة قد خسروا ما يملكونه وأصبحوا نازحين في مدارس الأونروا التي تضم الآن 630 ألف نازح». خوف وإحباط ووفقا للتحقيق، بعد اقتحام المستودعات، قال مدير شؤون الأونروا في قطاع غزة، توماس وايت، «هذه علامة مقلقة على أن النظام المدني بدأ ينهار بعد ثلاثة أسابيع من الحرب والحصار المحكم على غزة، الناس خائفون ومحبطون ويائسون، وتتفاقم التوترات والخوف بسبب انقطاع خطوط الهواتف والاتصالات عبر الإنترنت. إنهم يشعرون بأنهم بمفردهم، معزولون عن عائلاتهم داخل غزة وبقية العالم». الإمدادات في الأسواق تنفد، في حين أن المساعدات الإنسانية القادمة إلى قطاع غزة على متن شاحنات من مصر غير كافية، بحسب وايت معتبرا أن «النظام الحالي للقوافل متجه نحو الفشل، إن قلة الشاحنات، والعمليات البطيئة، وعمليات التفتيش الصارمة، والإمدادات التي لا تتناسب مع متطلبات الأونروا ومنظمات الإغاثة الأخرى، والأكثر من ذلك الحظر المستمر على الوقود، كلها وصفة لنظام فاشل. إننا ندعو إلى خط تدفق منتظم وثابت للإمدادات الإنسانية إلى قطاع غزة للاستجابة للاحتياجات خاصة مع تزايد التوترات والإحباطات». كارثة منتظرة يرى أبو حسنة أن غزة أمام كارثة كبرى متوقعة أنها ستشهد مجاعة وانهيارات كبرى، فكمية الوقود لدى الأونروا تكفي ليومين أو يومين ونصف اليوم، وإذا لم يتم السماح بدخول المحروقات ستتوقف محطات تحلية المياه والمخابز والمستشفيات كوننا المزود الآن لهذه المادة، كما ستتوقف الأونروا عن القيام بمهامها وهنا الطامة الكبرى، فهي الجسم الوحيد الذي بقي متماسكا حتى اللحظة». ويؤكد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أن ما يحدث جريمة بموجب اختصاص المحكمة الدولية، مشيرا إلى أنه يمثل عقابا جماعيا على أطفال ونساء وشيوخ أبرياء. رعب الأطفال يضيف الغزاوي سعيد «حتى الآن نجونا من موت محقق، فقبل أسبوعين انتقلت وعائلتي من حي الرمال شمال غزة إلى دير البلح وسط المدينة، وإذ بالمبنى المقابل لنا يتعرض للقصف عند الساعة الرابعة فجرا، ما أدى إلى تطاير أبواب ونوافذ وستائر المنزل الذي نسكنه وزاد غبار الركام من عتمة المكان، ارتعب أطفالي وأقاربي، سارعنا للابتعاد عن الحي، قطعنا مسافة خمسة كيلومترات، انتظرنا لساعات في العراء حتى هدأ القصف، قبل أن نعود أدراجنا ونلملم آثار الدمار». ضحايا غزة خلال 25 يوما: 3542 طفلا شهيدا 8525 شهيدا 2187 امرأة شهيدة 2300 مفقود 1.4 مليون نازح 121 ألفا في المستشفيات

مشاركة :