رثاء: لا نور بعدك يا نور

  • 11/1/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

لا أدري يا ريحانة الفؤاد إن كان قلمي سيطاوعني هذه المرة كي أبث حزني وشكواي على فراقك الأبدي وأنتِ في ريعان شبابك؟ وأنا الذي كم كتبت من الرثاء في حق الأحبة والأصدقاء والمقربين لهم الذين عصرتني بهم الحياة بالإضافة إلى بعض الشخصيات في البلاد والعالم بأسره من أدباء وفنانين ورجال سياسة حينما كان هذا القلم يسابق بنات أفكاري في رصد ما جبلوا عليه، وما عرف عنهم، وحضورهم الذي كانوا يملكون فيه الزمان والمكان. أما الآن فإنني أرى يا دنياي أن هذا القلم غير معترف برحيلك، فيعاند رثاءك وحصر مناقبك وسجاياك التي سحرتِ بها كل من أسعده الزمان بمعرفتك، فكنتِ كالفراشة التي تبعث الحياة في الجلسات العائلية، وكنتِ في العمل مهندسة كالمعلم المحترف، أما المناسبات التي يكون للأطفال نصيب فيها فقد كنتِ مهندسة أيضا تقيسين وبكل جدارة أبعاد وحدود ورغبات كل منهم، لدرجة أنهم يودون إيقاف عقارب الساعة كي يستمروا في ترجمة براءتهم. كنت يا ملاكي أدرك تماماً أن الله سبحانه يستعجل خياره من العباد، فكان لا بد أن تدفعي ثمن هذه الحقيقة، فشعورك الدائم بمعاناة المحتاجين، وكرمك اللا محدود لتغذية هذا الشعور، ووفاؤك المتدفق للمقربين والصديقات، وفوق كل هذا وذاك خوفك الدائم من الله، كل ذلك كان يتجلى لديك من خلال أداء أوامره والكف عن نواهيه. إن عزائي يا توءم روحي بفراقك هو أنك في عليين، وكما بشّرنا رسولنا الكريم الذي قال إن المبطون يأتي شهيداً يوم القيامة، وما هذا المرض الخبيث الذي قضى على زهرة شبابك إلا ما أنبأ عنه شفيع الأمة. وأخيراً يا غاليتي إذا كنتِ قد ترجمتِ كرمك الحاتمي المعهود علينا بأغلى زهرتين نشتم منهما عبيرك القادم من الجنان، فإن الريم والمها ستبقيان خير خلف لخير سلف، وستكونان عندي بمنزلة الصدقات الجارية، وسننهل منها شهدك الذي لن ينضب. إن العين لتدمع، وإن القلب ليخشع، وإنا على فراقك يا نور يا أم ريم لمحزونون ومكلومون حتى نلقاك يوم يبعثون.

مشاركة :