القاهرة - لمس الفنان التشكيلي محمد عبدالجليل الشهير بجاليليو تفاصيل مختلفة في الحارات المصرية القديمة، تميزها عن الحياة في التجمعات السكنية الحديثة، فقرر أن يعود إليها بريشته ويحييها على أسطح لوحاته، ويحكي سرديتها في معرض أطلق عليه عنوان ”في الحارة”، وهو بالفعل معرض يأخذ المتلقي في رحلة نحو عوالم لا يمكن أن يشاهدها إلا في الحارة. هذه العوالم رسمها الفنان وهو يتأمل سور القلعة الشهير ويتنقل من حارة إلى أخرى، محاولا رصد العلاقات الإنسانية بين قاطني الحارة والتي هي علاقات غير موجودة بأماكن أخرى، فضلًا عن شكل البيوت المبنية دون تخطيط، بشكل فطري، وألوان وأحجام مختلفة، حيث يقول “يمثل بالنسبة إليّ علاقات تشكيلية جميلة أشعر بالحركة فيها وتخدم التصميم في العمل”. المعرض الذي يستمر حتى الرابع من نوفمبر الجاري يضم 40 لوحة بين الزيت والأكريليك والباستيل بمقاسات مختلفة أغلبها تم إنتاجها خلال عملية رسم مباشر من الطبيعة بأوقات مختلفة، لوحات تعبر كلها عن تفاصيل الحارات المصرية القديمة والأحداث اليومية التي تدور بين أزقتها والعلاقات المتشابكة بين سكانها، وهيئاتهم ومنظومة اللباس الخاصة بهم والتي تكشف جذورهم وهوياتهم. في بعض اللوحات هناك تصوير للبيوت المتجاورة بألوانها المختلفة وأحجامها وعشوائيتها، ومن أسفلها الورش والمحال الصغيرة، فضلاً عن مركبات التوك توك والسيارات القديمة والدراجات البخارية وقطع الأثاث المتهالك المُلقى في الشوارع، بالإضافة إلى الشخصيات الموجودة في الحارة من الباعة المتجولين إلى الأطفال الذين يلعبون أو يتشاجرون في الشوارع. 40 لوحة تعبر كلها عن تفاصيل الحارات المصرية القديمة والأحداث اليومية التي تدور بين أزقتها والعلاقات المتشابكة بين سكانها يقول الفنان “الحارة هي عالم صغير يجمع بين الفقر والثراء، يعيش فيه الجميع جنبا إلى جنب مترابطين كحلقات سلسلة متجانسة. في الحارة تتجلى تفاصيل الحياة بين ضجيج الباعة الجائلين وأصواتهم التي تترد في الهواء. في الحارة امتزجت الألوان والروائح، في سوق مفتوح للأحلام والأماني. في الحارة يتراقص الأطفال حول الكرة، تتبعهم ضحكاتهم الصافية على وقع نغمات الموتوسيكلات والتكاتك. في الحارة يختزن كل منزل أسراره فلا تفصلنا أبوابه عن بيوت الجيران بل الكل مالكون للحارة التي امتزجت فيها أنفاسنا. في الحارة انتشرت الذكريات كأوراق شجر. كل بيت في هذه الأزقة يحمل في جدرانه لحن الطفولة ونغمات الشباب، ذكريات سجلت على الجدران بألوان زاهية”. ويوضح أن “المشاهد في الحارة لا تنتهي حيث تمتزج الدموع بالضحكات، وتتشابك الأيام بين الفرح والحزن لتبقى محفورة في الذاكرة، فهي ليست مجرد مكان بل هي جوهرة من الذكريات الخالدة”. ويعد المعرض هو المعرض الشخصي الرابع للفنان جليليو وله العديد من المعارض الجماعية والمشاركات المحلية والدولية. وجليليو من مواليد القاهرة عام 1973، تخرج في معهد إعداد الفنيين تخصص رسم وتصميم، وتتلمذ على يد الفنان الكبير أنطون حنا جورجي وعدد كبير من الفنانين التشكيليين بوكالة الغوري. عمل بمجال الفنون التشكيلية أكثر من خمسة عشر عاما، وهو عضو جمعية أصالة لرعاية الفنون التراثية المعاصرة، وعضو الجمعية الأهلية للفنون الجميلة.
مشاركة :