وصارت خطوط الجبهة مستقرة إلى حد كبير منذ نحو عام، رغم الهجوم المضاد الكبير الذي أطلقته القوات الأوكرانية في مطلع حزيران/يونيو ولم يسفر حتى الآن سوى عن مكاسب محدودة للغاية. ومنذ أسابيع، عاد الجيش الروسي إلى الهجوم حول أفدييفكا في الشرق وقرب كوبيانسك في الشمال الشرقي، من دون تحقيق مكاسب كبيرة. وأدت الهجمات من الجانبين إلى خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، ترفض كييف وموسكو تحديدها. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين "كلا، لم يصل إلى طريق مسدود". وأضاف أن "روسيا تواصل بثبات تنفيذ العملية العسكرية الخاصة. ويتعين تحقيق جميع الأهداف التي وُضعت"، مستخدما عبارة الكرملين لتسمية التدخل العسكري الواسع في أوكرانيا. تأتي تصريحات بيسكوف ردا على مقابلة لوسائل إعلام بريطانية مع قائد أركان الجيش الأوكراني الجنرال فاليري زالونجي الذي قال إن الجانبين وصلا إلى طريق مسدود على الجبهة المترامية. وقال لصحيفة إيكونوميست "تماما مثل الحرب العالمية الأولى، وصلنا إلى مستوى التكنولوجيا الذي يضعنا أمام طريق مسدود ... على الأرجح لن يكون هناك اختراق كبير"، ما يقلل الآمال في تحقيق انجاز في الهجوم المضاد الأوكراني. "لا نملك ما يكفي" وبحسب زالونجي، فإن الخروج من هذا "المأزق" على الجبهة لا يمكن تحقيقه إلا من خلال طفرة تكنولوجية قادرة على تجاوز قدرات الخصم. لكنه شكك في جدوى طائرات إف-16 التي تطلبها أوكرانيا من حلفائها الغربيين منذ أشهر على أمل مواجهة التفوق الجوي الروسي. وأكد القائد العسكري الأوكراني أن "هذه الحرب لا يمكن كسبها بأسلحة الجيل السابق والأساليب التي عفا عليها الزمن"، مشيرا إلى أن حرب الخنادق الجارية حاليا قد "تستمر لسنوات وتثقل كاهل الدولة الأوكرانية". وحذر فاليري زالونجي قائلا "عاجلاً أم آجلاً، سوف ندرك أننا ببساطة لا نملك ما يكفي من الناس للقتال". ولم يتحرك خط الجبهة الممتد لأكثر من ألف كيلومتر، إلا لماما منذ عام تقريبا مع استعادة الجيش الأوكراني السيطرة على مدينة خيرسون في تشرين الثاني/نوفمبر 2022. وقال المتحدث باسم الجيش الأوكراني أولكسندر شتوبون الخميس إن عدد الهجمات الروسية "انخفض قليلاً" حول أفدييفكا في شرق أوكرانيا، حيث تشن القوات الروسية هجمات مكثفة منذ أسابيع. وأضاف شتوبون "يواصل العدو محاولته محاصرة أفدييفكا، ولكن بطريقة أقل كثافة في الوقت الحالي". تقع هذه المدينة الصناعية قرب خط المواجهة منذ عام 2014، وهي تبعد ثلاثة عشر كيلومتراً شمال دونيتسك، عاصمة الإقليم الخاضع لسيطرة موسكو والذي أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضمه إلى روسيا قبل عام. وقالت أوكرانيا التي تعتمد على شحنات الأسلحة الغربية في مجهودها الحربي، إنها تخشى هذا الشتاء من حملة جديدة من القصف الروسي المكثف على البنية التحتية للطاقة، ما قد يغرق السكان في الظلام والبرد. وفي مواجهة المخاوف من انخفاض الدعم الغربي، تسعى كييف حاليا إلى اقناع الشركات المنتجة للأسلحة بتصنيع العتاد والذخيرة على أراضيها. من جانبها، أقرت روسيا زيادة كبيرة في ميزانيتها العسكرية نهاية أيلول/سبتمبر، وأعلنت أنها جندت 385 ألف جندي جديد في جيشها منذ بداية العام، بعد أن حشدت 300 ألف جندي احتياطي في أيلول/سبتمبر 2022.
مشاركة :