شاء من شاء وأبى من أبى!

  • 3/21/2016
  • 00:00
  • 28
  • 0
  • 0
news-picture

في السنوات الخمس الأخيرة من عمر العرب شاعت مصطلحات عدوانية إلغائية لا تقارن مطلقا بما سبق في عصرنا الحديث، حتى أن بعض الأشخاص صاروا يمارسون الطائفية ويفرقون الجماعات ويُهدّمون مكتسبات الوحدة واللحمة الوطنية ثم يرسلوننا، مع سبق التصميم والإصرار، إلى مغبة: «شاء من شاء وأبى من أبى». وعلى هذا المنوال في الاعتداء على وجود الآخرين وحقوقهم وحرياتهم بتنا نصبح ونمسي على مطولات من الأقوال والأحاديث المكتوبة والمتلفزة التي تسدد سمومها إلى قلوب الأوطان وإلى أسباب أمنها واستقرارها وسلامة مجتمعاتها التي تحيط بها المهددات من كل جانب. في حدود علمي ليس في إسلامنا، ولا حتى في أعرافنا الوطنية والاجتماعية، أن تلقي حجارة على نوافذ الآخرين ثم تنجو بفعلتك بعد أن ارتكبتها متعمدا إيذاءهم؛ فمن شاء فليقبل ومن شاء فليرفض هذا الإيذاء إذ لا تهمك مسألة القبول والرفض هذه في قليل أو كثير. هذا يعني أنك تفتح أبوابا لحياة الغابة التي تخلصت منها البشرية منذ قرون طويلة مضت، وتخلصت منها أكثر في زماننا الذي يرعى حقوق الأفراد والجماعات وحقوق الإنسان بكل تفاصيلها الدقيقة. أما إذا كان سلاحك الدين، الذي ترتكب هذه المقولة باسمه وتحت سيفه، فلست منه في شيء، بل حتى لست قريبا من أقرب وأوضح حياضه التي تحض على الرفق والسماحة واللين والجدال بالحسنى، ليس مع مواطنيك من المسلمين فقط بل مع كافة الناس أيا كانت دياناتهم ومعتقداتهم ومشاربهم. ولذلك لا يقبل ولن يقبل في أي مكان وزمان أن تستقوي باسم الدين أو تتشح عباءته لتضع الآخرين في خانة إما معنا وإما ضدنا لتكون النتيجة، طبقا لهذا التصرف، حربا ضروسا على مظاعن دينية وفكرية تسع وتستوعب الجميع. لقد ولى إلى غير رجعة وقت الاستفراد بالرأي والتصرف إزاء شركاء الأرض والوطن في أي مكان على أساس من هذا الاستفراد الذي لا يقبل غير ذاته وفكره وجماعته، فهذا زمان يتشارك فيه الجميع، إن عقلوا وتصرفوا بحكمة، المصلحة الوطنية التي تؤمن حاضرهم وتحفظ مستقبل أولادهم. أما إذا فقدوا عقولهم وضيعوا حكمتهم فإن مصيرهم جميعا حرائق (أهلية) لا تبقي ولا تذر كالتي تحدث الآن تحت سمعنا وبصرنا. وحينها لن ينفع الناس سكوتهم على ذلك الباطل الذي صفقوا له أو تغافلوا عنه اتقاء لسيوف الإلغاء الديني والاجتماعي المسلطة على الرقاب.

مشاركة :