قُصرة، الضفة الغربية -(رويترز): يقول محمد وادي، الذي يملأه الحزن على مقتل والده وشقيقه، إن المستوطنين الإسرائيليين المسلحين في المواقع الاستيطانية المطلة على قريته في الضفة الغربية لم يعودوا يطلقون النار على الأرجل وهم يصوبون على جيرانهم الفلسطينيين بل «يطلقون النار الآن بهدف القتل». وتصاعدت أعمال العنف في الضفة الغربية المحتلة، التي وصلت بالفعل هذا العام إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من 15 عاما، بعد أن شنت إسرائيل حربا جديدة على قطاع غزة ردا على أعنف هجوم تشنه حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في تاريخ إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول. وفي 12 أكتوبر بعد أيام من هجوم حماس، قُتل والد وادي وشقيقه بالرصاص عندما اعترض مستوطنون وجنود إسرائيليون مسلحون جنازة ثلاثة فلسطينيين قتلهم مستوطنون في اليوم السابق، حسبما قال مراسلان من رويترز وثلاثة شهود آخرون. وكان هذا واحدا من أكثر من 170 هجوما للمستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين سجلتها الأمم المتحدة منذ عملية حماس. وقال وادي (29 عاما) في قرية قُصرة التي تشتهر بزراعة الزيتون «كان العرب واليهود يرشقون بعضهم بالحجارة. ويبدو أن المستوطنين في نفس عمري يحملون جميعا أسلحة آلية الآن». وأضاف أن المستوطنين المسلحين كانوا قبل عشر سنوات يطلقون النار لتخويف القرويين أو إصابتهم في أثناء المواجهات، إلا أن إطلاق النار أصبح في مقتل على نحو متزايد. ولم تتمكن رويترز من تحديد هوية من أطلق النار على والد وادي وشقيقه بشكل قاطع. وقال المسؤولون الفلسطينيون الذين حققوا في واقعة الجنازة إن إطلاق النار جاء على ما يبدو من مستوطنين وليس من جنود، وهو رأي أيده ثلاثة أشخاص آخرون كانوا يشيعون الجنازة. وقالت شيرا ليبمان رئيسة مجلس يشع، المنظمة الرئيسية للمستوطنين في الضفة الغربية، لرويترز إن المستوطنين لم يشاركوا في عمليات قتل ولا يستهدفون الفلسطينيين. وقال إيتمار بن جفير وزير الأمن الوطني الإسرائيلي اليميني المتشدد، وهو واحد من وزيرين كبيرين على الأقل في الحكومة يعيشان في المستوطنات، إنه أمر بشراء 10 آلاف بندقية لتسليح المدنيين الإسرائيليين، ومن بينهم مستوطنون، بعد هجوم حماس. ولم يرد مكتب بن جفير على طلب للتعليق عما إذا كانت الأسلحة قد وزعت بالفعل في الضفة الغربية. وقال على تويتر في 11 أكتوبر إنه تم توزيع 900 بندقية هجومية في مناطق شمال الضفة الغربية بالقرب من لبنان، وسيتم توزيع آلاف أخرى قريبا. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن هجمات المستوطنين أسفرت عن مقتل 29 شخصا هذا العام. ووقع ثمانية منها على الأقل منذ السابع من أكتوبر مما أثار قلق الفلسطينيين وخبراء الأمن الإسرائيليين والمسؤولين الغربيين. ونددت واشنطن بهجمات المستوطنين في الضفة الغربية، كما أدان الاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء «إرهاب المستوطنين» الذي ينذر «بتصعيد خطير للصراع». وتظهر بيانات الأمم المتحدة أن هجمات المستوطنين اليومية تضاعفت لأكثر من مثليها، منذ أن قتلت حماس 1400 إسرائيلي واحتجزت أكثر من 200 رهينة. ومنذ ذلك الحين، تقصف إسرائيل قطاع غزة وتتوغل فيه، ما أسفر عن مقتل ما يقرب من تسعة آلاف فلسطيني. وفي حين تسيطر حماس على قطاع غزة المحاصر، فإن الضفة الغربية عبارة عن خليط معقد من المدن الواقعة على سفوح التلال والمستوطنات الإسرائيلية ونقاط التفتيش العسكرية التي تقسم التجمعات السكنية الفلسطينية. يقول خبراء أمن إسرائيليون إن العنف المرتبط بالمستوطنين أصبح من الصعب وقفه في ظل الحرب المستمرة في غزة والقوة المتزايدة للسياسيين من اليمين المتطرف. وقال ليئور أكرمان المسؤول السابق في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) «هناك خطر داهم (من) نشطاء اليمين المتطرف في الضفة الغربية». وذكر أن المستوطنين يستغلون انتشار الجنود في غزة وشمال إسرائيل، حيث تقاتل القوات جماعة حزب الله اللبنانية، لشن هجمات دون قيود. وأردف قائلا «الجيش أكثر انشغالا الآن مما يسمح (للمستوطنين) بالعمل بحرية. وأضاف «إنهم يتلقون الدعم أيضا من ممثلي الحكومة... ما يجعل الأمر صعبا على الأجهزة الأمنية».
مشاركة :