تونس - دفعت قوات الأمن التونسية بتعزيزات كبيرة شمال العاصمة بمنطقة رواد لملاحقة عناصر إرهابية فرت من سجن المرناقية منذ الثلاثاء الماضي، في حادثة نادرة وصفها الرئيس لتونسي قيس سعيد بأنها عملية تهريب وليس هروب. وذكرت وسائل إعلام، ومصادر محلية أن قوات الأمن حصلت على معلومات عن تحصن السجناء الفارين من سجن المرناقية بمقبرة سيدي الجبالي في منطقة رواد التابعة لمحافظة أريانة حيث شهد المكان حضورا كثيرا للأمن والجيش. وأفاد شهود بـتحول قوات خاصة صباح الأحد إلى منطقة رواد فيما تحلق مروحية عسكرية في المنطقة لتعقب الإرهابيين الخمسة. وكانت المنطقة نفسها شهدت في 2014 عملية أمنية ضد سبعة عناصر إرهابية جرى تصفيتهم بعد تحصنهم بأحد المنازل. وأثارت عملية فرار الإرهابيين سجالاّ واسعا وتساؤلات حول وجود اختراقات في أجهزة الأمن ساهمت وسهلّت عملية هروبهم، وسط دعوات تطالب بفتح تحقيق. وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إيقاف مواطنين بمنطقة حي التضامن لأحد الفارين الذي يدعى "الصومالي" لكن لم يصدر أي تأكيد من السلطات الأمنية بشأن الشخص الموقوف. وفق بيان للوزارة، من بين الفارين أحمد المالكي المعروف بـ"الصومالي"، والمسجون منذ العام 2014 لضلوعه في قضايا "إرهابية" من بينها اغتيالات طالت سياسيين معارضين منهم شكري بلعيد ومحمد البراهمي عام 2013. وحكم عليه بالسجن 24 عاما وتصنفه تونس على أنه "إرهابي خطير للغاية". أما رائد التواتي، أحد الفارين الآخرين، فهو متهم بذبح شرطي عام 2014 في جبال الشعانبي قرب الحدود الجزائرية. وأصدرت محكمة تونسية هذا العام حكما بالإعدام على التواتي بعد إلقاء القبض عليه في 2019. وتقول مصادر أمنية إنه متورط أيضا في "أعنف الهجمات الإرهابية" التي هزت البلاد في العقد الماضي. وفر السجناء الخمسة المصنفين "خطرين" من السجن المدني بالمرناقية قرب العاصمة التونسية وفق ما أفادت وزارة الداخلية نهاية أكتوبر الماضي. ودعت الوزارة كافة المواطنين عند مشاهدة الفارين، أو الحصول على أي معلومات تخصهم التوجه إلى أقرب وحدة أمنية للإبلاغ عنهم. لمنع وقوع "أعمال إرهابية". والجمعة الماضية، قال الحرس الوطني التونسي إنه من المرجح أن "إرهابيين اثنين"، من بين خمسة سجناء فروا من سجنهم هذا الأسبوع، قد نفذا عملية سطو مسلح على بنك بالقرب من العاصمة تونس. وفي ظل شح التفاصيل حول الطريقة التي اعتمدها السجناء للهروب، ثارت العديد من التأويلات والتساؤلات حول مدى نجاعة المنظومة الأمنية في تونس. ووصف الرئيس التونسي الحادثة بأنها "عملية تهريب وليست فرارا"، مشيرا إلى أن تدبيرها "تم منذ أشهر طويلة". وقال سعيد في اجتماع مع وزير الداخلية، كمال الفقي، إن "ما حصل ليس مقبولا بأي مقياس"، لافتا إلى وجود "تقصير لدى عدد من الأجهزة والأشخاص ولا بد أن تتم ملاحقة المتورطين ومحاكمتهم". وفي السنوات الماضية، أصدر القضاء التونسي أحكاما بالإعدام والسجن بحق عشرات الإرهابيين، بعد أن وجهت إليهم تهم تتعلق بحمل السلاح ضد الدولة والانتماء لجماعات إرهابية، وتهديد أمن البلاد واستقرارها. وأكدت وزارة الداخلية أنه تم إشعار جميع الوحدات الأمنية بضرورة تكثيف البحث والتقصي والتفتيش السريع والأكيد بهدف القبض على الفارين. وعلى خلفية حادثة الهروب، أقالت الداخلية التونسية ثلاث مسؤولين أمنيين كبار، المدير العام للمصالح المختصة والمدير المركزي للاستعلامات العامة. وذكر المتحدث باسم هيئة السجون رمزي الكوكي أن وزيرة العدل أقالت أيضا مدير سجن المرناقية الذي فر منه السجناء، وهو أكبر السجون وأكثرها تحصينا في تونس. وعانت تونس بعد ثورة 2011 من هجمات جماعات جهادية أدت إلى مقتل العشرات من رجال الشرطة والسياح الأجانب وشخصيتين سياسيتين. لكنها تمكنت في السنوات الماضية من القبض على العناصر القيادية الرئيسية في هذه الجماعات أو قتلها. وتقول مصادر أمنية إن عناصر قليلة من فلول تنظيمي "الدولة الإسلامية" والقاعدة لا تزال تنشط في الجبال القريبة من الحدود مع الجزائر. ويعد "السجن المدني بالمرناقية" من أهم وأكبر السجون في البلاد، ويضم أخطر المجرمين الضالعين في قضايا حق عام وجهاديين فضلا عن معتقلين سياسيين معارضين للرئيس قيس سعيّد. وتقول مصادر أمنية إن عناصر قليلة من فلول تنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة لا تزال تنشط في الجبال القريبة من الحدود مع الجزائر.
مشاركة :