اعتصم الوفد الحكومي السوري في جنيف بوثيقة، حصلت «الحياة» على نصها أمس، تتضمن مبادئ عامة بينها «استعادة الجولان حتى خط الرابع من حزيران (يونيو) ١٩٦٧» ووجوب مساندة الجيش السوري في «مكافحة الإرهاب» ووقف الدول المجاورة «دعم المسلحين» في اشارة الى المعارضة، في مقابل تجاهل مطلق للحديث عن «الانتقال السياسي» أو القرار الدولي ٢٢٥٤ الذي رعته روسيا وأميركا مع مطالبة الوفد بتغير موعد الجولة المقبلة من مفاوضات جنيف لأنها تتزامن مع موعد الانتخابات البرلمانية في ١٣ نيسان (أبريل) المقبل. وأشاع الوفد الى دوائر اعلامية وديبلوماسية قريبة منه انه لم يستلم وثيقتين من المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا تتعلقان بـ «الانتقال السياسي» وجدول المفاوضات، في وقت ينتظر دي ميتسورا وفريقه إجابات خطية خلال الساعات المقبلة من وفدي الحكومة و «الهيئة التفاوضية العليا» المعارضة عن عشرات الأسئلة تتعلق بـ «الانتقال السياسي» وآلياته وخطواته وعلاقة أجهزة الأمن بالهيئة الانتقالية. وكان رئيس الوفد الحكومي السفير بشار الجعفري سلم دي ميستورا خلال لقائهما قبل يومين، وثيقة من صفحتين بعنوان: «عناصر أساسية للحل السياسي في الجمهورية العربية السورية». وتضمنت الوثيقة، التي حصلت «الحياة» على نصها باللغة العربية أمس، عشرة بنود، هي: «احترام سيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها وسلامة اراضيها ووحدتها أرضاً وشعباً وعدم جواز التنازل عن أي جزء منها والعمل على استعادة الجولان السوري المحتل حتى خط ٤ حزيران ١٩٦٧، ورفض أي شكل من أشكال التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية السورية في شكل مباشر او غير مباشر، بحيث يقرر السوريون وحدهم مستقبل بلادهم عبر الوسائل الديموقراطية من خلال صناديق الاقتراع وامتلاكهم الحق الحصري في اختيار شكل نظامهم السياسي بعيداً من أي صيغة مفروضة لا يقبلها الشعب السوري». ونصت الوثيقة أيضاً على أن سورية «دولة علمانية - ديموقراطية تقوم على التعددية السياسية وسيادة القانون واستقلال القضاء والمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وحماية الوحدة الوطنية والتنوع الثقافي لمكونات المجتمع السوري وحماية الحريات العامة»، إضافة الى «مكافحة الإرهاب ونبذ أشكال التعصب والتطرف والأفكار التكفيرية كافة باعتبار ذلك واجباً وطنياً ومؤازرة الجيش والقوات المسلحة في عملية مكافحة الإرهاب». وإذ دعت الوثيقة، التي تشبه الى حد كبير وثائق سابقة قدمت في مفاوضات «جنيف-٢» في بداية العام ٢٠١٤ «الدول كافة لا سيما دول الجوار الى ضبط الحدود والامتناع عن تزويد الجماعات المسلحة بالسلاح او المال او التدريب او الإيواء او المعلومات أو توفير ملاذات آمنة لها او التحريض الإعلامي او ارتكاب اعمال ارهابية وذلك التزامات بالقرارات الدولية ذات الصلة بمكافحة الارهاب»، حضت على «الإفادة من مناخ وقف الأعمال القتالية بدعوة المسلحين لتعزيز مسار المصالحات المحلية الجارية لوقف نزيف الدم السوري نظراً الى عدم جدوى استمرار حمل السلاح». كما طالبت «المجتمع الدولي بالمساعدة في اعادة اللاجئين السوريين الى وطنهم والعمل على تهيئة الظروف المناسبة لعودة المهجرين»، و «إلغاء الإجراءات الاقتصادية القسرية وغيرها أحادية الجانب المتخذة ضد الشعب السوري ومؤسساته»، إضافة الى «الدعوة الى عقد مؤتمر دولي يهدف الى اعادة الإعمار في سورية وانشاء صندوق دولي لهذا الغرض». والنقطة الأخيرة، التي كانت في الموقع السابع، تؤكد «الحفاظ على استمرارية مؤسسات الدولة ومرافقها كافة والارتقاء بأدائها وحماية البنى التحتية والممتلكات العامة والخاصة»، ما اعتبره معارضون بمثابة رد ضمني على مطالبة «الهيئة التفاوضية» المعارضة بـ «إصلاح او إعادة هيكلة» مؤسسات الأمن والجيش و «تفكيك» بعضها خصوصاً التي تعتبرها «أجهزة قمع». وكان دي ميستورا حض الجعفري على تقديم ورقة تتعلق بالانتقال السياسي اسوة بوثيقة «الهيئة التفاوضية» بدل النقاط العشر وأجوبة خطية عن عشرات الاسئلة وجهها له ووفد «الهيئة التفاوضية» خلال لقائه بالطرفين اليوم او غداً، في وقت نقل ديبلوماسيون واعلاميون مقربون من الوفد الحكومي عن الجعفري نفيه تسلم اي وثيقة سياسية او اسئلة من المبعوث الدولي. وقال ديبلوماسي غربي: «نفي الجعفري هو لعدم الاعتراف بهاتين الوثيقتين». لكن مصادر قريبة من الجعفري أشارت الى تعرض الوفد الى «ضعوط من دي ميستورا بما يتناقض مع مهمته كوسيط نزيه». اسئلة تفصيلية عن الانتقال السياسي وقال لـ «الحياة» ديبلوماسي غربي اطلع على وثيقة - اسئلة دي ميستورا، التي عكف الوفدان على دراستها، انها تقع في حزمتين، تتعلق الأولى بالمبادئ العامة والثانية بتفاصيل الانتقال السياسي وهيئاته بموجب صياغات فريق المبعوث الدولي الذي بات يضم المستشرف الروسي فيتالي نعومكين بقرار من دي ميستورا في اول خطوة من نوعها تتعلق بتعيين مستشار من دولة تعتبر منخرطة في النزاع. وتنطلق الحزمة الأولى، وفق الديبلوماسي الذي قرأ الوثيقة باللغة الانكليزية، من ديباجة القرار ٢٢٥٤ لتسأل عن كيفية تكريس المبادئ المتفق عليها في بيانات «المجموعة الدولية لدعم سورية» وتتضمن سيادة سورية ووحدتها وسلامة اراضيها وكيفية تطبيق مبادئ حقوق الانسان وحماية المدنيين والحاجات الضرورية لذلك، إضافة الى حماية حقوق جميع السوريين بصرف النظر عن الدين والمذهب والعرق والأحكام القانونية لذلك والحفاظ على الطابع غير الطائفي للدولة السورية والضمانات الضرورية لتحقيق سورية دولة مواطنة بعيداً من الأقليات والاغلبية. وفي الحزمة الأولى - المبادئ ايضاً، اسئلة تتعلق بضمان بقاء مؤسسات الدولة وتمثيل الجميع فيها ومشاركة المرأة في مؤسسات سورية المستقبلية وتساؤلات عن توفير الامكانية للشعب السوري كي يقرر مستقبلة وسورية المستقبلية والمبادئ الضرورية لتوفير بيئة محايدة. ولفت انتباه الديبلوماسي غوص الوثيقة في موضوع الانتقال السياسي، إذ تضمنت هذه الحزمة اسئلة عن المبادئ الاساسية التي يجب صونها خلال الانتقال وبعدها وكيفية تحقيق ذلك. وفي الحزمة الثانية، التي تضم ٢٩ سؤالاً، دخل دي ميستورا وفريقه في اسئلة تفصيلية عن الانتقال والحكم الجديد، وفق الديبلوماسي. وأضاف انها تضمنت تقديم كل طرف «فهمكم لتعبير الحكم تمثيلي وغير طائفي» ذلك في اشارة الى المادة الاولى على جدول اعمال المفاوضات بموجب القرار ٢٢٥٤، ونص ايضاً على صوغ دستور جديد واجراء انتخابات بإدارة وتحت اشراف الامم المتحدة خلال ١٨ شهراً. ونص ٢٢٥٤ على التفاوض لتشكيل «حكم تمثيلي وغير طائفي» كحل وسط بين مطالبة النظام بـ «حكومة وحدة وطنية» ومطالب المعارضة في مناسبات عدة بما في ذلك الوثيقة المسلّمة الى دي ميستورا بـ «هيئة انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة». وتشمل الأسئلة الـ ٢٨ الأمور الآتية: «ما هي مهمات ووظائف الحكم لضمان الانتقال السياسي، انسب الهيئات والآليات لاداء مهمة الحكم، كيفية تشكيل الحكم، كيف يكون الحكم شاملاً، تمثيل النساء، تمثيل الجميع، معايير المشاركة والتمثيل، العلاقة بين مؤسسات الحكم والمؤسسات الراهنة، كيفية اختيار الممثلين في الحكم، ضمان ان يكون غير طائفي». وتناولت الأسئلة ايضاً «المناطق الجغرافية» التي يغطيها الحكم الجديد وما اذا كانت «الحدود سياسية ام ادارية» في اشارة لافتة جاءت بعد ايام من اعلان كيان كردي رئيسي فيديرالية في شمال شرقي سورية. لكن الديبلوماسي اكد ان الوثيقة لم تتضمن عبارة «فيديرالية»، بل السؤال عن «المستوى المحلي واللامركزية». وفي الوثيقة، اسئلة عن «قواعد صنع القرار، ضمان ممارسة الحكم وفق مبادئ القرار ٢٢٥٤، وآليات الرقابة، كيفية ممارسة الحكم ومؤسسات الدولية، وما اذا كانت هناك ضرورة لإصلاح المؤسسات، والتغييرات اللازمة في الدستور والقانون للتقدم الى الامام، والقطاع الأمني والمطلوب فعله فيه، ومهمات (هيئة) الحكم ودورها في الإصلاح، ومؤسسات الديموقراطية، كيفية معالجة الخلافات، واستمرارية مؤسسات الحكومة مع التعديلات». وتناول السؤال ٢٧ «السلطات التي يجب ان تمارسها مؤسسات الحكم»، فيما تطرق السؤال اللاحق الى «آليات ومبادئ تنظيم ادارة مؤسسات الدولة»، مع ترك استسفارات تتعلق بعودة المهجرين وآليات تنفيذ ذلك الى الركن الأخير في الوثيقة.
مشاركة :