د. مالك الأحمد نهتم بأجسامنا أحياناً ونمارس الرياضة البدنية، وقد نشترك بنادٍ صحي، أو نتدرب داخل المنزل، وكل هذا حسن. نأكل باعتدال كما هو مفروض ونهتم بغذائنا، والبعض يعمل ريجيم ! ليحافظ على رشاقته، والكثير منا يدرس السعرات الحرارية، ويتابع وزنه باستمرار! وكل هذا جيد. قال باحث غربي: العبقرية ليست أكثر من تركيز الذهن!. إن عضلات الجسم تحتاج لتمرين، والمحافظة على الصحة تحتاج لتدريب ولكن ماذا عن المخ؟ ! يحتاج الإنسان ليدرب عقله وينشط مخه تماماً كحاجته لتحسين لياقته الجسمية. إن مخ الإنسان يكسل ويذبل ويضعف ويتعب وينشط بحسب ما يحصل عليه من غذاء موافق وتدريب مناسب. إن العقل وهو مناط التكليف يحتاج إلى تطوير وتحسين في قدراته، وتنمية في مهاراته، وهذا ممكن من خلال مجموعة من الأعمال الذهنية والأنشطة العقلية. الإسلام قدر العقل وأعطاه أهمية عظمى؛ لأنه الوسيلة المنطقية للوصول للحق والهداية. أفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ، أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلَا يَهْتَدُونَ. هل تخيلت ليلة أنك في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تسمع لخطبته، وتتفاعل مع كلماته ثم بعدها تسلم على صاحبيه أبي بكر وعمر بن الخطاب!!. التخيل والتفكير يحسن القدرات العقلية وينميها. حفظ القرآن ثبت أنه ليس فقط يحسن الذاكرة بل يطور قدرات العقل. هل جرب أحدنا أن يحل كلمات متقاطعة؟! نعم قد تكون الفكرة سخيفة لكن النتيجة ممتازة. لماذا لا تبحث عن الفروق بين الأشكال المتشابهة؟ إنها تطور قدرتك على التركيز ومهارتك في البحث والاستقصاء. الألغاز الرياضية قد تكون مملة وأحياناً صعبة.. أنا أوافقك في ذلك لكن حاول حتى تتعب ثم استرح، ثم حاول مرة أخرى حتى تصل للنتيجة المتوقعة. إن تدريب العقل يوقظ القدرات الكامنة، كما أنه يحسن من أداء العقل في الأمور العادية. لن نتوقع قفزات ذهنية لكن سنجد تحسينات ملموسة في قدراتنا العقلية. هل جرب أحدنا أن يطلق لخياله العنان ويعطيه فرصة كافية للإبحار في العوالم الحقيقية والخيالية ويرى متى يحط رحاله؟ وأين؟ بعد تلك السفرة الطويلة! انعزل وحدك في الغرفة وأبعد كافة التأثيرات المادية، وفكر في قضية معينة تؤرقك بتركيز كبير ولمدة كافية.. ستجد أنك توصلت لحلول ممتازة ونتائج طيبة تغني عن الكثير من الجهود العادية والأوقات الضائعة في الظروف الطبيعية. اخرج للصحراء في ليلة مقمرة أثناء جو معتدل ليس بالبارد وليس بالحار.. امش فترة كافية وعينك مسمرة في السماء، وعقلك من خلفها يفكر في هذا الإبداع الإلهي ويستحضر ضعفه البشري، ويستمر في التفكير وهو يسير حتى يسقط من التعب.. هذه التجربة ستجد نفعها بعد زمن يسير، خصوصاً إن تكررت في أزمان متقاربة. اجلس أمام النهر أو تمدد على شاطئ البحر، تاركاً العالم من خلفك، شاغلاً فقط عقلك بالماء أمامك من أين جاء وإلى أين يتجه؟! ماذا لو هاج البحر وطفح النهر.. استمر بالتساؤل وشغل عقلك ستجد نتائج إيجابية. بعد فترة ستتمكن من حل المشكلات بفترة أسرع، والتغلب على التحديات بصورة أيسر طبعاً بعد الاستعانة بالله والالتجاء إليه. التجارب أثبتت أن لدى الإنسان قدرات ذهنية ضخمة وهو لا يستفيد إلا من 10% من قدرات المخ لديه. أخيراً أعطِ عقلك وقتاً واهتماماً، كما أعطيت جسدك ومن قبلها روحك قيمة واهتماماً؛ بذلك تفلح وتنجح.
مشاركة :