سلطان يعلن عن إقامة مجمع للغة العربية في الشارقة

  • 3/22/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة ــ أحمد البيرق: أعلن صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، عن إقامة مجمع للغة العربية، ليكون عوناً ومسانداً للمجامع العربية في مختلف أقطار العالم العربي، وعبّر سموّه عن بالغ تقديره لرئيس جمهورية مصر العربية عبد الفتاح السيسي، على إصداره قراراً جمهورياً يتم بموجبه منح صاحب السموّ حاكم الشارقة، العضوية الفخرية في مجلس مجمع اللغة العربية، كما توجه سموّه بالشكر إلى رئيس وأعضاء مجلس المجمع، على ترشيحهم له لاستحقاق هذا المنح. جاء ذلك في كلمة لصاحب السموّ حاكم الشارقة، ألقاها صباح أمس الاثنين، في مجمع اللغة العربية بمدينة السادس من أكتوبر، في جمهورية مصر العربية، ضمن الحفل الذي أقيم بمناسبة الاحتفاء بمنح سموّه العضوية الفخرية في مجلس المجمع، وهي المرة الأولى التي يختار فيها المجمع، عضواً فخرياً فيه، منذ افتتاحه في عام 1934، وتأتي هذه الاحتفالية بالتزامن مع انطلاق مؤتمر مجمع اللغة العربية في دورته الثانية والثمانين، التي تقام في الدورة الحالية بعنوان واقع اللغة العربية في المجتمعات العربية الأسباب والمواجهة. استهل صاحب السموّ حاكم الشارقة، كلمته بقوله الحمد لله الذي أعزّنا بالإسلام ديناً، وباللغة العربية لساناً وثقافة وحضارة، الحمد لله الذي كرّم العرب، حينما اختار لغتهم لتكون لغة القرآن الكريم، باعتبارها صالحة لنشر عقيدة الإسلام وشروح القرآن الكريم وتفاسيره، فضلاً عن قدرتها على استيعاب كل المعارف وفنون العلوم وبناء الحضارة. وقال سموّه أودّ في البداية أن أعبّر عن خالص تقديري لسيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أصدر قراراً جمهورياً باختياري عضواً في هذا المجلس العريق، بناء على ترشيح حضراتكم، أنتم المؤتمنون على هذه اللغة، وقد نذرتم أنفسكم خُدَّاماً لها حريصين على شرح غامضها، وبذل كل الجهود في تسيير أمرها، وتذليل صعابها لكي تكون كما أرادها الله لغة لبناء الحضارة وتحصين الأمة حفاظاً على هويتها. وأضاف شكراً لحضراتكم على دعوتكم الكريمة لكي أكون واحداً منكم، مؤمناً بقضيتكم، مدافعاً عن رسالتكم، باذلاً كل جهدٍ لكي تكون لغتنا العربية وافية بمتطلبات العلوم والفنون، وتشييد الحضارة المعاصرة، التي لم يكن قيامها في أي مكان في العالم على حساب اللغة والثقافة والهوية، بل كانت هي الأساس المتين لبناء كل الحضارات. وعن واقع اللغة العربية في الوقت الراهن، وما اعتراها من إهمال والواجب اتخاذه اتجاهها لحمايتها وردّ هيبتها ومكانتها، قال سموّه أيها الإخوة العلماء، أصارحكم القول بأنني لم أكن أبداً بعيداً عنكم وأنتم تؤدون مهمتكم الجليلة، بل كنت دائماً أتابع أعمالكم وتفانيكم وهمتكم في سبيل أن تتبوأ لغتنا العربية المكان اللائق بها، وسط هذا الخضم الهائل والمخاطر الحقيقية التي تتربّص بأمتنا وبثقافتنا، وقد اخترتم بصبر وتؤدة الدفاع عن هوية هذه الأمة التي يكتنفها الخطر من كل جانب. لعل حضراتكم تتفقون معي، على أن ثقافتنا العربية تتعرض لكثير من المخاطر، وهو ما يدفع البعض منا إلى الحديث عن الأمن الثقافي، والغزو الثقافي، وما إلى ذلك من عبارات، لم يكن لنا عهدٌ بها من قبل، ولكنها كاشفة عن عمق الشعور بالخطر على هويتنا، ولعل مكمن الخطر الحقيقي هو التسليم بحتمية التفوق الفكري للغرب، والنتيجة الطبيعية لهذا كله هو الخضوع لقيم الثقافة الغربية، واقتباس أساليب الحياة السائدة فيها، التي تنقلها لنا طيلة الوقت، وسائل الاتصال الحديث، وعلى الرغم من ذلك، فلا يمكن إغفال الفكر الغربي وإغلاق الأبواب دونه، لأن ذلك يؤدي بِنَا إلى العزلة، وإنما تكون المواجهة عن طريق التربية والتنشئة الاجتماعية والثقافية والتعليمية السليمة، من خلال التفكير والمناقشة والحوار، بدلاً من التلقين الذي يسلم إلى السلبية التي تتقبل كل ما يفد من الثقافات الأخرى على أنه أمر مسلّم به. وتابع سموّه: أيها الإخوة القضية كبيرة ومتشعبة سواء ما يتعلق منها باللغة العربية أو بأزمة الثقافة والتعليم بشكل عام، وهي قضايا متعددة ومعقدة أحياناً، لكن جميعها تعبر عن طبيعة الأزمة التي تستوجب العناية والرعاية من كل مؤسساتنا العربية المعنية بالتعليم والثقافة، قد يكون من المناسب أن تتبنّى الجامعة العربية هذه القضية الكبيرة، وأقترح أن يخصص لها الوقت المناسب، حيث يتدارس الخبراء والمثقفون طبيعة الأزمة وسبل الخروج منها. ثم أعلن صاحب السموّ حاكم الشارقة، عن إقامة مجمع الشارقة للغة العربية، وبعد مباركة مجمع اللغة العربية في القاهرة، حيث قال من هذا المكان اسمحوا لي أن أعلن عن قرار افتتاح مجمع للغة العربية في إمارة الشارقة، بعد موافقة مجمع اللغة العربية في القاهرة، واتحاد مجامع اللغة العربية، ونعاهدكم أن ذلك المركز أو ذلك المجمع سيتكفل بجميع احتياجات المجامع العربية أينما كانت، وسيكون على رأس أولوياته القيام بتمويل إصدار القاموس اللغوي التاريخي وكل ما يتعلق به.واختتم سموّه كلمته بقوله أشارككم الشعور بخطورة مسؤولياتكم العظيمة، متمنياً لكم كل التوفيق والنجاح في مهمتكم الكبيرة، ولا يفوتني أن أهنئكم بافتتاح المبنى الجديد لاتحاد المجامع العربية، داعياً الله أن نلتقي في العام القادم، وقد التأمت جروحنا العربية، وتجاوزت أمتنا كل المخاطر التي تحيق بها. وكان الحفل قد بدأ بكلمة لفاروق شوشة، الأمين العام لمجمع اللغة العربية، قال فيها هذا عرسٌ يزيِّنه عِقد بديع تكتمل فيه نجومٌ ثلاثة: أولاها: أنها المرة الأولى التي يشهد فيها المقرّ، مقرّ اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية، مؤتمراً لمجمع اللغة العربية في القاهرة، وكأن المقرّ الأم يتسع اليوم لمؤتمر واحدٍ من أنشط الأبناء، وأكثرهم عملاً وفاعلية، فيما يتصل بالعمل اللغوي، والتصدي المجمعيّ لقضايا اللغة العربية ومتطلباتها في الحاضر والمستقبل. ونضيف أن هذا المقرّ يسعده أن يشهد مؤتمرات وملتقيات لسائر المجامع اللغوية العلمية العربية، ليكون اللقاء هنا في القاهرة فرصة لعرض ما لديهم على نطاق أوسع وأرحب، ولتأكيد التضامن والتنسيق بين سائر هذه المجامع. ونحن الآنَ نرقب وننظر ميلاد مجمع اللغة العربية في الشارقة، ليكون إضافة لدور هذا الاتحاد وتعزيزاً لإمكاناته العلمية والمادية. وثانيتها: أن هذا المؤتمر يشرفُ باستقبال صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، وتهنئته بالعضوية الفخرية التي قدمها المجمع لسموّه، لأول مرة في تاريخه، تقديراً وعرفاناً لجهوده الجليلة وعطائه الموصول، ودعمه للثقافة العربية والإسلامية، واللغة العربية ونهضتها المأمولة. وليس هذا الصرح الذي يضمنا اليوم، إلا واحدة من ثمرات هذا العطاء، وعلامة مضيئة على منجزاته ودعمه الذي لم يتوقف، منذ رعايته لمشروع تطوير مكتبة كلية الزراعة بجامعة القاهرة وهي الكلية التي تخرج فيها، ولمقر الجمعية التاريخية، وللهيئة المصرية لدار الكتب والوثائق القومية، ولإعادته بناء المجمع العلمي المصري، وتزويده بالمراجع والمصادر. وأحدثها افتتاح دار الوثائق في عين الصيرة، في اليوم الذي شهد افتتاح هذا الصرح الكبير مقرِّ اتحاد المجامع العربية. أما النجمة الثالثة في عقد هذا العرس البديع الذي يضمنا اليوم، فهي سعي المجمع الدؤوب ليكون هذا المؤتمر نُهزةً للاقتراب أكثر وأعمق من واقع اللغة العربية في المجتمعات العربية، يتناول الأسباب وعناصر المواجهة. وهو المسعى الذي يقوم به المجمع منذ سنوات لتكون مؤتمراته منصبة على مشكلات الواقع وظواهره وقضاياه، بأكثر من كونها تناولاً لا يضيف ولا يغني، وتكراراً لأمور سبق قتلها بحثاً كما يُقال، وبُعداً عن تلبية الاحتياجات الراهنة والمستقبلية. بعدها ألقى الدكتور أشرف الشيحي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، كلمة أثنى من خلالها على جهود مجمع اللغة العربية ومجلس إدارته، وما يقومون به من خدمة للغة القرآن، مؤكداً أن دعم الوزارة للمجمع سيبقى مستمراً على الدوام ولكل برامجه وأنشطته. وثمّن القرار الجمهوري الذي صدر من رئيس الجمهورية، بمنح صاحب السموّ حاكم الشارقة عضوية المجمع الفخرية، مستعرضاً مناقب سموّه وأفضاله وعطاياه السخية والمتواترة، ومشيداً بهذا الاستحقاق الذي وصفه بأنه منح قد صادف أهله. وبهذه المناسبة ألقى الدكتور حسن شافعي، رئيس مجمع اللغة العربية، رئيس اتحاد المجامع اللغوية العربية كلمة جاء فيها أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، وأصلي وأسلم على رسوله وسائر أنبيائه ورسله، وأحييكم في هذا الملتقى المبارك، بإذن الله، في هذه البقعة من أرض مصر العزيزة لدينا ولديكم جميعاً، لنفتتح على بركة اللهالجلسة الأولى من مؤتمر مجمع اللغة العربية بالقاهرة في دورته الثانية والثمانين؛ تتويجاً لعامٍ حافلٍ بأعمال هذا المجمع وأنشطته في حماية العربية وتيسيرها، وإحيائها وربطها بحركة الحياة الاجتماعية، وثورة العلم والمعرفة العالمية، وتمهيداً في الوقت ذاته لعقد الدورة السادسة والأربعين لاتحاد المجامع العلمية اللغوية العربية، الذي يحتضن لقاءنا اليوم في داره الجميلة، ويلتئم عنده فيها لأول مرة بحضور العضو الفخري الأول للمجمع، مأمون الأمراء والقادة العرب، صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، عضو المجلس الأعلى لدولة الإمارات العربية الشقيقة، حاكم الشارقة، الذي أقام ضمن أياد كريمة له هذه الدار وأهداها إلى مصر والأمة العربية، في شخص اتحاد المجامع العلمية اللغوية العربية، الذي يمثل الوحدة الفكرية والثقافية لهذه الأمة. وقال شافعي: يعاني الموقف اللغوي في دنيا العرب تلوثاً لغوياً، يتمثل في تمدد العاميات واللغات الأجنبية، في بعض مظاهر الحياة العامة من صحافة وترويج وإعلان، وفنون قولية تغزوها العاميات باختلافها واضطرابها، الأمر الذي يشوّش الوجدان العربي، ويضرب الوحدة القومية في الصميم، ويجعل الفضاء العربي برجاً بابلياً تتبلبل فيه الأفئدة والعقول والألسنة والأقلام، بل تقلصت العربية على أرضها وديارها التقليدية، فاتخذ السودان الجنوبي الإنجليزية لغة رسمية، مع أن العربية هي اللسان الوحيد الذي يفهمه الجميع على اختلاف القبائل والأديان، وزاحمت العربيةَ لغاتٌ أخرى في المشرق والمغرب على مستوى رسمي لا ندري ماذا سيفضي هذا الوضع الجديد. والأخطر من هذا كله هو تقلص العربية وانسحابها تقريباً في مجال الشركات، وعالم المال، الذي يجتذب أذكياء الشباب لأسباب اقتصادية لا تخفى على أحد.وفى هذا السياق ينشأ السؤال المشروع: وما دور مجمعكم والمجامع العربية في علاج هذه التحديات ومواجهتها؟ فأما الجزء الأول من السؤال فسيحدثنا عنه بالتفصيل السيد الأستاذ فاروق شوشة في بيانه السنوي المستفيض، وأما عن الاتحاد في دور استكمال البنية الأساسية وأهمها المكتبة الورقية والرقمية، وجهاز الخبراء والباحثين في الحد الضروري التأسيسي، ولكنه لم يُبدأ العمل حتى تكتمل هذه المرحلة، فخطونا بالمشروع القومي الأول وليس الوحيد وهو المعجم التاريخي للغة العربية، وسأتقدم إلى أجهزة الاتحاد بالنموذج التجريبي الأول لهذا المعجم الذي طال انتظاره، تلكأ حول فلسفات معجمية، وتصورات نظرية، وتلك هي الخطوة العملية الأولى بإذن الله متمنين أن يُقبل الإخوة العرب جميعاً على أسلوب تضامني متكامل لاستخدام إمكاناتهم المادية والبشرية، لخدمة أهدافهم المشتركة، بدلاً من التنافس والتشتيت والتكرار. وإذ نشكر تعاونه الدائم مع جهود هذا المجمع أرجو أن يتقبل رجاء شخصيًّا من جانبي لعل المجمع يقره، لحث الدولة على عدم إرسال شعراء العامية لتمثيلها في المؤتمرات والمتلقيات، والأجدر بشعراء الفصحى أن يقوموا بهذا الدور. تم بعد ذلك مراسم منح العضوية الشرفية، وذلك بتفضل صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، بارتداء وشاح العضوية، وسط ترحيب كبير ومباركة كبار علماء اللغة، والأدباء. رافق صاحب السموّ حاكم الشارقة، خلال رحلته إلى جمهورية مصر العربية، وحضر حفل منح سموّه العضوية الفخرية لمجلس مجمع اللغة العربية، الشيخ سالم بن عبد الرحمن القاسمي، رئيس مكتب سموّ الحاكم، ومحمد بن نخيرة الظاهري، سفير دولة الإمارات لدى جمهورية مصر العربية، واللواء كمال الدالي محافظ الجيزة، ومحمد عبيد الزعابي، رئيس دائرة التشريفات والضيافة، والدكتور رشاد سالم، مدير الجامعة القاسمية، والدكتور محمد صابر عرب، ومحمد حسن خلف مدير إذاعة وتلفزيون الشارقة، وصفوة من علماء اللغة والأدب والإعلام ومختلف العلوم والفنون وطلبة العلم.

مشاركة :