باريس - كشف موقع "ميديابارت" الاستقصائي الفرنسي عن جولة دبلوماسية غير متوقعة لأحد أبناء المشير خليفة حفتر قائد قوات القيادة العامة الليبية من باريس إلى بروكسل، لم تحقق أهدافها بمنحه مكانة دولية في البرلمان الأوروبي مع نيته للترشح للرئاسة. وأعلن الصديق حفتر النجل الأكبر انفتاحه على الترشح للانتخابات الرئاسية، وبينما لا يتحمل مسؤوليات عسكرية يعمل على تعزيز صورته العامة وعلى صفحات وسائل التواصل الاجتماعي بشكل متزايد وسط حالة من عدم اليقين بشأن ما إذا كان والده لا يزال ينوي الترشح للرئاسة في المستقبل. ودافع الصديق عن دور عائلته في ليبيا مقدمًا نفسه باعتباره ممثلًا عن الجيل الشاب في ليبيا، وقال "أعتقد أني أملك كل الوسائل المطلوبة لإرساء الاستقرار في ليبيا، وتحقيق تماسك ووحدة الليبيين". ويبدو أن الجولة التي قام بها من باريس إلى بروكسل أراد أن تكون في إطار التعريف الدولي به في البرلمان الأوروبي، وقد اعتمد على وساطة شخصيات منهم الإمام الفرنسي ذو الأصول التونسية المثير للجدل حسن شلغومي، ونائبة فرنسية يمينية متطرفة في البرلمان الأوروبي. وكان برنامج الزيارة يتضمن إقامة أمسية اجتماعية في باريس وإلقاء كلمة أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ الفرنسية إلى جانب مؤتمر صحفي في بروكسل. حيث يسعى الرجل لبناء سمعة على الساحة الدبلوماسية، لكن الأمور لم تسر كما خطط لها. وذكر نجل حفتر في تصريحات صحافية بشأن إذا كان سيرشح نفسه في أي انتخابات رئاسية مستقبلية، أن "الأمر كله سيعتمد على الظروف في ذلك الوقت"، وأكد أنه إذا ترشح فإنه سيمثل جميع الليبيين. وأضاف "إذا رأى الليبيون أنه يمكنني تغيير الأوضاع.. فلمَ لا؟". وتابع أنه "لا يملك أي مشكلة شخصية مع الحكومة القائمة، لكن هناك حاجة إلى حكومة جديدة من التكنوقراط بمهمة واضحة وهي التحضير للانتخابات". وأرجع التقرير أسباب "الفشل التام" للزيارة إلى أنها تعود إلى "البرنامج الهش والوعود الكاذبة" التي أطلقها نجم الإعلام الفرنسي المقرب من قصر الرئاسة شلغومي والنائبة عن حزب الاسترداد اليميني المتطرف ماكسيت بيرباكاس. ووصل الصديق حفتر إلى باريس في العاشر من سبتمبر الماضي للمرة الأولى، لحضور احتفالات رأس السنة الهجرية في منزل الكاتب ماريك هالتر، وهو صديق شلغومي، حيث التقط العديد من الصور مع عدة شخصيات، منهم سفير روسيا لدى فرنسا أليكسي ميشكوف والكاتبة راشيل خان المقربة من الإليزيه. وفي اليوم التالي، كانت المحطة الثانية للصديق حفتر بستراسبورغ حيث وصل عبر موكب رسمي برفقة الشلغومي ليجدا في الاستقبال بيرباكاس، حيث كان يعتقد أنه سيشارك في اجتماع رسمي مخصص لذكرى هجمات 11 سبتمبر 2001 في البرلمان. وروى المستشار في قضايا مكافحة الإرهاب جان تشارلز بريسار الذي كان حاضرًا، سببًا أغضب الصديق حفتر حين كان من المقرر له المشاركة بمؤتمر صحفي، لكنه لم يعقد في النهاية. ولدى وصولهم، أوضح أحد المسؤولين في البرلمان الأوروبي "ليس لدينا غرفة لعقد الاجتماع"، وقال بريسار "اكتشفنا أنه لم يكن هناك شيء متوقع، وأن الحدث المفترض أنه رسمي، كان في الواقع مرتجل"؛ ما انتهى بنجل حفتر إلى الخروج غاضبا. ولإنقاذ الموقف كشف عن اقتراح البرلمانية بيرباكاس نقل المؤتمر إلى بهو فندق قريب، وهو حل رفضه المشاركون ليتم البحث عن غرفة متاحة ولم يجدوها، واصفا ما حدث بـ"الفوضى". وفي خطوة أخيرة طلبت بيرباكاس من الصديق حفتر القيام بمداخلة مصورة أمام الكاميرا دون أن يعرف أحد مكان بث الصور، حيث بدأ الصديق في قراءة نص باللغة العربية بنبرة جادة. وحسب المستشار بريسار الذي انسحب من الجلسة، فقد شعر نجل حفتر بالغضب بسبب سوء التنظيم ومع ذلك اعتقد أنه يمكنه إيصال رسالة سياسية إلى البرلمان الأوروبي. ولاحقا جرى بث الخطاب في مقطع فيديو مدته ثلاث دقائق على شبكات التواصل الاجتماعي، على شكل مقطع سياسي يرحب فيه بدخول البرلمان مما يبدو وكأنه تدخل لدى السلطات الأوروبية، لكن جرى حذفه منذ ذلك الحين. وعندما حاول الموقع الفرنسي سؤال النائبة بيرباكاس عن أسباب استقبالها نجل المشير حفتر الذي تسميه أيضًا "الرجل النبيل" بدأت في المراوغة. وقالت إن "الرجل تحدث عن الإرهاب والعبودية الحديثة وكان والده جنرالا، على ما أظن وكان برفقته إمام معروف جداً والشخص الآخر بريسار" الذي لا تعرفه، نافية أن تكون لديها معلومات أخرى عن تنظيم الزيارة. من جانبه رد الإمام حسن شلغومي على استفسار بأنه لم يقم بتنظيم الرحلة، بل تمت دعوته لحضور فعالية حول أحداث 11 سبتمبر، وسافرا معا من باريس إلى ستراسبورغ. وكشف "ميديابارت" أن الإمام هددهم باتخاذ إجراءات قانونية، بعد سؤاله عما إذا كان قد حصل على أجر مقابل هذه الزيارة وهو ما فنده شلغومي. وبعد مرور أكثر من شهر على الجولة، لا أحد يريد اليوم تحمل مسؤولية جولة الصديق حفتر في البرلمان الأوروبي. وتحدثت إحدى الروايات عن أن الصديق حفتر لم يكن يرغب في الجلوس على طاولة المتحدثين مع الحاخام آفي طويل، مدير المركز الأوروبي لليهودية، خاصة أنه قبل ذلك بأسابيع جرى إيقاف وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية الموقتة نجلاء المنقوش عن مهامها لأنها التقت نظيرها الإسرائيلي. وتكثف الأمم المتحدة جهودها لإجراء انتخابات تشريعية على مستوى ليبيا قبل إجراء الانتخابات الرئاسية، متحدثة عن ضرورة وجود حكومة موحدة أولًا، يتفق عليها جميع اللاعبين الرئيسيين، لقيادة البلاد صوب الانتخابات. وبحسب الصديق حفتر "لا يمكن إجراء الانتخابات مع حكومة الدبيبة. الأمر مستحيل"، لافتًا إلى أنه لا يعارض قوانين الانتخابات التي تنتظر موافقة مجلس النواب. كما أكد أنه لا يمكن إجراء الانتخابات دون استقرار الوضع الأمني في أرجاء ليبيا، وقال "دون الاستقرار، لن تكون الانتخابات حرة".
مشاركة :