استبعد الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية عمرو موسى أن يقدم الغرب حلولا للمشاكل العربية، محذرا - في حوار خاص مع «الشرق الأوسط» - من إدارة الغرب للأزمات العربية، بدلا من حلها، خاصة في سوريا وليبيا والعراق، كما حدث في القضية الفلسطينية، كما تحدث عن وضع الجامعة العربية والمخاطر الأكثر تهديدا للمنطقة من «داعش». وطالب بأن يكون هناك دور سعودي مصري لإعادة التوازن وإنهاء حالة الخلل التي تعاني منها المنطقة، كما شدد على أهمية إعادة صياغة العلاقات العربية مع الدول العظمى بما يحقق المصلحة العربية ويحفظ أمنها واستقرارها. وقال موسى إن المنطقة العربية قد تواجه ما هو أسوأ من تنظيم داعش إذا لم يتم مواجهته على أسس واضحة لا تعتمد على العمل العسكري فقط أو حتى الجهود التي يقوم بها التحالف الدولي. وقال إنه لا بد من بحث الأسباب التي أدت إلى قيام «داعش»، والقوى التي ساعدته والقوى التي تستغل وتستفيد من وجود «داعش»، كلها لا بد أن تعيد النظر في موقفها وسياستها، مضيفا: «إن موضوع (داعش) أعمق من مجرد محاربته بالضربات الجوية». وجاء الحوار على النحو التالي: * هل موضوع «داعش» هو المشكلة الأولى عند العرب؟ - «داعش» ليس المشكلة الأساسية عند العرب لأنها في بدايتها ونهايتها ليست إلا جزءا من ميليشيات موجودة، إنما التحديات التي تهدد العالم العربي كثيرة جدا مثل سياسات التفرقة والسياسات الطائفية والأقليات، وانعدام الخطة للتعامل مع المستقبل، والالتباس فيما يتعلق بعلاقة العالم العربي والإسلامي بالقرن الـ21 والانفراجات الكبرى من حيث العلم والتعليم والمعرفة. * كيف ترى ضبط التوازن في المنطقة إقليميا وعربيا؟ - التوازن في المنطقة مختل عربيا بسبب تراجع الدور المصري لأسباب معروفة، وأرجو أن تكون مؤقتة وأثق في ذلك، وإنما هذا التوازن يتطلب دورا سعوديا مصريا ومعهما دول عربية، وكذلك دول المغرب العربي خاصة، في ظل الأوضاع الخطيرة التي تحدث في ليبيا والتي تؤثر على تونس ومصر ومن الممكن أن تؤثر على الجزائر والمغرب. أي إعادة رسم السياسات العربية. * هل تتفق مع مقولة إن الجامعة العربية معقل دبلوماسية بلا إنجازات؟ - صحيح أن التفكير يدور حاليا حول نظام إقليمي جديد ونظام عربي جديد إنما لا يجب التضحية بالجامعة العربية قبل أن نتوصل إلى صيغة مقبولة عربيا وإقليميا، وبالتالي فوجود الجامعة العربية حاليا مطلوب أو على الأقل عدم التفريط فيها، وإنما دعمها وأن يعلم الجميع أن إضعاف الجامعة يؤدي إلى مزيد من الأزمات، وعلى حساب الدول العربية المهددة في مجتمعاتها أو ثرواتها، أو حتى وجودها، فسيكون من السهل جدا الانفراد والإضرار بها، وربما القضاء عليها. أما المجموع العربي فقد يساهم في إيجاد درجة من التضامن العربي لمواجهة التحديات، وفي الظروف الراهنة ليس شرطا أن يحدث الإجماع العربي. وكما شاهد الجميع مؤخرا خروج لبنان والعراق عن هذا الإجماع، وكذلك تحفظات على موضوعات معينة. ومن هنا الجامعة تحتاج لجهد مجموعة من الدول تستطيع أن تدير المواقف لقيادة العمل العربي وفي مقدمة هذه المجموعة السعودية ومصر لدعم دور الجامعة العربية. * هل ترى في الأفق ملامح تغيير للجامعة العربية؟ - بالتأكيد. ولن يكون التغيير بتغيير الميثاق، وإنما عبر اتفاق سياسي جديد ولدينا ركائز كبيرة من بينها الأمن العربي وفلسطين، وتعنت إسرائيل، والسنة والشيعة (الشيطان) الذي خرج وبإمكانه تدمير الكثير من المجتمعات العربية، وكذلك يجب التفكير فيما لدى الآخر مثل تركيا وإيران وإسرائيل، وكل منهم لديه طرح جدي فيما يتعلق بالمنطقة وحاضرها ومستقبلها، وقد لا نتفق معهم - أما العرب فماذا لديهم؟ من الضروري أن يكون للعرب رؤية فيما يتعلق بالحاضر والمستقبل والتحديات القائمة مثل مواجهة الميليشيات، وأرى أن أميركا لن تعطي الحلول للمشاكل العربية ولا روسيا، والتاريخ شاهد عيان، مثل القضية الفلسطينية والتي ما زالت في الأدراج، حيث اعتمدنا على الحلول العربية ولم نحل شيئا، وفي موضوع العراق وسوريا كما نرى ونشاهد يوميا والكل يرى أن هناك أمورا غامضة وغير مفهومة. * إذن أنت ترى ضرورة إعادة صياغة العلاقات العربية بالدول العظمى؟ - صحيح أنني ممن يطالب بالحفاظ على علاقات قوية مع الولايات المتحدة الأميركية، وعدم اعتبارها عدوا، إنما نحاول ومن خلال منطلقات جديدة نتفق عليها، كيفية أن تكون العلاقات إيجابية وبناءة، وأن نعترض على ما لا يتناسب مع مصالحنا. * كيف ترى الانسحاب الروسي الجزئي من سوريا.. هل تعتبره بداية للحل أم صفعة للأسد أم صفقة حققت على خلفيتها موسكو بعض مصالحها؟ - أعتبره خطوة لتسهيل الحل، وليست جزءا من الحل، وهو مجرد إعادة انتشار، أو ربما اختصار للأهداف، وقد أعطى نوعا من الانفراجة البسيطة ربما تساعد المفاوضات في «جنيف3». * هل تتوقع نتائج من مفاوضات «جنيف3» لحل الأزمة السورية؟ - هناك تحرك للجمود الذي أصاب هذا الملف وقد صمدت الهدنة بعض الشيء لوقف إطلاق النار رغم وجود خروقات، وربما يحدث تقدم نحو الأفضل، والصورة الكلية للأزمات. نشهد مفاوضات في ملفات اليمن وليبيا وسوريا. ومع ذلك أخشى من أمرين؛ أن يكون الحل تحت عنوان إدارة الملفات بصرف النظر عن حلها كما فعلوا مع الملف الفلسطيني، وأن الحل مرهون بالحفاظ على مصالحهم.
مشاركة :