من أصغر السلع، إلى السيارات، بدأ الصينيون في الإقبال على الشراء والإنفاق بسخاء خلال الربع الثالث من العام الجاري، ليعوضوا بذلك، عن التراجع الكبير الذي مُني به قطاع العقارات، لتسير بكين نحو تحقيق هدف النمو السنوي المنشود. ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الصيني، عند نهاية الربع الثالث، بنسبة سنوية قدرها 4.9%، بالمقارنة مع الربع الذي سبقه، ما فاق التوقعات بكثير، ويؤكد الفوائد التي عادت نتيجة للمساعدات التي قدمتها الحكومة. ودفع الانتعاش الذي شهدته مبيعات التجزئة خلال شهر سبتمبر الماضي، بعجلة النمو، الذي سجل أكبر قفزة له منذ شهر مايو الماضي. كما سجل معدل البطالة، أدنى مستوى له منذ سنتين. وفي حين، لا تزال مخاطر الدخول في دائرة أخرى من بطء النمو في السنة المقبلة، أدى الزخم الاقتصادي قصير الأجل، لإزالة بعض السحب التي خيمت على سماء الاقتصاد الصيني. وتزامن إصدار المكتب الوطني للإحصاء، لأرقام الربع الثالث، مع خطاب الرئيس الصيني في منتدى مبادرة الحزام والطريق، حيث كان يتطلع لإعادة تنشيط اتفاقه الاستثماري بقيمة تريليون دولار، وسط تصاعد الرياح المعاكسة الناجمة عن تباطؤ النمو والتوترات الجيوسياسية. وتحدو الصين، ثقة كبيرة في تحقيق نمو سنوي مستهدف، يصل لنحو 5% خلال هذا العام الجاري 2023، بينما من الضروري، تجاوز نمو الناتج المحلي الإجمالي، نسبة 4.4%، خلال الربع الأخير من العام لإنجاز ذلك الهدف. ونتيجة لذلك، ارتفعت قيمة اليوان، في السوقين الداخلي والخارجي، بنحو 0.2%، في حين ارتفعت قيمة عملات أخرى يرتبط نموها بالصين مثل، أستراليا وتايلاند وكوريا الجنوبية. وعلى صعيد آخر، لم يبرح القطاع العقاري، نفق المعاناة بعد، حيث لجأت السلطات لاتخاذ العديد من الإجراءات التي تساعد في انعاشه مثل، تخفيف متطلبات الدفع المقدم وخفض بعض نسب الرهن العقاري. لكن ربما لم يكن ذلك كافياً، حيث تراجعت الاستثمارات العقارية 9.1% خلال الثلاثة فصول الأولى من العام الجاري. كما تراجعت مبيعات المنازل، 6.3% حتى الآن، بينما بدأت حركة الإنشاءات الجديدة في التراجع بنسبة قدرها 24%. وفي حين، ارتفع العائد الصناعي، 4.5% خلال شهر سبتمبر الماضي، بالمقارنة مع ذات الفترة من العام 2022، متخطياً التوقعات عند 4.4%، زادت مبيعات التجزئة، بنسبة قدرها 5.5%، متفوقة على التوقعات عند 4.9%. كما ارتفعت استثمارات الأصول الثابتة، 3.1% خلال الثلاثة فصول الأولى من هذا العام، مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، دون التوقعات المقدرة بنحو 3.2%. وشهد معدل البطالة، تحسناً واضحاً في سبتمبر عما كان عليه في شهر أغسطس، محققاً نسبة قدرها 5%. وارتفع إنفاق المستهلك في، المطاعم والأغذية والملبوسات والسيارات، بيد أن مبيعات الأثاث والأجهزة المنزلية، تراجعت نتيجة للانهيار الذي عانا منه قطاع العقارات.
مشاركة :