تم التجديد/ التعيين لأغلب مدراء الجامعات السعودية، أتمنى لهم التوفيق في مناصبهم. لدينا أكثر من 40 جامعة، لا نركز على إحداها بقدر ما نثير أسئلة/ أفكار للمستقبل. سألت ثلة من الأكاديمين، ما أهم حيثيات التعيين والتمديد لرؤساء الجامعات؟ أهم إجابة تكررت بصيغ مختلفة، بناءً على ترشيحات شخصية (غير معلنة) وامتزاج وزارة التعليم/ ملاك الجامعات للمرشحين ولشخصياتهم، ضمن معايير أخرى. إجابة أخرى؛ لديهم توجهات معينة مطلوبة للمنصب. لا أرى أيدلوجيات محددة يختص بها ثلة من الأكاديميين دون غيرهم، الجميع في وطن يدركون ويلتزمون بتوجهاته وسياساته بما فيها الفكرية. البعض يستخدم هذا المبرر ليشعرك بوجود أمور حساسة لا يجوز نقاشها. حتى أنا ترددت في هذا المقال خشية مثل هذه الحساسيات. ليس ذلك ما بحثت عنه وإنما أود معرفة الإنجازات والرؤى الإدارية والفكرية التي يستند إليها في التعيين أو التمديد، أبحث عن منهجية توافق رؤية 2030 والتوجهات ذات العلاقة، عن معايير يمكن تقييمها وقياسها ونشرها، وبالتالي التمييز بين الممتاز والجيد وما دون ذلك من رؤساء الجامعات. أحد تلك المعايير يتمثل في تنمية موارد الجامعة، فماهي إسهامات رؤساء الجامعات في تطوير موارد جامعاتهم وتنمية قدراتها الذاتية الاستثمارية؟ أليست الرؤية ونظام الجامعات وتصريحات مسؤولي التعليم، تحث الجامعات على الاستقلالية المالية وتطوير مواردها الذاتية؟ لماذا نمنح فرصة أولى وثانية وثالثة بغض النظر عن الخبرة والإنجاز في هذا الشأن؟ هذا الأمر يعتبر حجر الزاوية بالنسبة للجامعات العالمية، حيث يعامل رؤساؤها كمدراء البنوك والشركات الكبرى، أغلب دخلهم السنوي يأتي من المكافآت التي يحصلون عليها مقابل قدراتهم في جلب موارد إضافية أو تحقيق إنجازات ملموسة في مجالهم يمكن قياسها. عندما نشير إلى أن دخل رئيس سابك أو أرامكو أو البنك يصل إلى ملايين الريالات، فذلك ليس راتباً ثابتاً وإنما أغلبه مكافآت تزيد مع زيادة المبيعات، ارتفاع الأسهم، زيادة الاحتياطات، تقليص نفقات التشغيل وغيرها من المعايير. فلماذا جامعاتنا تعمل كمؤسسات بيروقراطية يحصل رئيسها على راتب (كموظف) دون ربطه بالإنجازات؟ الأكاديميون يحتجون بأننا لسنا مؤسسات أعمال ومسؤولياتنا أكاديمية أخشى أنه حتى الأكاديمية لا يتم قياسها وربطها بتميز القائد الأكاديمي. كيف أجدد لمدير جامعة مخرجاتها أغلبهم مجرد إضافة لأرقام البطالة بسبب عدم تميزها؟ وعن البحث العلمي، هل يتم تقدير المسؤول بناءً على حجم النشر والمنح البحثية التي حصلت عليها الجامعة؟ ماذا عن كفاءة التشغيل؟ تفاخر جامعاتنا بأرقام التوظيف والأساتذة، وبعضهم يؤدون الحد الأدنى من العمل دون إنتاجية بحثية أو مادية مضافة للجامعة. غالبية جامعاتنا تقفل قاعاتها ومكتباتها ظهراً أو عصراً، مقارنة بجامعات عالمية تعمل حتى منتصف الليل. تواضع الكفاءة التشغيلية يقود إلى ترهل وتحول الجامعة كضامن وظيفي بغض النظر عن الأداء، فهل هناك من يقيم أداء الجامعة بناءً على الكفاءة التشغيلية؟ الكفاءة تعني أداء أفضل يستفيد من كافة الموارد المتاحة.. ويقاس على ذلك معايير أخرى مثل المساهمات المجتمعية والتعاون الدولي والتطوير وغيرها. نخشى بأن غياب معايير المتابعة المرتبطة بالإنتاجية تقود رئيس الجامعة السعودي لتأدية عملٍ إداريٍّ رويتينيٍّ، يمكن أداؤه من قبل أي أكاديمي متوسط الخبرة. آن الأوان لتغيير نظام رؤساء الجامعة، ليكون مبنياً على نوع الخبرة وحجم الإنجاز الذي يمكن قياسة. بل إنني أقترح تجربة الاستعانة بخبراء من قطاع الأعمال والشركات الكبرى لإدارة الجامعات، فربما الخبرات الأكاديمية تصنع علماء، بينما المرحلة تتطلب قادة في مجال التنظيم المؤسساتي وإدارة وتنمية الموارد.
مشاركة :