◄ الشعيلي: تقنيات الذكاء الاصطناعي تساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وتحسين حياة المواطنين ◄ الخالدي: السلطنة تشهد تطورات كبيرة في مجال التحول الرقمي وتكنولوجيا المعلومات ◄ المسكري: إطلاق برامج ومبادرات رقمية لتعزيز مهارات البحث العلمي والابتكار ◄ الحكومة تتخذ خطوات ملموسة نحو التحول الرقمي وحماية البيانات ومكافحة الجرائم الإلكترونية الرؤية - سارة العبرية اشتمل الخطاب السامي لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- خلال افتتاح دور الانعقاد السّنوي الأول للدورة الثامنة لمجلس عُمان على عدة مضامين رئيسية تمثل نبراسًا يُهتدى به في مختلف مجالات العمل، ومن بينها التوجيه السامي بإعداد برنامج وطني لتنفيذ تقنيات الذكاء الاصطناعي وتوطينها، مع الإسراع في إعداد التشريعات التي ستسهم في جعل هذه التقنيات كأحد الممكنات والمحفزات الأساسية لهذه القطاعات. وأكد عدد من المسؤولين- في تصريحات خاصة لـ"الرؤية"- أنَّ التوجيهات السامية بإعداد برنامج وطني لتنفيذ تقنيات الذكاء الاصطناعي وتوطينها وجعل الاقتصاد الرقمي أولوية ورافدًا للاقتصاد الوطني، تترجم الرؤية الاستراتيجية والاهتمام السامي بضرورة مواكبة التطورات العالمية المتسارعة للتقنيات المتقدمة وتطبيقاتها، لما توفره من فرص لتحسين الإنتاجية والكفاءة لمجموعة واسعةٍ من القطاعات، بالإضافة إلى أهمية تنويعِ مصادر الدخل القائم على أساس التقنية والمعرفة والابتكار. ويقول الدكتور سالم بن حميد الشعيلي مدير مشاريع الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة بوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، إن اهتمام الحكومة الرشيدة وعلى رأسها جلالة السلطان هيثم المعظم- أعزه الله- وتوجيه جلالته بجعل الاقتصاد الرقمي وتقنيات الذكاء الاصطناعي أولوية في سلطنة عُمان، يعكس الرؤية الطموحة لتعزيز التقدم وتحقيق التنمية المستدامة، إذ إنَّ تسليط الضوء على أهمية الاقتصاد الرقمي يظهر الاعتراف بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يلعب دورًا حيويًا في تعزيز الاقتصاد الوطني وتحسين جودة حياة المواطنين. ويضيف أن توجيه الدعوة لإعداد برنامج وطني لتنفيذ تقنيات الذكاء الاصطناعي يبرز الرؤية الاستراتيجية في تطبيق هذه التقنيات بشكل مستدام ومنظم، وأن السعي لتوطين التقنيات يعني استفادة المجتمع المحلي من فوائد هذا التقدم التقني، مع إشراك المختصين وأصحاب المصلحة وتوفير فرص عمل محلية، لافتاً إلى أنه مع وجود البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة الذي تشرف عليه وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات بمؤشرات أداء ومبادرات واضحة، ستكون هذه التوجيهات بمثابة تعزيز وتأكيد واستكمال لدور البرنامج. وأكد الشعيلي أنه لابد من إعداد التشريعات التي تدعم تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي وإيجاد بيئة تشريعية تشجع على الابتكار وتسهم في تحقيق الأهداف المرسومة وتحمي الحقوق وتوضح مسار الاستخدام، لأنه في ظل تكامل جميع الجهود ينوجد بيئة محفزة للشركات والمستثمرين في مجال التقنيات الحديثة. ويرى مدير مشاريع الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة بوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، أنه يمكن اعتبار هذه التوجيهات السامية نحو تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي إشارة إيجابية نحو تعزيز التنمية الاقتصادية والابتكار في سلطنة عُمان، وهو يعكس استعداد الحكومة للاستفادة من هذه التقنية لتعزيز التقدم الاقتصادي والاجتماعي. من جانبه، يشير الدكتور صالح بن عبيد الخالدي مستشار في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إلى أن الحكومة العمانية أصدرت العديد من التشريعات والأنظمة اللازمة لحماية المعلومات والبيانات، مثل قانون حماية البيانات الشخصية وقانون جرائم تقنية المعلومات، وأنشأت مؤسسات متخصصة في أمن المعلومات مثل المركز الوطني للسلامة المعلوماتية ومركز الجرائم الإلكترونية، وأن هذه الخطوات الملموسة تعزز أمان المعلومات والحماية الرقمية في ظل التحول الرقمي بالسلطنة. ويُبيّن الخالدي أنَّ السلطنة شهدت في عصر النهضة تطورات تقنية كبيرة في مختلف المجالات، وأبرزها التوسع في شبكة الاتصالات؛ حيث تم إنشاء شبكة اتصالات وطنية متكاملة، وتوسعت خدمات الهاتف ودخلت خدمات الإنترنت إلى البلاد، مضيفاً أنَّ قطاع تكنولوجيا المعلومات في عُمان شهد تطورًا كبيرًا وتم إنشاء العديد من المؤسسات الحكومية والخاصة العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات، ودخلت العديد من تطبيقات تكنولوجيا المعلومات إلى البلاد، مثل الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء. ويؤكد أن حكومة سلطنة عمان تعاملت مع التحديات التقنية خلال الثلاث السنوات الماضية من خلال اتخاذ مجموعة من الإجراءات والخطوات ومنها: الاستثمار في التكنولوجيا من خلال تخصيص استثمارات كبيرة في مجال التكنولوجيا وإنشاء العديد من المؤسسات الحكومية والخاصة العاملة في هذا المجال وتمويل العديد من المشاريع التقنية، كما تم تطوير البنية الأساسية التكنولوجية بإنشاء شبكة اتصالات متطورة وتوفير خدمات الإنترنت عالية السرعة وبناء مراكز البيانات وتشجيع البحث والتطوير، وتنفيذ العديد من البرامج والمؤسسات الداعمة للبحث والتطوير وتوفير التمويل للمشاريع البحثية، بالإضافة إلى تعزيز قدرات ومهارات الكفاءات البشرية في مجال التكنولوجيا من خلال إنشاء العديد من الكليات والجامعات المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات وتوفير برامج التدريب للعاملين في هذا المجال. التحول الرقمي في السلطنة يأتي برنامج التحول الرقمي الحكومي استجابة للأوامر السامية من أجل إعداد خطة تنفيذية متكاملة تشمل كافة المؤسسات الحكومية، ورسمت وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات بالتنسيق مع كافة المؤسسات الحكومية خارطة الطريق، ووضعت خطة تنفيذية لبرنامج التحوُّل الرقمي الحكومي للفترة ما بين 2021 و2025 للانتقال إلى الحكومة الرقمية القائمة على مبادئ الحوكمة، وتوظيف التقنيات الناشئة في خلق جهاز حكومي صانعٍ للمستقبل، يقدم تجربة رقمية متكاملة. وحول القرارات الهامة التي اتخذتها الحكومة لتحفيز القطاع الخاص للاستثمار في التكنولوجيا، يقول الدكتور صالح الخالدي: "تم إطلاق برنامج التعليم الرقمي الذي يهدف إلى توفير التعليم الرقمي للجميع، ويتضمن العديد من البرامج والمُبادرات التي تهدف إلى تعزيز المهارات الرقمية لدى الطلاب والطالبات، وبناء الكوادر البشرية المؤهلة للعمل في مجال التكنولوجيا، من جهته، يذكر علي بن عبد الله المسكري مدير دائرة بناء القدرات البحثية والابتكار بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، أن الوزارة تسعى إلى تطوير وتعزيز مهارات البحث العلمي والابتكار للأفراد والمؤسسات من خلال التعاون الوثيق مع الجهات ذات الصلة، لافتاً إلى أن منصة "المعرفة" تمثل بيئة إلكترونية عالمية تقدم دورات تدريبية متخصصة وموارد تعليمية متنوعة، وتتناول مواضيع متعددة مثل التحولات الرقمية وتطوير البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات عبر نظام التعلم عن بُعد. ويشير المسكري إلى أن 900 مشارك استفادوا من المنصة حتى الآن في العام الجاري، كما أن برنامج أكاديمية العلوم فتح أبوابه أمام 200 طالب عُماني في الفئة العمرية من 13 إلى 17 عامًا في عامي 2022 و2023، وفتح أمامهم فرصة المشاركة في التحدي الدولي بمجال إنترنت الأشياء للابتكار الافتراضي، إذ شارك 85 فريقًا دوليًا في دفعة 2023؛ وتمكن الطلبة العُمانيون من تحقيق المراكز الثلاثة الأولى. وسجلت سلطنة عُمان خلال السنوات الماضية تطورًا ملحوظًا في توجهها الاستراتيجي للتحول الرقمي، وهو الأمر الذي انعكس على تعزيز مكانة وترتيب السلطنة عالميًا وإقليميًا في مجال التحول نحو الحكومة الإلكترونية. ويبلغ حجم الاستثمار المُتوقع لتنفيذ البرنامج حوالي 170 مليون ريال عُماني سيتم استثمارها في تحسين الإجراءات، وإعادة هندسة الخدمات الحكومية، وأتمتة الخدمات الأساسية، وإتاحتها بشكل رقمي كامل على شبكة الإنترنت عبر تطوير الحلول الرقمية المناسبة سواء كانت حلولًا مشتركة أو مركزية، وتحسين البنية الأساسية الرقمية وتمكين الكفاءات الوطنية في مجال التحول الرقمي ومهارات المستقبل وإدارة التغيير. مشاريع التحول الرقمي وتعمل السلطنة على تحقيق أهداف التحول الحكومي الرقمي عبر جملة من المشروعات، والتي ستسهم في التحول لحكومة رقمية متكاملة، وتتولى المؤسسات الحكومية مُهمة تنفيذ البرامج والمشاريع والمبادرات، وتتحمل مسؤولية الإنجاز وفق الأهداف والتوجهات الوطنية المرسومة. وتم تحديد أولويات المرحلة القادمة للتحول الرقمي الحكومي وفق إطار الرؤية والأهداف الاستراتيجية، وذلك من خلال منظور محوره الإنسان وموجه نحو تحسين بيئة الأعمال وتحقيق الاستدامة ودعم التنمية الاقتصادية في السلطنة، كذلك يتم التركيز على تنفيذ التحول الرقمي على أساس تدريجي ونمطي وخلق بيئة مواتية لمراحل متتالية من النضج الرقمي يساهم في تحقيق النجاح وبناء المصداقية، وإيجاد مزيد من التحكم والمرونة في مراحل التنفيذ. ويقول الدكتور صالح بن عبيد الخالدي إن هناك العديد من المُبادرات التي تهدف إلى تعزيز مهارات الشباب في مجال التكنولوجيا، مثل مبادرة "أكاديمية عُمان الرقمية" التي تهدف إلى تدريب الشباب العُماني على المهارات الرقمية الحديثة، مثل البرمجة والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، كذلك مبادرة "مكين" التي تعزز المهارات الرقمية اللازمة للعمل في وظائف المستقبل، إضافة إلى مبادرة "ريادة الأعمال الرقمية" التي تدعم الشباب العُماني في تأسيس وتطوير الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا. ويُعتبر برنامج الشركات الناشئة العُمانية الواعدة تجسيدًا فعليًا لأهمية التنويع الاقتصادي وضمان الاستدامة المالية، وترجمة لحرص جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- على تطوير اقتصاد حيوي ومزدهر من خلال توفير بيئة داعمة للمبتكرين ورواد الأعمال، ويتمثل هذا الدعم في توفير جميع الإمكانيات اللازمة لمساعدة رواد الأعمال في جميع مراحل مشاريعهم، بالإضافة إلى تعزيز حضورهم على الساحة الإقليمية والدولية. ويتطلب تنفيذ برنامج التحول الرقمي وجود حوكمة قوية وواضحة داعمة لتحقيق الأهداف الوطنية المنشودة وممكنة لتسهيل وتسريع اتخاذ القرارات، كما يجب أن تتضمن مسارًا محددًا وواضحًا لمهام ومسؤوليات مختلف أصحاب المصلحة المشاركين في تنفيذ البرنامج في كافة مراحل التنفيذ.
مشاركة :