خفضت المفوضية الأوروبية اليوممجددا توقعات النمو لهذا العام والعام المقبل في منطقة اليورو، بسبب أثر أقوى من المتوقع للتضخم ولتشديد السياسة النقدية. وبحسب "الفرنسية"توقعت أن ينحصر نمو إجمالي الناتج الداخلي في 0.6 في المائة (-0.2 نقطة) العام 2023، و1.2 في المائة (-0.1 نقطة) العام المقبل، وفق ما أوردت في بيان. رغم تراجع أسعار الاستهلاك إلى أدنى مستوى منذ عامين إلا أنها تظل مرتفعة على نحو إشكالي، في مستوى 5.6 بحسب توقعات للعام الحالي لم تتم مراجعتها حتى الآن. وتأمل بروكسل أن يتراجع هذا المعدل العام المقبل إلى 3.2 في المائة، لكنه يظل مستوى أدنى مما كان متوقعا حتى الآن (2.9 في المائة). وسبق للمفوضية، وهي الهيئة التنفيذية للاتحاد، أن راجعت في سبتمبر توقعات النمو نحو الانخفاض وتوقعات التضخم نحو الارتفاع للعام المقبل. من جهته أكد المكتب الأوروبي للإحصاءات (يوروستات) الثلاثاء تراجعا بـ 0.1 في المائة لإجمالي الناتج الداخلي للبلدان العشرين التي تنتمي لمنطقة اليورو خلال الفترة ما بين يوليو وسبتمبر، بالمقارنة مع الفصل الأسبق، علما أنه سجل ركودا في الفصل الأول لهذا العام، تلاه نمو خجول بـ 0.2 في المائة في الفصل الثاني. أما الفصل الأخير من هذا العام فتوقعت المفوضية الأوروبية أن يشهد "نموا معتدلا"، بالاستناد إلى "المؤشرات الظرفية الأخيرة ومعطيات الأبحاث لشهر أكتوبر". وقال المفوض الأوروبي للاقتصاد باولو جنتيلوني "نقترب من نهاية عام صعب بالنسبة لاقتصاد الاتحاد الأوروبي، فقد تأثرت الأسر والشركات بالضغوط القوية على الأسعار وتشديد السياسة النقدية الضرورية للتحكم فيه، إضافة إلى ضعف الطلب العالمي". لكن التوقعات أفضل نسبيا في أفق العام المقبل، وأضاف المفوض "نتوقع استئنافا خفيفا للنمو بقدر تراجع التضخم، مع استمرار سوق العمل صلبة"، مشيرا مع ذلك إلى أن التوقعات عموما تظل هشة في سياق التوترات الجيوسياسية العالمية. - مخاطر جيوسياسية رغم اعتباره أن "النزاع الدائر حاليا في الشرق الأوسط كان له أثر اقتصادي محدود حتى الآن خارج المنطقة"، إلا أن المفوض الأوروبي حذر من "تزايد مخاطر آفاق أكثر سوداوية بسبب التوترات الجيوسياسية". مع ذلك تأمل المفوضية الأوروبية عودة النمو الاقتصادي إلى معدل 1.6 في المائة في منطقة اليورو للعام 2025. يرتبط تراجع النمو في أوروبا في شكل وثيق بالتدابير التي يتخذها المصرف المركزي الأوروبي لاحتواء التضخم، عبر تشديد غير مسبوق لشروط القروض ورفع سعر الفائدة الرئيسإلى 4 في المائة وهو مستوى تاريخي. رغم هذه الإجراءات نبهت المؤسسة، ومقرها في فرانكفورت، إلى أن مخاطر التضخم لا تزال مرتفعة بما لا يتيح أي تراجع عن سياستها النقدية. ويؤدي ارتفاع سعر الفائدة إلى انخفاض الطلب على القروض، كما يؤثر على نفقات الاستهلاك والاستثمارات بالنسبة للأسر والشركات. هذا بالرغم من تراجع معدل التضخم خلال عام إلى 2.9 في المائة في أكتوبر مقابل 10.6 في المائة قبل عام، وفق يوروستات، بفضل تهاوي أسعار الطاقة. وتتوقع المفوضية الأوروبية أن "يتواصل تراجع التضخم، ولو بإيقاع معتدل، بقدر ما تظهر آثار تشديد السياسة النقدية على الاقتصاد". وتراهن على "تخفيف الضغوط التضخمية في ما يخص الأغذية والمواد المصنعة والخدمات"، على أمل أن يتراجع معدل التضخم إلى 2.2 في المائة في العام 2025. في المقابل ينتظر أن تحافظ سوق العمل على صلابتها، إذ تراهن المفوضية على معدل بطالة "مستقر عموما" بحدود 6.5 في المائة هذا العام، وهو قريب من المستوى الأدنى تاريخيا (6.4 في المائة). كذلك تتوقع استمرار انخفاض مستوى عجز الميزانية تدريجا في منطقة اليورو إلى معدل 3.2 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي هذا العام، و2.8 في المائة العام المقبل. وتعزو ذلك إلى إلغاء الإجراءات الموقتة لدعم الأسر والشركات التي تم إقرارها لمواجهة جائحة كوفيد وارتفاع أسعار الطاقة. ويفترض أن يؤدي تراجع عجز الميزانية إلى خفض معدل المديونية في منطقة اليورو، من 92.5 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي العام 2022 إلى 90.4 في المائة في 2023، ثم 89.7 في المائة في العام التالي.
مشاركة :