رحم الله أستاذنا القدير، الأستاذ والأخ والصديق الغالي عالي، هو اسم على مسمى، فقد نال نصيباً كبيراً من اسمه، بعلو خلقه، وعلو مكانته، وقيمته في الوسط الثقافي المحلي والعربي، وكذلك في نفوس كل محبيه، ومحبي منتجه الأدبي والنقدي الذي أبقاه للساحة الثقافية، والذي يؤكد ويدلل على العمق المعرفي والفكري والنقدي لديه رحمه الله. كان خبر وفاته مؤلماً للغاية، رغم أننا كنا نتابع حالته الصحية التي ساءت في الفترة الأخيرة، حيث عانى في أيامه الأخيرة من المرض، ومع ذلك كان متواصلاً مع الجميع، محباً ومحفزاً ومتفائلاً، لم يثنه المرض عن كل ذلك، بل أنه كان حتى وقت قريب، يقوم بالرد على هاتفه، ويقوم بالاتصال بنا عندما نغيب قليلاً، أو نقصر في السؤال. الطيبة، والنبل والوفاء سمات قلما توجد هذه الأيام، كانت هي ما تميز هذا الرجل العظيم الذي طوى أيامه عمره وهو يسعى إلى خدمة الثقافة والإبداع السعودي، يسعى إلى إبراز ما يميز المنتج الإبداعي المحلي، من خلال مؤلفاته التي تناولت هذه الجوانب بكل حرفيه واقتدار، فكتب عن علاقة الإنسان باللغة، كمصدر مهم من مصادر المعرفة، وكتب عن نص المرأة، وما تتميز به عبر المنتج الإبداعي النسائي المحلي، وكتب عن القصيدة الجديدة، وعن سوق عكاظ كموحي للإبداع وصانع لتجليات الوعي، وغير ذلك من مؤلفاته الكثيرة. هذه المقالة، التي لن يقرأها سيدي وأستاذي الأستاذ الدكتور عالي القرشي، والذي كنت أرجع إليه كثيراً في كتاباتي، بالذات في مرحلة البدايات، لا بد أن اعترف من خلالها بالفضل لأهل الفضل، من قامات عظيمة مثل هذا الرجل، حيث كان سبباً في إكمالي الدراسة الجامعية، محفزاً ومسانداً وداعماً، وأستاذاً، ودرست عنده عدة مواد، كان على رأسها مادة الأدب الجاهلي الذي اشترط فيها علينا جميعاً كطلاب أن نقوم بقراءة القصائد الشعرية الجاهلية بشكل صحيح، كي نجتاز المادة، وهي فعلا من أصعب القصائد الشعرية كونها تحمل ألفاظاً عميقة، من الكلمات العربية الأصيلة التي كان يعاني منها زملاؤنا الطلاب من القدرة على النطق بها نطقاً سليماً، ودرست لديه مادة الأدب السعودي، فقدمني لزملائي الطلاب كأديب شاب، في تلك الفترة بعد أن صدر لي حينها مجموعتان قصصيتان. رحمه الله رحمة الأبرار، وأسكنه فسيح جنانه، وعزاؤنا لأسرته الكريمة، وأبنائه وذويه، وكل محبيه، وللوسط الثقافي والأدبي في المملكة العربية السعودية وفي الوطني العربي قاطبة، إنا لله، وإنا إليه راجعون.
مشاركة :