أوباما تدخل لدى العبادي لإنقاذ سد الموصل

  • 3/23/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

في الحادي والعشرين من كانون الثاني (يناير)، التقى وزير الخارجية الأميركي جون كيري رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في دافوس وسلمه رسالة شخصية من الرئيس باراك أوباما طالبه فيها بتحرك عاجل. ولم تكن الرسالة السرية، التي أكدها مسؤولان أميركيان ولم يسبق أن نشرت أخبار عنها، تتعلق بـ «داعش» أو الانقسام الطائفي في العراق، بل بكارثة محتملة بسبب الحالة المتردية لأكبر سد في البلاد يمكن أن يؤدي انهياره إلى طوفان يقتل عشرات الآلاف ويتسبب في نكبة بيئية. ويشير تدخل أوباما شخصياً إلى مدى تصدر تداعي سد الموصل قائمة الاهتمامات الأميركية في العراق، ما يعكس المخاوف من أن يؤدي انهياره إلى تقويض الجهود لتثبيت حكومة العبادي وتعقيد الحرب على التنظيم. كما يعكس هذا التدخل شعوراً متنامياً بالإحباط، فقد لاحظت الحكومة الأميركية أن بغداد لا تأخذ الخطر على محمل الجد بما يكفي، على ما أوضح في مقابلات مع مسؤولين في وزارتي الخارجية والدفاع والوكالة الأميركية للتنمية الدولية وغيرها من الوكالات. وقال مسؤول أميركي طلب -مثل بقية المصادر- عدم نشر اسمه: «إنهم يتثاقلون في التحرك في هذا الأمر». وامتنعت الحكومة العراقية عن التعليق رسمياً على هذه التأكيدات أو على رسالة أوباما. وجاء في وثيقة حكومية أميركية نشرت أواخر شباط فبراير، إن ما بين 500 ألف و1.47 مليون عراقي يعيشون في المناطق الأكثر عرضة للخطر على امتداد نهر دجلة «لن يبقوا على الأرجح على قيد الحياة» من تداعيات الطوفان ما لم يتم إجلاؤهم إلى مناطق آمنة. وستجرف المياه في طريقها مئات الكيلومترات المليئة بقذائف لم تنفجر ومواد كيماوية وكذلك الجثث والمباني. وتؤكد الوثيقة أن الخسائر البشرية والمادية والاقتصادية والبيئية ستؤدي إلى تعطل نظام الحكم وسيادة القانون. وامتنع المسؤولان الأميركيان عن كشف محتوى رسالة أوباما على وجه الدقة. ولم يتسن التأكد من تأثيرها في الحكومة العراقية. لكن بعد 11 يوماً من تسليمها، أعفى العبادي وزير الموارد المائية محسن الشمري من مسؤوليته عن السد، على ما ورد في بيانات منشورة. وقال مصدر في الحكومة العراقية تم إطلاعه على الخطط الخاصة بسد الموصل، إن علاقات الولايات المتحدة بالشمري، وهو حليف رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر المعادي للولايات المتحدة، تدهورت بشدة، إلى درجة أنه كان ينسحب من الاجتماعات التي يحضرها السفير الأميركي لدى العراق ستيوارت جونز. وقال مسؤول في السفارة إنه تم إبلاغ المسؤولين في واشنطن في إحدى المرات، أن الشمري جلس في حجرة مجاورة واستمع إلى ما دار في الاجتماع عبر دائرة صوتية، «غير أن المسؤول قال إن التعاون مع العبادي كان يسيراً ومن دون مشاكل». ولم يعلق الشمري على الاجتماعات، وأشار إلى أن التنبؤات المتعلقة بالسد ليست سوى عذر لإرسال المزيد من القوات الأجنبية إلى العراق. وفي الثاني من آذار (مارس)، وقّع العراق عقداً بقيمة 296 مليون دولار مع مجموعة «تريفي» الإيطالية لتدعيم السد الواقع شمال العراق والذي ظل في حاجة إلى هذا التدعيم منذ بنائه في أوائل الثمانينات على عروق من الجبس الذي يمكن أن يذوب في الماء. وقال المسؤولون الأميركيون إن قرار أوباما إرسال رسالته إلى العبادي كان من دوافعه تقارير مقلقة من الاستخبارات، ودراسة جديدة أجراها سلاح المهندسين في الجيش الأميركي أظهرت أن السد غير مستقر بدرجة أكبر من الاعتقادات السابقة. وقال بول سالم، وهو نائب رئيس «معهد الشرق الأوسط» في واشنطن: «إذا انهار السد ستنجم عنه فوضى وأضرار قد تتسبب في انهيار حكومة العبادي، وسيمثل نقطة سوداء في ما سيذكره التاريخ عن أوباما». وأكد مسؤولون ومحللون أميركيون وعراقيون إن مساعي إصلاح السد الواقع على بعد 48 كيلومتراً إلى الشمال الغربي من الموصل، تعطلت بسبب الفوضى التي سادت الوضع الأمني في العراق والانقسامات السياسية في بغداد، بالإضافة إلى الانقسامات الثقافية. و «العبادي، الذي تزيد أعباؤه بسبب الحرب على داعش والخلافات السياسية والعجز في الموازنة نتيجة هبوط أسعار النفط، يركز الآن على السد ويشرف على الجهود الرامية إلى إصلاحه»، لكن شركة «تريفي» تؤكد أن إعداد موقع العمل سيستغرق أربعة أشهر، في حين يواجه السد المستخدم في توليد الكهرباء ويبلغ طوله 3.5 كيلومتر، أكبر خطر بين نيسان (إبريل) وحزيران (يونيو) جراء ارتفاع مناسيب المياه بسبب ذوبان الثلوج. وتوقفت أعمال الصيانة بعد أن سيطر «داعش» على السد لمدة أسبوعين في آب (أغسطس) عام 2014، ما أدى إلى تشتت العاملين وتدمير المعدات. واستؤنف العمل في الشهور الأخيرة، لكن المسؤولين قالوا إن الحيلولة دون انهياره تحتاج إلى خبرات دولية. وعلى رغم أن التقرير الكامل الذي أعده سلاح المهندسين في الجيش الأميركي لم ينشر، فقد ظهرت على موقع البرلمان العراقي في 30 كانون الثاني (يناير) شرائح لما خلص إليه من نتائج، وفي إحدى هذه الشرائح أن كل ما تم جمعه من معلومات في العام الماضي يشير إلى أن سد الموصل يواجه خطر الانهيار بدرجة أكبر بكثير مما كان معتقداً من قبل». وقال مسؤول عراقي كبير مشترطا عدم نشر اسمه، إن التقييم الأميركي «ساهم في قرار استكمال التعاقد مع الشركة الإيطالية بعد محادثات استمرت شهوراً».

مشاركة :