يعيش الممثل عبد المنعم عمايري أوقاتاً عصيبة منذ بداية «طوفان الأقصى» والجرائم التي ترتكبها اسرائيل في حق الشعب الفلسطيني الأعزل وشلالات الدم التي تسال يومياً.عمايري الذي تعود جذوره لقرية الجاعونة في صفد تحدث لـ «الراي» عن موقفه مما يحصل في غزة والمشروع الذي يُعِدّ له من أجل قضية فلسطين.• كفنان من أصول فلسطينية كيف تتفاعل مع الواقع التي تعيشه غزة منذ 7 أكتوبر؟- أحضّر لمشروع مهم وعميق.• وما هذا المشروع؟- أنا أبكي كل يوم وأموت مئة مرة ولا أستطيع أن أفعل شيئاً. لا يوجد لدي ما أفعله سوى متابعة الأخبار ومَن يموتون. والحقيقة أنه لا يوجد كلام يعبّر عن الواقع التي تعيشه غزة. كل الكلام تافه أمام ما يحصل في غزة. ما يَجري يحتاج الى عمل من نوع آخر وليس مجرد التنديد. نحن عاجزون عن فعل أي شيء. لست نشيطاً على السوشيال ميديا ولا أجيد التعامل معه، وأنا بصدد التحضير لملف أقدّمه للإعلام بشكل أو بآخَر مع مجموعة من الفلسطينيين في العالم العربي والمهجر. هذا هو المشروع الذي أعمال عليه.• وماذا يتضمن؟- يتضمن المواقف العملية وليس المواقف الشفوية التي تُقَدَّم من كل الناس كالتعاطف والتنديد. فحتى لو تعاطفتُ من اليوم وحتى مئة سنة، فلن يهتم الصهاينة، وسواء بكيتُ أو لم أبكِ هم لا يهتمون لي ولا لغيري. الموضوع الذي أحضّر له مختلف، فيه تفكير وعمق وبحْث. ولا يكفي البكاء ونحن جالسون أمام شاشات التلفزيون.* وكيف يمكن أن يكون تأثير هذا الملف؟- سأطلّ عبر الأعلام كي أسأل: كيف لنا أن نقدّم شيئاً يكون بمستوى ما يحصل، ولكن ليس من خلال البكاء والتنديد والاعتصام.* وماذا يمكن أن نفعل؟- هذا هو السؤال الذي أطرحه مع علامة استفهام وتعجُّب فظيعة. أنا لا أعتمد على الكلام لأنه لا يقدّم ولا يؤخّر. أنا أحضّر لملف له علاقة بالقضية الفلسطينية كما كنتُ أفعل دائماً سواء من خلال فيلم (القيامة) أو مسرحية (جان جنين) التي عرضتُها في بيروت وتناولتْ مجزرة صبرا وشاتيلا وجرائم العدوان الإسرائيلي. أنا فنان ولست سياسياً ولا أملك المال كي أدعم. ما يحصل موجع جداً والمشكلة أننا لا نستطيع أن نفعل شيئاً. حتى دول العالم والأمم المتحدة عاجزة عن القيام أي شيء، فهل بإمكاني كممثل أن أفعل شيئاً؟ ولكنني أحاول. لسنا يائسين بل نحاول ما في وسعنا قدر المستطاع، ولكن ليس بالبكاء والكلام والتنديد والشعارات. كل شيء صار واضحاً في العالم وفي الغرب صاروا يعرفون الحقيقة، والمشكلة أن شلالات من الدماء تسيل يومياً أمامنا، فما نفع الكلام.* إلى أي منطقة من فلسطين تعود جذورك؟- أنا ولدت في دمشق ووالدي وُلد في فلسطين.* في أي مدينة في فلسطين؟- أبي أتى الى سورية عن طريق لبنان. هو من قرية اسمها (الجاعونة) وهي من القرى المنسية في صفد. والدي نزح عندما كان في عمر السابعة في أيام النكبة عام 1948 واستقر في الشام.* هل ترى أن الفن ارتقى الى المستوى الذي تستحقه القضية الفلسطينية؟- الفن لم يرتقِ على الإطلاق إلى المستوى الذي تستحقه القضية الفلسطينية ولا يوازي الصورة التي نشاهدها على الشاشات.* لماذا؟- لعدم وجود الإمكانات. وقد يكون مسلسل واحد هو (التغريبة الفلسطينية) قد نجح إلى حد ما في ملامسة القضية الفلسطينية، ولكن مقارنةً مع ما نراه على أرض الواقع لا يمكن لأي فنّ أن يوازي هذه الصورة التي نشاهدها بشكل مباشر بل هو يحتاج إلى إمكانات ومواد. نحن نشاهد الصور مباشرة وبينها تفجير البيوت وكتابة الناس لأسمائهم على أيديهم وأرجلهم، ولا يمكن لأي فن في العالم أن يوازي هذه الصور التي تُنقل إلينا مباشرة. وقد حاول إيليا سليمان من خلال أفلامه أن يلامس الصورة التي نراها أمامنا على شاشات التلفزة. لكن الفن له ضرورة، سواء الموسيقى أو الفن التشكيلي أو سواهما، وليس فقط فن التمثيل أو فن السينما، مع أنه سيَسقط حتماً أمام صور الموت التي تضجّ بها الشاشات. هناك صعوبة بالغة في تَناوُل ما يحصل في غزة.* ومتى سيرى مشروعك النور؟- الملف صحافي إعلامي ويتضمن وثائق، ويشارك فيه عدد من الممثلين بشخصياتهم الحقيقية وليس كممثلين، ولكنني أحتاج إلى التمويل، وأنا بصدد التعاون من أجل ذلك مع بعض الأشخاص المقربين. المشروع الذي أحضّر له إنساني بحت.* وكيف تتوقّع أن يكون تأثيره وعلى ماذا تراهن في ذلك؟- هو لن يؤثر ولن يفعل شيئاً ولكنها محاولة. لربما... مع أنني أعرف أنه لن يؤثر في شيء. نحن أمام آلة غربية تخطط لمليون سنة إلى الأمام بينما نحن انفعاليون لأن الحَدَث موجود منذ عام 1948 ومشكلتنا كعرب أننا نتأثر بحدَث لطالما كان موجوداً.
مشاركة :