بعد يومين على انفجار حارة حريك، تمكنت التحقيقات من كشف هوية الانتحاري الذي نفذ العملية الإرهابية، فأعلنت قيادة الجيش في بيان أنه «تبيَّن بنتيجة فحوصات الـ DNA لأشلاء الانتحاري التي وجدت داخل السيارة المستخدمة في عملية التفجير، أنها عائدة للمدعو قتيبة محمد الصاطم، وتستمر التحقيقات بإشراف القضاء المختص لكشف كامل ملابسات الحادث». وفيما تتركز التحقيقات حالياً على معرفة حركة الاتصالات التي قام بها الصاطم منذ ستة أشهر وحتى انفجار حارة حريك، تبنى تنظيم «داعش» الانفجار وتوعد بالمزيد، وذلك في بيان نشره عبر تويتر حساب «مؤسسة الاعتصام» التابع للتنظيم ونقلت مضمونه أيضاً مؤسسة «سايت» المتخصصة في رصد المواقع الإسلامية. وجاء في بيان التنظيم «اخترقنا المنظومة الأمنية لـ «حزب الله» وتم دك مربّعه الأمني، وهذا دفعة أولى صغيرة من الحساب الثقيل الذي ينتظر هؤلاء المجرمين». وكان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر أعطى الأمر بتسليم أشلاء الصاطم الى ذويه في وادي خالد في عكار. على صعيد آخر، قامت صباح امس، الهيئة العليا للإغاثة وبتوجيهات من رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي، بدفع بدل إيواء للمتضررين من تفجير حارة حريك، بعد أن جال بالأمس أمين عام الهيئة بالتكليف اللواء الركن محمد خير على موقع الانفجار، واطلع على حجم الأضرار التي نتجت عن التفجير. التشييع الى ذلك، شيعت الضاحية الجنوبية امس عدنان عوالي الذي قضى في الانفجار في موكب حاشد في جبانة بئر حسن، حضره النائبان علي بزي وعلي عمار وشخصيات سياسية وحزبية وعلمائية وفعاليات اجتماعية وحشد من أهالي المنطقة وذوو الشهيد. وبعد أن ووري الجثمان الثرى، ألقى عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي عمار كلمة اعتبر فيها ان «شهداء حارة حريك هم ضحايا لمشروع تكفيري، الغائي، واقصائي يستهدف الوحدة في لبنان». ودعا اللبنانيين إلى «المزيد من التوحد والتعقل، والى نبذ كل أشكال التطرف، لان المستهدف في لبنان كل لبنان وهو أيضاً يستهدف كل اللبنانيين». وتابع: «هناك خطاب تبريري برر للعدوان الإسرائيلي، وهو يبرر الآن للوجه الآخر لهذا العدوان الإرهابي وعلى أصحاب هذا الخطاب مراجعة حساباتهم». وطالب عمار بـ «حكومة وحدة وطنية وبإعادة الاعتبار للمؤسسات الوطنية التي عطلها فريق معين، بدءاً من مجلس الوزراء وصولاً إلى مجلس النواب، ونحن من دعاة الحوار وتشكيل حكومة وحدة وطنية تتحمل مسؤوليتها لإنجاز الاستحقاق الرئاسي». واعتبر أن «هناك دواعش وجبهة نصرة في السياسة في لبنان، وهناك من هو مصر على تبرير منطق الإرهاب وفتح موطئ قدم للإرهاب، ونحن نرفض كل عمليات التفجير في لبنان، وكما أحزننا بالأمس الشهيدان علي خضرا وملاك زهوي، أحزننا أيضاً محمد الشعار والوزير السابق محمد شطح». وأشار إلى أن «هناك هوية أصبحت مكشوفة للإرهاب، وهي هوية «الأماجد» وأصحاب الأماجد». كما شيع بعد الظهر الشاب علي حسن خضرا (18 عاماً) في حارة حريك إلى مثواه الاخير، في مأتم شعبي مهيب. ودعا عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي بزي إلى «الوحدة ضد الفتنة والحوار ضد القطيعة وحكومة جامعة لا تستثني أحداً على الإطلاق»، مطالباً بـ «الارتقاء إلى مقاربة مسؤولة لقضايانا، وفتح صفحة جديدة ونسيان السجالات التي حصلت في السابق لتشكيل حكومة وحدة وطنية تعالج قضايا الناس». وأضاف: «إن من مصلحة لبنان أن ينخرط في منظومة الحرب ضد الإرهاب»، لافتاً إلى أن «الإرهاب يتنقل من منطقة إلى أخرى، نفس الفكر والعقل هو الذي يفجّر، ولا يستثني أحداً من اللبنانيين»، قائلاً: «ربما الآتي سيكون أعظم إذا لم تتضافر جهود الجميع». كما شيعت الضاحية بعد الظهر جثمان الفتى علي حسين خضرا ابن السبعة عشر سنة الذي قضى في التفجير أيضاً، إلى مثواه الأخير في روضة الشهيدين، في الغبيري على وقع هتافات «لبيك يا زينب»، في حضور أهله ومشاركة رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النيابية محمد رعد ونواب وشخصيات سياسية وحزبية وحشد من المواطنين. وأمَّ السيد سامي خضرا الصلاة على جثمان خضرا. وظهراً، حضر أصدقاء خضرا المفجوعين، وهم في الصفّ الثالث ثانوي إلى مكان الانفجار حيث وضعوا الورود الملونة، تأكيداً منهم على «الاستمرار في الحياة، مهما امتدت يد الإرهاب عليهم».
مشاركة :