حسونة الطيب (أبوظبي) في أعقاب معاناة طال أمدها، بدأ قطاع أشباه الموصلات العالمي، في العودة لسكة النمو والانتعاش، في بعض جوانب التقنية، ما ألقى الشعور بالراحة على الحكومة الأميركية، التي أنفقت مليارات الدولارات في سبيل النهوض بالقطاع. ويعني تعافي سوق أشباه الموصلات، إمكانية تحقيق الاقتصاد العالمي للنمو، بصرف النظر عن التحديات المتمثلة في التضخم، وفيما يشهده العالم من توترات جيوسياسية. وعادة ما تشكل الرقاقات الإلكترونية، حجر أساس للعديد من الأجهزة والمنتجات، التي تتراوح بين أجهزة الحواسيب الشخصية والهواتف النقالة، إلى مراكز البيانات والسيارات. وأعلنت سامسونج الكورية الجنوبية، أكبر شركة في العالم لإنتاج شرائح الذاكرة، عن تراجع في صافي أرباحها السنوية بنحو 38% للربع الثالث من العام الجاري، لكنها أشارت لعودة المستهلكين لمخزونهم الطبيعي، في حين خفف تقليص معدلات الإنتاج، من وطأة الفائض. ويبث انتعاش القطاع الطمأنينة في أوساط الحكومة الأميركية، التي أنفقت بموجب قانون الرقاقات والعلوم في العام الماضي نحو 53 مليار دولار للنهوض بهذه الصناعة. ويدعم حلفاء أميركا مثل اليابان وكوريا الجنوبية والدول الأوروبية قطاعات صناعة أشباه الموصلات في بلدانها، سواء بالمال أو بالقوانين التنظيمية. ومن المتوقع تراجع إيرادات السوق العالمية لأشباه الموصلات، بنحو 12% خلال هذه السنة 2023، بيد أنها تتعافى في العام المقبل بنسبة نمو تتجاوز 11% لما يقارب 550 مليار دولار، بحسب مؤسسة الاستراتيجيات العالمية للأعمال، العاملة في استشارات الرقاقات الإلكترونية. ويعتبر الانتعاش الحالي آخر عمليات التذبذب، في قطاع اتسم بالتضخم والانكماش. نتج عن ذلك نقص في الرقاقات الإلكترونية حتى العام 2022، ليتفاقم بسبب التضخم والأزمة الروسية الأوكرانية. ولجأت مؤسسات التقنية والمستهلك للحد من الإنفاق، ليتراكم المخزون لدى الشركات المُصنعة. وعمدت شركات أشباه الموصلات باستثناء تلك المرتبطة بانتعاش الذكاء الاصطناعي مثل نفيديا، لخفض معدلات الإنتاج وتأجيل الاستثمارات وتجميد عمليات التعيين والتسريح. وبلغت الأرباح التشغيلية لشركة سامسونج بداية السنة الحالية، أسوأ مستوى لها منذ العام 2009. وتراجع طلب أجهزة الحاسوب الشخصي بنسبة سنوية قدرها 7.6% خلال الربع الثالث من هذا العام، ما يدل على تجاوز السوق الفترة الأسوأ بحسب الشركة العالمية للبيانات. كما شهدت رقاقات الذاكرة، أعلى نسبة من التراجع في الأسعار. ويتوقع عدد قليل من المراقبين العودة لقفزة الطلب في 2020، خاصة في ظل عدم اليقين الاقتصادي في الصين. كما أن وتيرة مبيعات السيارات الكهربائية، لم تكن بالسرعة التي يتوقعها صُناع الرقاقات. ونظراً لضعف مبيعاتها في القسم المتخصص في صناعة الرقاقات المستخدمة في ألعاب الفيديو، تتوقع أدفانس مايكرو، المنافسة لشركة إنتل، أداء باهتاً خلال الربع الأخير من هذا العام 2023. وفي الوقت الحالي يشهد طلب الرقاقات المستخدمة في مزارع مُخدمات الشركات والعمليات الحسابية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، ونظام البناء الصناعي، انتعاشاً أكبر. ومن المرجح في ذات الوقت، استمرار الذكاء الاصطناعي في تعزيز طلب رقاقات معالجة الصور، التي تقوم بإنتاجها شركات مثل نفيديا وأيه أم دي. ومن المتوقع تجاوز عائدات قطاع الرقاقات العالمي تريليون دولار بحلول العام 2030، مدفوعةً بنمو تقنيات الجيل القادم، التي تتراوح بين الذكاء الاصطناعي والقيادة الذاتية للسيارات.
مشاركة :