لندن/غزة - (رويترز): قال مصدر أمني إسرائيلي كبير ومسؤولان كانا يشغلان مناصب كبيرة في السابق إن أي توغل عسكري تنفذه إسرائيل في جنوب قطاع غزة المزدحم خلال الأيام المقبلة قد يكون أكثر تعقيدا من هجومها البري في شمال القطاع، مع احتمال سقوط عدد أكبر من القتلى في صفوف المدنيين والقوات. وأشار متحدث باسم الجيش الإسرائيلي الجمعة إلى أن العملية العسكرية ضد حركة حماس ستشق طريقها نحو جنوب غزة، لكنه لم يشر إلى توقيتها. وشهد جنوب قطاع غزة موجة من القصف يوم الخميس في محيط مدينة خان يونس، مما أثار مخاوف بين الفلسطينيين النازحين الذين يحتمون هناك من أن الهجوم العسكري المتوقع أصبح وشيكا. وفر مئات الآلاف من سكان غزة إلى جنوب القطاع في الأسابيع الماضية بعد أن انذرتهم إسرائيل بمغادرة الجزء الشمالي من القطاع. والآن يشعر الكثيرون بالخوف بعد أن أسقطت منشورات بالقرب من خان يونس يوم الخميس تطالبهم بترك أماكنهم مرة أخرى، ولكن هذه المرة باتجاه الغرب. وقال عطية أبو جاب من أمام خيمته التي تعيش فيها الآن عائلته بعد أن فرت من مدينة غزة «لقد طلبوا منا، نحن مواطني غزة، أن نذهب إلى الجنوب. ذهبنا إلى الجنوب. والآن يطلبون منا أن نغادر. إلى أين نذهب؟». وسقطت المنشورات في المناطق المحيطة بخان يونس قبل القصف العنيف، وهو الأسلوب ذاته الذي استخدمته إسرائيل قبل بدء هجومها البري قبل ثلاثة أسابيع. وأصدرت إسرائيل تحذيرا جديدا للفلسطينيين في مدينة خان يونس أمس وطالبتهم بالابتعاد عن مرمى النيران والاقتراب من المساعدات الإنسانية قبل بدء الضربات الجوبة. وقال جيورا إيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، إن الهجوم البري قد يستغرق ما بين ثلاثة إلى أربعة أسابيع لقمع مقاومة حماس في الجنوب، حيث تتمركز قيادات الحركة الآن. وأضاف في تصريحات لرويترز «يتمثل أحد أصعب التحديات في أن معظم سكان قطاع غزة يتمركزون الآن في الجنوب... قد يسقط المزيد من المدنيين... وهذا لن يردعنا أو يمنعنا من المضي قدما». وأثارت تزايد الخسائر في صفوف المدنيين بسبب الهجوم غضبا في أنحاء الشرق الأوسط ولدى دول غربية، منها الولايات المتحدة أقرب حلفاء إسرائيل. وتقول السلطات الصحية في قطاع غزة إن أكثر من 12 ألف شخص استشهدوا منذ بداية الحملة العسكرية التي شنتها إسرائيل ردا على هجوم السابع من أكتوبر الذي نفذته حركة حماس التي تدير قطاع غزة. وتقول إسرائيل إن مسلحي حماس قتلوا نحو 1200 شخص واحتجزوا نحو 240 آخرين في الهجوم. وقال مسؤول أمريكي كبير لرويترز إنه نظرا لزيادة عدد السكان في الجنوب، فإنه يرجح ألا تركز إسرائيل على الضربات الجوية بشكل كبير وأن تعتمد بدلا من ذلك على توغل القوات البرية، وهو ما يتفق مع تقييمات مصادر إسرائيلية. وقال المسؤول الأمريكي أيضا إن إسرائيل ليس أمامها خيار سوى شن هجوم في الجنوب إذا أرادت هزيمة حماس وهو الهدف المعلن للحملة العسكرية. وقال الأميرال دانيال هاجاري كبير المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي في مؤتمر صحفي الجمعة إن الهجوم الموسع سيبدأ عندما ترى القوات المسلحة أن ذلك هو أفضل موعد لذلك. وأضاف: «نحن مصممون على المضي قدما في عمليتنا. سيكون ذلك في أي مكان توجد فيه حماس، بما في ذلك جنوب القطاع»، دون تقديم مزيد من التفاصيل. ساندت واشنطن الحملة العسكرية الإسرائيلية الرامية إلى القضاء على حركة حماس لكن لم يصل بها الأمر إلى حد السعي لوقف إطلاق النار ولكنها دعت إلى هدنات للسماح بدخول المساعدات لسكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة. وقالت الولايات المتحدة إن عددا كبيرا من القتلى قد سقطوا بالفعل في صفوف المدنيين. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر للصحفيين يوم الخميس «أجرينا محادثات معهم لإقناعهم بأنهم بحاجة إلى ضمان وجود... ممرات إنسانية للمدنيين بينما يواصلون النظر في تنفيذ عمليات برية أو عمليات عسكرية موسعة في أجزاء أخرى من غزة». وتقول إسرائيل إنها تبذل كل ما في وسعها لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين في عملياتها العسكرية، غير أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قال يوم الخميس إن تلك الجهود «لم تنجح»، واصفا مقتل أي مدني بأنه مأساة. وبعد أن صار الفلسطينيون محصورين فعليا، فإن المرحلة الثانية من الحملة العسكرية الإسرائيلية تنذر بمخاطر تفوق مخاطر المرحلة الأولى. وتشير تقديرات الأمم المتحدة التي تستند إلى البيانات الصادرة عن السلطات الفلسطينية إلى أن نحو 400 ألف من سكان غزة نزحوا نحو الجنوب. وقال المصدر الأمني الإسرائيلي الكبير إنه يتوقع أن يكون القتال في الجنوب أكثر قوة وضراوة، مع احتمال سقوط المزيد من القتلى من الجانبين. وأضاف أن مدينة خان يونس تمثل قاعدة قوة لقائد حركة حماس في غزة يحيى السنوار. وفي خان يونس، قال أحمد (23 عاما) إن عددا كبيرا من مقاتلي حماس نجوا من الهجوم في الشمال. وأضاف «هل يريد (الإسرائيليون) القدوم إلى الجنوب؟ يمكنهم ذلك. (رجال) المقاومة سيبادلونهم الهجوم لأنه لا أحد يرحب بالمحتلين».
مشاركة :