للهوية والأصالة، تنتصر مسرحية أيام اللولو التي عرضت، أول من أمس، ضمن الأعمال المشاركة في النسخة الـ26 لمهرجان أيام الشارقة المسرحية، وهي لفرقة مسرح دبي الأهلي، وتأليف وإخراج ناجي الحاي الذي يعود بعد سنوات من ابتعاده عن أبوالفنون. 3 رجال وسيدة فتحت ستارة شكسبير منتقماً على مشهد بموسيقى عالية، وثلاثة رجال وسيدة (ماكبث وعطيل وهاملت والملكة)، في عمل درامي يستند إلى ثلاثة نصوص لشكسبير الذي مازالت أعماله قابلة لأن تتجلى على خشبات المسرح في أماكن عدة بالعالم. والمسرحية من إخراج كريم مهند، وإعداد محمد أبوعرابة، وتمثيل نبيل المازم، وأحمد أبوعرادة، وشريف عمر، وهلا بصار، تبدو النصوص التي اجتمعت معاً ذات ملامح عربية. وترصد شكسبير منتقماً الكثير من التفاصيل في مخادع الحب داخل القصور وصالات الموسيقى، في ظل سعي إلى بحث جاد وحقيقي عن مفاهيم وقيم عامة، كالجمال والخير والحق، كي تستقيم الحياة وتكون أفضل، وذلك طوال العمل الذي بلغ نحو 30 دقيقة. وتدور حول الصراع على العرش ومؤامرات القصور، وتخطي القيم الأخلاقية من أجل العرش. كما أطل شكسبير على جمهور مهرجان أيام الشارقة المسرحية، بملامح عربية في عرض شكسبير منتقماً في معهد الشارقة للمسرح. تسجل أيام اللولو التي تقوم ببطولتها بدرية أحمد وبدور، انتصاراً للهوية، إذ تعرض معاناة الشابة سوزان مع أمها العجوز لولوه السالم، التي أصابها الخَرَف، وتتوهم أنها لاتزال تعيش في عالم العز مع زوجها المتوفى، إذ كانت لهم ثروة طائلة، وكانت لولوه ترتبط بصداقات مع نساء غربيات، وتعيش على نمط حياتهن، مترفعة على حياة مجتمعها، وبعد موت الزوج، خدعها شركاؤهما في المؤسسة التي كان يديرها زوجها، واستحوذوا على حصتها فيها، وما يؤرق سوزان هو الهذيان الدائم لأمها التي تخاطب خيالات من ماتوا وكأنهم معها، وتتوهم أنها عاملة وتصدر لها الأوامر، ولا تتركها تستريح. وشكل العرض إعلان عودة الحاي إلى العمل المسرحي بعد أن نأى عنه لسنوات، وأكد أصالته ككاتب ومخرج يبحث عن التميز، ويسعى لأن يكون ما يقدمه إضافة نوعية إلى الساحة المسرحية. تتذمر سوزان من أوهام أمها التي لا حدود لها، وتقول لأحد أولئك الأشخاص المتخيلين مهددة، إنها هي لولوه السالم ابنة السادة والحسب الرفيع، ذات المال والجاه الكبير القادرة على سحق كل من يعصي أوامرها، فتثور ثائرة البنت، وترد عليها بأنها لم تكن في يوم من الأيام ابنة سادة، وإنما كانت ابنة صياد بسيط، وأن المال الذي تتبجح به كان مالاً حراماً جمعته هي وزوجها من الاحتيال والنصب على الناس، وذهب كله أدراج الرياح، ولم تعد تملك درهماً، وهي الآن عجوز خَرِفَة تعيش على نفقة إدارة رعاية العَجَزَة. عندما تسمع الأم ذلك الكلام، تكذّبها وتسبها، وترفع عكازها في وجهها، منكرة أن أباها كان سمّاكاً، فترد عليها سوزان بأنه فعلاً كان كذلك، وأنها هي لولوه وزوجها هما اللذان تنكّرا لأصلهما، وفضّلا أن يعيشا حياة زائفة غريبة عن مجتمعهم، وعلى نمط غربي، وأنهما نتيجة لذلك دفعا بها هي (سوزان) إلى تلك الحياة، وجعلاها تعيش حياتها كلها في لندن بعيداً عن أهلها، وتلوم أمها على أنها أرغمتها على دراسة الباليه، وقطعتها عن مجتمعها وأهلها لا لشيء كي تظهر نفسها للآخرين أنها امرأة متحضرة تسمح لابنتها بدراسة الرقص، لكنّ ذلك كان على حسابها هي، البنت المسكينة التي بُتِرَت من مجتمعها، وقطعت عن حياته وتقاليده، ولم تعد تربطها به رابطة، وها هي اليوم عندما اضطرت للعودة إليه، لا تعرف كيف تتواصل معه، فتاة لم تتعلم أي شيء سوى رقص الباليه الغريب على مجتمعها، فكيف ستدبر حياتها، وكيف سيتقبلها أهلها ومجتمعها. ترتد سوزان إلى ذاتها، فتشكو تعبها من وضع أمها الخرفة، وتعبر عن حنينها لبيت جدها السمّاك الذي فتحت عينيها عليه وعلى بساطته وطيبة ساكينه، وهي صغيرة، قبل أن تُقْطع عنه، فتفقد تلك الطيبة، وتنتهي المسرحية بإصابة الأم بنوبة إغماء، فتظن ابنتها أنها ماتت، وتصاب بهلع وتظهر التفجع عليها، وتناشدها ألا تموت، وأن تسامحها، ويحدث إظلام ثم إضاءة، ترفع خلالها الأم رأسها لتواصل صراخها وهذيانها، ثم إظلام نهائي.
مشاركة :