وضع الأردن قيودًا على دخول اليمنيين إلى أراضيه منذ منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعد سيطرة الميليشيات الانقلابية على مفاصل الدولة اليمنية، واحتلالهم العاصمة صنعاء تحسبًا لتسرب الحوثيين إلى الأردن، لكن ذلك لا ينطبق على ركاب الترانزيت من اليمنيين أو غيرهم، ممن يصلون إلى مطار الملكة علياء متجهين إلى إسرائيل أو أي جهة أخرى. جاء هذا الرد الرسمي الأردني على خلفية تقرير لـ«الشرق الأوسط» يكشف أن مجموعة من اليهود اليمنيين تم نقلهم على متن طائرة من العاصمة صنعاء إلى مطار الملكة علياء، ومن هناك غادروا إلى إسرائيل. ما إن ظهر اليهودي اليمني بجوار رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، أثناء استقبال الأخير 19 منهم تم نقلهم في رحلة سرية من العاصمة اليمنية صنعاء إلى تل أبيب يوم الاثنين الماضي، إلا ومثلت صورته الحديثة في تل أبيب والسابقة حين كان مقاتلا في صفوف مسلحي الحوثيين مادة لليمنيين في مواقع التواصل الاجتماعي. وتداول اليمنيون صورة المقاتل وهو يحمل بندقيته وعليها شعار الجماعة الحوثية «الموت لأميركا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود»، وإلى جانبها صورة حديثة للشخص وهو يقوم بتسليم نتنياهو مخطوطة يمنية قديمة قيل إنها للتوراة، ويرجع تاريخها إلى نحو 500 - 600 عام، وهي مكتوبة على جلد حيوان وتم حفظها قرابة سبعة قرون. واختلفت تعليقات الناشطين اليمنيين، بين المتهكمة والساخرة، والقائلة بأن المحارب السابق في صفوف الميليشيات المسلحة أول المحررين لفلسطين المحتلة من براثن الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني الذي ما دام صدعت به جماعات الحوثي خلال السنوات الماضية. وغادر الـ19 يهوديا يمنيا العاصمة اليمنية صنعاء بعد صفقة أبرمتها جماعة الحوثي مع إسرائيل بوساطة أميركية، وعلى دفعتين، الأولى تم فيها نقل شخصين إلى إسرائيل، فيما الأخيرة نقلت 17 يهوديا، منهم 12 من مدينة ريدة بمحافظة صعدة، بينهم 7 أطفال والحاخام سليمان دهاري وعائلته، الذي هرّب معه كتاب التوراة القديم. وأعلنت الخارجية الأميركية أنها وجهات أميركية أخرى ساعدت في نقل اليهود اليمنيين إلى إسرائيل عبر عملية سمتها بالمعبر المعقد. وهذه ليست الهجرة التي تمت بصفقة سرية بين السلطات اليمنية في صنعاء وإسرائيل وعبر وسطاء دوليين ليست الأولى، إذ سبقتها هجرات سابقة بدأت بعد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، حيث هاجر نحو 52 ألف يهودي إلى إسرائيل في عملية «بساط الريح» امتدت بين عامي 1949 و1950. ومعروف أن الأمام يحيى حميد الدين وقبل مصرعه في فبراير (شباط) عام 1948م على يد الشيخ علي ناصر القردعي، ومن بعده نجله الإمام أحمد المتوفى في سبتمبر (أيلول) 1962م متأثرا بجروحه الناتجة عن محاولة اغتيال قام بها ثلاثة من ثوار اليمن أثناء زيارته لمستشفى الحديدة، كان الاثنان وافقا على هذه الهجرة لمواطنين يمنيين منتصف القرن الماضي، وفق صفقة سرية ما زالت تفاصيلها مجهولة حتى يومنا. وقالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، إن عملية إخراج اليهود استوجبت تنسيقًا بين وزارة الخارجية الإسرائيلية، ونظيرتها الأميركية، وهياكل حكومية سرية وعلنية أخرى، لاستكمال تهجير اليهود اليمنيين إلى إسرائيل، العملية التي لم تتوقف حسب الصحيفة منذ 1949. وأكدت الصحيفة أن ما لا يقل عن مائتي يهودي نجحوا في الخروج من البلاد نحو إسرائيل في السنوات القليلة الماضية، انطلاقًا من العاصمة اليمنية صنعاء. وأوضحت الصحيفة أن العملية السرية جرت بالتنسيق مع المسؤولين في مدينة صنعاء، لتأمين سريتها واستمرارها بما لا يُشكل أي خطر على المهاجرين الجُدد. وقالت الوكالة اليهودية، وهي أكبر وكالة غير حكومية في العالم لربط يهود العالم بتراثهم الثقافي ولإعادة توطين اليهود في إسرائيل، إنها نفذت عملية سرية معقدة لإعادة 19 يهوديا يمنيا إلى إسرائيل. وقالت الوكالة في بيان: «وصل 19 شخصا إلى إسرائيل في الأيام الأخيرة، 14 منهم من ريدة (بمحافظة عمران) وأسرة من خمسة أشخاص من صنعاء». وأضاف بيان الوكالة: «كان من بين مجموعة ريدة حاخام البلدة، الذي جلب معه مخطوطة توراتية يرجع عمرها إلى ما بين 500 و600 عام». وكشف أحد أبناء الطائفة اليهودية اليمنية الموجودين حاليًا في إسرائيل أن أحد يهود اليمن الواصلين مؤخرًا ضمن عملية «المعبر المعقد» كان يقاتل على الحدود دفاعا عن ما سماه الوطن. وقال جوزيف زيون على صفحته في «فيسبوك»: أخبرني أحد الواصلين إلى إسرائيل أنه كان يقاتل على الحدود، يدافع عن الوطن. وأضاف: «قال بعد وقف الحوثي الحرب على الحدود قررنا الذهاب إلى إسرائيل، من باع الوطن غدا سوف يبيعنا»، لافتا إلى أن محدثه كان يبكي أثناء كلامه معه. وكانت وسائل إعلام إسرائيلية سلطت الأضواء على وصول اليمنيين إلى إسرائيل، كما وأظهرت حفاوة بنيامين نتنياهو بهؤلاء القادمين، وهو الأمر الذي قوبل بردة فعل هازئة وساخطة على الحوثيين وأتباعهم ومنهم اليهودي المقاتل السابق في صفوفهم. وأعلنت القناة الثانية الإسرائيلية عن وصول عدد من اليهود اليمنيين إلى إسرائيل، وأضافت أن اليهود اليمنيين والبالغ عددهم 17 يمنيا وصلوا إلى إسرائيل فجرا على متن طائرة من دولة لم يتم الكشف عن اسمها، وذلك بعد نقلهم قبل أسبوعين إلى هذه الدولة، لينضموا إلى يهوديين اثنين وصلوا إلى إسرائيل خلال الأيام الماضية. وقال نتنياهو: «أهلا وسهلا بكم في أرض إسرائيل، يسرني جدا أن أراكم هنا ومعرفتكم قراءة التوراة مؤثرة كثيرا للعواطف. هذا هو الأساس. فكرنا خلال سنوات طويلة كيف يمكن جلبكم إلى إسرائيل وبعون الله نجحنا في ذلك». وتناقل الناشطون صور اليهودي «صديق الحوثيين»، وهو يبتسم خلال استقبال نتنياهو له، مع عدد آخر، بينهم أطفال ونساء من ضمن اليهود الذي تم نقلهم من اليمن إلى إسرائيل بعملية سرية.
مشاركة :