ناقشنا في الأسبوع الماضي أهمية إعادة هيكلة وزارة التربية والتعليم، وأهمية إشراك المجتمع ممثلاً في الأسر في المسار التربوي والتعليمي من خلال موقع إلكتروني خاص بالأسر، وكذلك تغيير علاقة الطلاب بالكتاب (القراءة) وأثره على مسار التعلم. إصلاح التعليم لا يجب أن يكون بمعزل عن استطلاع آراء الجميع حول التعليم وربما نقط البدء الرئيسية بالمعلمين وكذلك الإداريين والأسر حيال واقع التعليم اليوم فبعض الأفكار التي قد تصل قد تكون هامة أو تكشف فجوة بين ما هو مخطط وآخر واقع. إن قدرة مؤسسات التعليم العام على اكتشاف مواهب الطلاب وتنميتها خيار إستراتيجي ليكون بديلاً عن النفط بتطوير نظام التعليم وليكون نظاماً تعليمياً بدوام كامل لتخصص حصص لتنمية مواهب الطلاب وإبداعاتهم، فالوزارة ترعى الموهوبين من خلال مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع وحققت العام قبل الماضي أكثر من 56 جائزة عالمية في 8 منافسات دولية وهو أمر إيجابي بلا شك، ولكن سيكون واقعنا أفضل لو نجحنا في اكتشاف مواهب وإبداعات عموم الطلاب ومثل هذا النظام يحقق نتائج نوعية ومن أبرز الأمثلة د. غازي القصيبي رحمه الله فقبل التحاقه بالتعليم في مملكة البحرين كان يعاني الكآبة والعزلة والانطوائية وكان لذات النظام تأثير في إطلاق قدرات غازي القصيبي الإداري الناجح والسفير الفذ والأديب الرائد. إن أهمية تطوير المعلمين من المهام الرئيسة في تطور مخرجات التعليم، وبحسب ما ذكر مالكوم جلادويل في كتاب "المتميزون" أن الأبحاث أثبتت أن مردود تعليم المعلمين المتميزين على الطلاب في السنة التعليمية تعادل تعليم عام ونصف بينما عندما يكون أداء المعلم متواضعاً فإن مردوده على الطلبة يعادل نصف عام تعليمي. وهنا يتضح الفرق ومقدار ما تخسره الأجيال أو تكسبه، وأهمية تدريب وتطوير المعلمين مع رسم نظام حوافز مالية ومعنوية. على مستوى الميدان التربوي فمن المهم إعادة هيبة المعلم التي فقدت وليس المطلوب العودة إلى وقت مضى عانى الطالب الاستبداد تحت ستار التعلم ولا واقع أستاذ الجامعة اليوم ولكن في حال بينهما يحفظ له كرامته وقيمته المعنوية داخل المدرسة، ومن ناحية أخرى واقع المعلمين في المجتمع لا يعد هاماً لدى البعض حيث يرونهم غير مجدين لبعدهم عن دوائر القرار وليس لديهم واسطات ونست تلك الشريحة أنهم يقومون بدور عظيم وهو تأسيس وعي أبنائهم وبناتهم ولا غرابة بعد ذلك أن يشعر المعلمون باليأس والإحباط، بالرغم أنه من المفترض أن تكون مهنة التعليم من المهن الأكثر دخلاً وأهمية، كما هو الحال في كوريا الجنوبية إذ يعد التعليم من أكثر المهن دخلاً والأكثر احتراما في المجتمع وهو ما يجب أن يكون واقعاً لدينا. إن إصلاح التعليم لا يجب أن يكون بمعزل عن تقييم بيئة المدرسة، فالمدارس تحوي شبوكاً وأسواراً عالية أشبه بالسجون – مع حفظ المكان والمكانة لأهم وأنبل مهنة في العالم – وأعتقد أن البديل الأنسب وهو ترسيخ مفهوم الانضباط وأن تكون المدارس جاذبة للطلاب وأن يكونوا سعداء بتواجدهم فيها لا أن يكونوا فرحين بأي مبرر يمنعهم من الحضور ما يضع عدداً كبيراً من الأسئلة حول مبررات وصول الطلاب إلى ذات المستوى منذ عقود دون أن يقرع ناقوس الخطر. تبقى نقطة في غاية الأهمية وهي تقييم نظام التقويم المستمر الذي أقر بعد تقرير الحلول الوسط، فلا حلول وسطًا في تشكيل وعي جيل، والنظام قلل من أهمية القراءة والتعلم لدى الأطفال منذ سنين مبكرة وتساوى الطالب الذي يعمل ويجتهد بآخر متخاذل عن دوره الريادي المستقبلي والحقيقة أن النجاح الذي يتحقق للطلاب من مثل هذا النظام – من وجهة نظري – هو نجاح وهمي حيث لا يتحقق النجاح في الحياة بطريقة يسيرة يتساوى فيها من يجتهد بآخر خامل. أخيراً لا غنى عن إعداد مجالس استشارية من المعلمين وأخرى من الطلاب متوسطي الذكاء والموهوبين للاستماع إلى مطالبهم ووجهات نظرهم وإعطائهم الثقة اللازمة للانطلاق للمستقبل وتأسيس جوائز وطنية مختلفة نوعية تبرز دور المعلم وقيمة الطالب وأهمية الكتاب وقبل كل شيء العلم ومكانته في مسيرة الأمم.
مشاركة :