هذا الخطابُ الربانيُّ «يا بني آدم» ربَّما يعيدنا إلى حقيقة وجودنا!.تفرَّقنا، وبدت البغضاءُ في صدورنا وأقوالنا، واستغللنا كلَّ المنابر والوسائل لكيل الاتِّهامات والسبِّ والقذفِ، ونكرانِ المعروفِ.الإعلامُ الذي كان محترمًا وحياديًّا، ويقدِّمُ الخبرَ والمعلومةَ الصحيحةَ عندما كان مصدر ثقة، تحوَّل معظمه إلى بوقِ الشيطانِ.!كَثُرت المحطَّاتُ والقنواتُ، ووجد كلُّ مَن يسوى ومَن لا يسوى، ولا يجد له فرصةَ الظهور في الإعلام الرسميِّ، وجدوا في قنوات التَّواصل والإعلام الجديد منبرًا يبثُّ من خلاله الحقدَ والكراهيةَ، والأكاذيبَ والافتراءاتِ على إخوانه في الدِّينِ أو العِرقِ أو اللونِ، المهمُّ أنْ يظهرَ بأيِّ صورةٍ، ويقول أيَّ كلامٍ.ما يحدثُ في عالمنا العربيِّ الآن، وما يحدثُ في غزَّة على يدِ الصهاينةِ، هو تجسيدٌ صارخٌ للكراهيةِ بين الشعوب، كما أنَّ بعض وسائل الإعلام المختلفة، كان لها دورٌ في تأجيج الكراهية.معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلاميِّ الدكتور محمد العيسى، أشار -خلال كلمته الافتتاحيَّة في المنتدى الدولي: «الإعلام ودوره في تأجيج الكراهية والعنف»- إلى هذه الحقيقة الجوهريَّة للشراكة البشريَّة، والخطاب الإلهيِّ للبشريَّة بقوله تعالى: «يَا بَنِي آدَم».أشار معاليه إلى الخطاب القرآنيِّ العامِّ الذي أتى كثيرًا بصيغةِ «يَا بَنِي آدَم»، تأكيدًا على أنَّ البشر جميعهم إخوةٌ، مع ذلك بدا بينهم الجفاءُ والكراهيةُ، ثُمَّ العداءُ والمواجهةُ، والصِّراعُ والصِدامُ.قال معاليه: «يعلمُ الإنسانُ أنَّ أصلَهُ واحدٌ، والإنسانُ المؤمنُ بربِهِ -أيًّا كان مكانُهُ وزمانُهُ ودينُهُ ومذهبُهُ- يعلم أنَّ نسلَه من آدم وزوجه..».هذه الفكرةُ الجوهريَّةُ التي تربط بين البشر منذُ الأزل إلى الأبد، لم تعدْ حاضرةً في الوعي، ولا في الذاكرةِ؛ لذلك كان من الأهميَّة التَّأكيد عليها، والتَّنبيه على أنَّ «الأصلَ الإنسانيَّ واحدٌ»، وأنَّنا جميعًا بكلِّ تنوُّعاتنا، واختلافِ ألواننَا ومشاربنَا، وعقائدنا، وانتماءاتنا، وأفكارنا، من أبٍ واحدٍ!.يَا بَنِي آدَم: كُفَّ عن تصديرِ العنفِ والكراهيةِ من خلال أيِّ وسيلة إعلاميَّة؛ لأنَّك تسيءُ إلى إخوتكَ، ويمتلئُ قلبكَ شرًّا، ويصطبغُ بالسَّوادِ، فلا مهربَ لك من مصيرٍ أسودَ.يَا بَنِي آدَم، وأنت تقتلُ العُزَّلَ في غزَّة، تُدمِّر وتُهجِّر، تنتزعُ أرواح الأبرياء -صغارًا وكبارًا، نساءً ورجالًا- تحتمي بقوَّتكَ العسكريَّة، هل تعلم أنَّ شعب غزَّة هم أبناءُ أبيكَ آدم؟!.لا.. ليسوا بشرًا هؤلاء الصهاينة، ولا يمكنُ أنْ يكونوا إخوةً لنا، هؤلاء من نسل إبليس -عليهم لعنةُ اللهِ-.هل أنا أمارسُ خطابَ الكراهية بقولي هذا؟ لا.. ليس هذا خطابَ كراهيةٍ، بل حقيقة ظهرت لنا في كلِّ الحروب والأزمات التي كان الصهاينةُ طرفًا فيها.يَا بَنِي آدَم: هذا الخطابُ الإلهيُّ للبشريَّةِ لابُدَّ أنْ يكونَ بلسمَ شفائِهَا من الكراهيةِ المتفشيةِ في الكرة الأرضيَّة. لابُدَّ أنْ يتعمَّقَ في العقول والنفوس التي تنتج الأسلحة الفتَّاكة، وتشعلَ فتيلَ الصِّراعات وتُدمِّر كلَّ منجزات بَنِي آدَم، وتشيع الدَّمارَ والخراب؛ كي تتوقَّف عن إنتاج المزيد من السِّلاح، والمزيد من اختراعات الدَّمار.لماذا لا تصنع يا بني آدم علاجاً شافياً لأمراض الكراهيةِ، وللأمراض التي تفتكُ بأجساد إخوتِكَ، بدلا من هذا التكالبِ والتنافسِ لاختراع وابتكار وإنتاج السلاح؟!.لماذا يا بنِي آدم، كلَّ هذا الذي يحدثُ للشعوب المغلوبة على أمرها، في السودان، سوريا، ليبيا، العراق، فلسطين؟.(يقول الله تعالى: «يَا بَنِي آدَم»، فالجميعُ أبناءٌ، والأبناءُ إخوةٌ، وإنْ اختلفوا دينًا، وفكرًا، وعرفًا ولونًا، وأرضًا، لكن بدا الجفاءُ، ثُمَّ الكُرهُ، ثُمَّ العداءُ، ثُمَّ المواجهةُ والصراعُ والصِدامُ، وذلك عندما تحوَّل الاختلافُ -الذي يمثِّل ارتياحًا ورغبةً إيمانيَّةً أو فكريَّةً تتعلَّق بقناعة الشَّخص، أو المجموعة أو الأمة- إلى مواجهةٍ وصِدامٍ..). «من كلمة العيسى».يَا بَنِي آدَم: هل تَعي أنَّكَ من ترابٍ، وأنَّ مصيرَكَ للترابِ؟!.
مشاركة :