بيروت - تزامنت زيارة المبعوث الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان الأربعاء مع ضغوط غربية لإقامة منطقة عازلة في جنوب لبنان بما يتيح إبعاد حزب الله اللبناني بشكل نهائي، فيما يأتي هذا التحرك في خضم الهدنة المؤقتة في قطاع غزة ووسط هدوء حذر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. وأشارت صحيفة "الأخبار" اللبنانية إلى أن "جهات غربية أعلمت مرجعية سياسية في لبنان بأن الدولة العبرية تواجه معضلة رفض سكان المستوطنات الشمالية العودة إليها بسبب وجود الحزب المدعوم من إيران على الحدود". وبحثت إسرائيل مع دول غربية وعربية سبل الضغط على لبنان لإقامة منطقة عازلة داخل حدوده بما يسمح بإعادة المستوطنين، ووفق المصدر نفسه فإن الدول الأوربية عدّلت الاقتراح، معتبرة أن المنطقة العازلة يجب أن تكون من الجانبين وهو ما يرفضه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وعبّر لودريان عن الرغبة الغربية في الضغط على حزب الله للالتزام بتطبيق القرار 1701 توازيا مع ضغوط دولية لتعديل صلاحيات قوات الطوارئ العاملة في جنوب لبنان (اليونيفل). وتتركز مهام القوات الدولية بحسب القرار على مراقبة الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل ودعم السلطات اللبنانية في الحفاظ على المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني خالية من العناصر المسلحة أو الأسلحة أو الأصول الأخرى غير المصرّح بها. وكشفت الصحيفة اللبنانية أن القوى السياسية اللبنانية وفي مقدّمها الحكومة بدأت العمل لإنشاء منطقة عازلة جنوب الليطاني وإبعاد قوة النخبة في حزب الله عنها، بينما طلب من خصوم الجماعة اللبنانية إطلاق سياسية وإعلامية موازية للعمل الدبلوماسي بهدف إنجاز المهمة. ويسلط هذا التطور الضوء على المفاوضات التي سبقت وقف حرب العام 2006، عندما كان إنشاء منطقة عازلة أحد شروط إسرائيل ونقلتها إلى بيروت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس التي دعت إلى إنهاء كل أشكال الوجود العسكري والمدني والمؤسساتي لحزب الله جنوب نهر الليطاني. وفي سياق متصل أبدى الموفد الفرنسي خلال اجتماع مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي استعداد بلاده لمساعدة لبنان، مشددا على أن زيارته إلى بيروت تهدف إلى "تجديد التأكيد على موقف اللجنة الخماسية بدعوة اللبنانيين إلى توحيد الموقف والإسراع في إنجاز الانتخابات الرئاسية"، مشيرا إلى أنه سيجري سلسلة من الاحتماعات بهدف "تأمين التوافق اللبناني حيال الاستحقاقات الراهنة". وتضم اللجنة الخماسية ممثلين عن مصر وفرنسا وقطر والسعودية والولايات المتحدة وتهدف لإيجاد مخرج للأزمة في لبنان، وتم تشكيلها في فبراير شباط الماضي بعد فشل البرلمان في انتخاب رئيس للبلاد. كما التقى لودريان رئيس مجلس النواب نبيه بري بمقر الرئاسة الثانية في عين التينة غرب بيروت، حيث جرى عرض لآخر التطورات والمستجدات السياسية، كما بحث مع قائد الجيش اللبناني جوزيف عون الوضع العام في لبنان وآخر التطورات في الجنوب. ونوّه لودريان بحسب بيان للجيش اللبناني بـ"أداء الجيش في ظل التحديات التي يواجهها"، مؤكدا على "استمرار دعم بلاده المطلق للمؤسسة العسكرية". وتعد هذه الزيارة الرابعة للودريان إلى بيروت، بعد تعيينه من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في يونيو/حزيران الماضي موفدا رئاسيا للبنان. وتأتي المساعي الفرنسية بعد فشل البرلمان اللبناني في 12 جلسة منذ سبتمبر/أيلول 2022، كان آخرها بتاريخ 14 يونيو/حزيران الماضي، في انتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا لميشال عون الذي انتهت ولايته في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2022.
مشاركة :