بينما تستعد العواصم الأوروبية لتطبيق العقوبات التي طال انتظارها على صادرات الألماس الروسية، يستعد التجار البلجيكيون لتدقيق جديد في صناعاتهم. وفي منطقة الألماس الشهيرة في أنتويرب - التي تتعامل مع ما يقدر بنحو 86 في المائة من الألماس الخام في العالم - تتجه "مختبرات" التلميع إلى تقنية بلوكتشين لإثبات أن الأحجار الكريمة الخاصة بها تأتي من مناجم مشروعة في إفريقيا أو أستراليا أو كندا، وليس من روسيا. وبما أن الحجارة الروسية كانت تمثل نحو ثلث السوق العالمية قبل الأزمة الأوكرانية، فإن قرار مجموعة السبع بحظر التجارة فيها قد يكون له تداعيات واسعة النطاق. ويتوقع المطلعون على الصناعة في بلجيكا أن يتم تطبيق العقوبات تدريجيا، ما يحد من اضطراب السوق. وفي الوقت نفسه، بدأ كبار التجار والعلامات التجارية للمجوهرات في اعتماد تقنية تتبع متقدمة للتحقق من مصدر الألماس. وسعت هذه الصناعة إلى تحسين صورتها منذ اندلاع الغضب قبل عقدين من الزمن بسبب ما يسمى "الألماس الدموي" الذي يمول الحروب الأهلية الوحشية في إفريقيا. ويضع الاتحاد الأوروبي حظرا على الألماس الروسي، كجزء من الحزمة الـ12 من العقوبات. لكن كان من الصعب الاتفاق على أفضل السبل لتقييد تجارة الألماس، نظرا لكون الأحجار الكريمة صغيرة وقيمة للغاية، وتهريبها بسيط ومربح. ويمكن خلطها بسهولة بالحجارة من مصادر أخرى، إضافة إلى ذلك، يتغير وزن الألماس الخام ومظهره عند قطعه وصقله ثم ترصيعه في المجوهرات. ولدى أوروبا وبلجيكا على وجه الخصوص مصدر قلق آخر، فحتى في ظل العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي، لا يزال من الممكن أن تجد الأحجار الكريمة الروسية طريقها إلى المنافسين في أماكن مثل دبي والهند. ومع تقدم محادثات فرض عقوبات الاتحاد الأوروبي، تدخلت مجموعة السبع ووافقت على فرض حظر عالمي. وقال فريدريك ديجريس، الرئيس التنفيذي لشركة iTraceiT "أعتقد أنه من المهم أن يكون أي حل للتتبع، أو أي بروتوكول مقترح للتعامل مع العقوبات المحتملة، على مستوى الصناعة، يدعمه جميع مراكز الألماس". وتحاول شركة Degryse تزويد اللاعبين في السوق بطريقة رقمية لتتبع سلسلة التوريد الخاصة بهم. وتبنت المفوضية الأوروبية اقتراحا سيذهب إلى الدول الأعضاء للموافقة عليه، ومن المتوقع أن يتم ذلك في الأيام المقبلة إذا وافقت الدول الأعضاء البالغ عددها 27 دولة بالإجماع. وسيحظر تجارة الألماس الذي يأتي من روسيا أو يمر عبرها أو يصدر منها، وكذلك الألماس الروسي المقطوع والمصقول في دولة ثالثة. وابتداء من الأول من يناير 2024، سيتم تطبيق الحظر على "الألماس الطبيعي والاصطناعي غير الصناعي وكذلك المجوهرات الماسية". ومن المقرر أن يتم تنفيذ حظر استيراد الألماس الروسي المقطوع أو المصقول في دولة ثالثة على مراحل بين مارس وسبتمبر من العام المقبل. وتقول المسودة "هذا التنفيذ التدريجي.. يأخذ في الحسبان الحاجة إلى نشر آلية تتبع مناسبة تمكن من اتخاذ تدابير إنفاذ فعالة وتقلل من الاضطرابات التي يتعرض لها اللاعبون في السوق". تعتقد شركة iTraceiT أن تقنيتها ستخفف من اضطراب سلسلة التوريد الذي قد يجلبه مثل هذا الحظر. وفي "مختبر" في حي الألماس في أنتويرب، أوضحت سانديا كانجوت مديرة الحسابات كيف يمكن لعمال المناجم والتجار والمصقلين وتجار التجزئة تعقب الألماس وصولا إلى مصدره. عندما يقوم عمال المناجم بتعبئة أكياس الحجارة، يتم تخصيص رمز الاستجابة السريعة لكل منها لربط محتوياتها بنظام حفظ فريد يستخدم تقنية blockchain - وهي طريقة لتسجيل المعلومات التي يصعب اختراقها أو التلاعب بها. وباستخدام قارئ الرموز، يمكن للعاملين في الصناعة الوصول إلى الملفات المرفقة بالرموز الفريدة وإضافة رموز جديدة، مثل إيصالات الشراء وتراخيص التصدير وشهادات الأصالة. وتقول كانجوت وهي تقوم بمسح رمز الاستجابة السريعة الموجود على حزمة صغيرة من قطع الألماس، "لذلك أرى هنا أن نقطة البداية كانت كندا، ثم سافرت وجاءت إلى فرنسا". وفي حالة الاعتراض، يمكن للمصدرين استخدام نظام iTraceiT لتقديم أدلة احتياطية لإثبات أن مصدر الألماس الخاص بهم ليس من روسيا. تعد روسيا مصدرا رئيسا للألماس، لكن الألماس نفسه يمثل جزءا صغيرا من اقتصادها، وهذا قد يفسر جزئيا لماذا استغرق المسؤولون وقتا طويلا للتعامل مع هذه التجارة.
مشاركة :