أعاد مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي، الذي بدأت دورته الثامنة السبت وانتهت الخميس تحت شعار “مسرح من أجل الإنسانية”، تسليط الضوء على أهمية تجديد المسرح الغنائي في مصر، مع نقلة إيجابية أحدثها موسم الرياض الذي هدف إلى تقديم مسرحيات غنائية مصرية، ما جعل هناك قناعة بإمكانية تطويره بعد أن كانت القضية ذاتها محل نقاش في مهرجان الموسيقى العربية مؤخرا. وقال رئيس اللجنة العليا للمهرجان المايسترو نادر عباسي إن “هذه الدورة من المهرجان تشهد تواجدا كبيرا للمسرح الغنائي”، آملا أن تتضمن دورات المهرجان المقبلة تواجدا للفنانين الشاملين الذين يمثلون ويغنون ويقدمون استعراضات لتسليط الضوء على أجيال جديدة من الفنانين، وتنظيم ورش فنية بين مصر ودول عربية عدة لتبادل الخبرات. وأشار في تصريحات إعلامية على هامش المهرجان إلى أنه يستهدف الانفتاح على ألوان مختلفة من المسرح الغنائي حول العالم لإعادة بثه وإحيائه في مصر، لأنه أحد أنواع المسرح التي اندثرت بسبب تكاليفه الباهظة والاحتياج إلى فترات طويلة من تدريب الموسيقيين والفنانين على الغناء والرقص بحسب قصة المسرحية. سامح مهران: من الصعب تطوير المسرح الغنائي دون تطوير المسارح سامح مهران: من الصعب تطوير المسرح الغنائي دون تطوير المسارح وناقش المهرجان في إحدى ندواته إمكانية وضع خطة للتواصل بين المسرحيين المصريين ومحترفي المسرح الغنائي في أوروبا لعقد ورش عمل الممثلين الشباب، بمشاركة موسيقيين أبدوا رغبة في التعاون لتقديم أعمال مسرحية غنائية، وأن المهرجان الذي تكمن إحدى مهامه في اكتشاف الوجوه المسرحية سيعقد ورش استماع لهذه المواهب من أجل اختيار الأنسب لتقديم مسرحيات غنائية في المستقبل القريب. ويحتاج تقديم الاستعراضات المسرحية إلى حركة مسرحية متطورة ليست جامدة بحسب ما يتم تقديمه من عروض قليلة لا تتماشى مع أهمية المسرح الذي يعد مفرخة لنجوم السينما والدراما، كما أن الميزانيات المخصصة للأنشطة المسرحية تضاءلت ولا توجد خطة واضحة تضمن اكتشاف المواهب الشبابية لانتقاء منها المشاركين في مسرحيات غنائية تحتاج إلى قدرات شاملة تمتلك موهبة في الغناء والتمثيل والاستعراض. وقال رئيس اتحاد المهرجانات العربية المسرحية سامح مهران إن “فرصة تطوير المسرح الغنائي وإعادة إحيائه بحاجة إلى إمكانيات تقنية وكفاءات فنية تقدم هذه الأعمال، وإن الراغبين في عملية التجديد لم يحسموا موقفهم مما إذا كانت الموسيقى المستخدمة في المسرحيات ستكون مسجلة أم حية تعزف بشكل مباشر أثناء العروض، وإذا كانت مباشرة فإن الكثير من المسارح المصرية بحاجة إلى التجديد لكي تواكب هذا التطور”. وأضاف في تصريح لـ”العرب” أنه “يصعب الحديث عن تطوير المسرح الغنائي في وقت توقف فيه عرض الأوبريت بدار الأوبرا المصرية، وكان يمكن تطوير الأوبريت وتقديم معالجات حديثة تسهم في أن يتم توظيفه لتطوير حركة المسرح الغنائي، إلى جانب إدخال آلات موسيقية حديثة تتم الاستعانة بها حالياً في كافة المسارح والحفلات الدولية، ما يجعل هناك حالة تجديد شاملة تتماشى مع المزاج العربي والشرقي الباحث عن الموسيقى بتنوعاتها المختلفة”. نادر عباسي: نستهدف الانفتاح على ألوان مختلفة من المسرح الغنائي نادر عباسي: نستهدف الانفتاح على ألوان مختلفة من المسرح الغنائي وأشار مهران إلى أنه يقوم بإعداد عرض مسرحي غنائي بالتعاون مع المخرج مازن الغرباوي الذي يرأس مهرجان شرم الشيخ باسم “صبوحة” من المقرر عرضه مطلع العام المقبل، وهناك فرصة خلال السنوات المقبلة لتقديم المزيد من عروض المسرح الغنائي على مسارح مدينة الفنون بالعاصمة الإدارية الجديدة في شرق القاهرة، والتي تحتوي على مسارح تم إنشاؤها على أحدث المستويات العالمية، ما يمنح فرصة ليواكب المسرح المصري تطورات حركة المسارح في العالم. ويمتلك المسرح المصري خصوصية بخلاف الكثير من المسارح العالمية التي يتم فيها تقديم عروض تتماشى مع المدن العالمية التي تضم أعراقا وديانات مختلفة، بعكس مسارح الشرق الأوسط التي تتميز بتقديم عروضها إلى مجتمعات متجانسة داخل إطار الثقافة العربية الإسلامية والقبطية، ما يجعل هناك رغبة في أن تبقى تجارب تطوير المسرح قائمة على احتياجات الجمهور. وشهد مهرجان شرم الشيخ حضورا عربيا بارزا في هذه الدورة التي تتطرق إلى أهمية تطوير حركة المسرح العربي والاستفادة من الاهتمام الراهن بالمواسم الثقافية والفنية التي تجذب الملايين من الجمهور العربي. وكرّم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي برئاسة الفنان والمخرج مازن الغرباوي، خلال مراسم افتتاح الدورة الثامنة التي أقيمت بمسرح قصر ثقافة شرم الشيخ، ستة رموز مسرحية من مصر والوطن العربي، هم: الفنانتان المصريتان سميرة محسن وميمي جمال، والفنانة التونسية دليلة مفتاح، والفنان السعودي عبدالإله السناني، والفنانان المصريان ياسر صادق وحمزة العيلي. إيهاب صبري: مصر في أشد الحاجة إلى إعادة إحياء المسرح الغنائي إيهاب صبري: مصر في أشد الحاجة إلى إعادة إحياء المسرح الغنائي وكانت حفلات رأس السنة عبّرت منذ عامين عن طبيعة المسرحيات الغنائية، إذ كانت شاهدة على تقديم خمسة عروض مصرية حققت انتعاشة، أغلبها من إنتاج القطاع الخاص وجرى تقديمها في كل من القاهرة والرياض، وهي: “سيدتي الجميلة” و”ياما في الجراب يا حاوي” و”كازينو بديعة” و”أنستونا” و”عيلة اتعملها بلوك”. وأكد رئيس قسم النقد الموسيقى بالمعهد العالي للنقد الفني في أكاديمية الفنون إيهاب صبري أن المسرح الغنائي أهم أنماط العروض المسرحية التي يتخللها ظهور مواهب غنائية تقدم أداء مسرحيا وفنيا بجانب الغناء، وبداياته كانت في مصر منذ بداية عشرينات القرن الماضي عبر مسرحيات قدمها سيد درويش ثم محمد عبدالوهاب، قبل أن تستقطب السينما مشاهير المسرح من ملحنين ومطربين، ما أدى إلى تقديم أول فيلم غنائي مصري باسم “أنشودة الفؤاد” في مطلع الثلاثينات ثم أخذ بعدها المسرح الغنائي في التراجع مع اتجاه الجمهور إلى السينما. وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “مصر الآن في أشد الحاجة إلى إعادة إحياء هذا اللون من الأعمال المسرحية التي تتضمن مشاركة العديد من عناصر الإنتاج الفني وتتميز بوجود الاستعراضات الغنائية المصاحبة للموسيقي، وأن المسرح القومي يعمل على تقديم بعض هذه الأعمال، لكنها لم تحظ باهتمام وانتشار جماهيري، وأبرزها مسرحية ‘المتفائل’ التي جرى تقديمها مؤخرا”. واستمر المسرح القومي المصري في عرض مسرحية “المتفائل” بين عامي 2019 و2021، وهي من بطولة سامح حسين وسهر الصايغ ويوسف إسماعيل، ومأخوذة من رواية “كانديد” للكاتب فولتير، ومن إخراج إسلام إمام، وتدور أحداثها حول شخص حارب كل المشاكل والأمراض الموجودة في مجتمعه للوصول إلى هدفه عبر صفة التفاؤل. ولفت الناقد الموسيقي إيهاب صبري إلى تأكيد أن الجمهور المصري والعربي في حاجة ماسة إلى إعادة تنشيط الثقافة الفنية، ويمكن الحديث عن رواج المسرح الغنائي، وأن الجمهور من الشباب والكبار يستهلك ما يتم تقديمه له، وأن حالة الانحدار تسببت في عزوفه عن حضور الكثير من الأعمال الإبداعية، كما أن المتلقي لم يتم تثقيفه بالشكل المرجو للارتقاء بالذوق العام، وهي أدوار تحاول دار الأوبرا المصرية أن تقوم بها
مشاركة :