يقدم فيلم "شوك الورد"قصته بصيغة درامية حيث يتناول قضية حية داخل المجتمع تدو حول "باعلال"الذي اضطر إلى مغادرة منزله بعد صدور حكم قضائي مزيف وهو في آخر سنوات حياته بدون مأوى، إذ يظهر تغيير كبير في شخصية "باعلال"الذي يعاني مرض ألزهايمر وهو الشخصية المحورية في الحدث والذي اُسْتُغِلّ مرضه للاستيلاء على ممتلكاته وهذا بدوره يغير في اتجاه الحبكة الدرامية بأكملها. الفيلم من سيناريو وإخراج مراد الخودي ومن تشخيص حسن فولان ونادية آيت والمهدي فولان وبجانبهم محمد خيي وطارق البخاري وأيوب أبو النصر وإلهام واعزيز . يستخدم الفيلم أسلوبًا دراميًا فعّالًا ومحددًا ويعتمد على الصور المبنية على تشكيل مدخل حول شخصية "باعلال"الطيب الحنون والعاقل المجنون كجزء من شخصية معقدة تشكل اللبنة الأولى لمجريات الأحداث. ويعتبر هذا النمط البصري من الصور إشارة إلى كيف يمكن للقضايا الاجتماعية الحساسة مثل مرض الزهايمر أن تجذب انتباه الجمهور. عندما تكتشف المحامية "نسرين"المكلفة بتنفيذ الحكم ما تعرض له "باعلال"تتأثر بقصته وتتعاطف معه، حيث تشير الحبكة هنا إلى أن للبطل حليفًا يخالفه في الحكم ويسانده في العاطفة. استخدم المخرج مراد الخودي طريقةً فنيةً رائعة في إضفاء صبغة تلفزيونية على العلاقة بين "فؤاد" و"نسرين"من خلال محاولة هذه الاخيرة مساعدة "باعلال"في دخول منزلها كرجل مسن ومريض و بدون مأوى، وعلى الرغم من محاولتها فإن زوجها يفهم الأمور بشكل مغاير تمامًا حيث يعتبر "باعلال"رجلًا غريبًا دخل بيتهم مما يؤدي إلى نشوب خلاف بينه وبين زوجته، ومع ذلك يظهر تعاطف فؤاد مع "باعلال" عندما يراه يلعب مع ابنتهما الصغيرة. واستعمل المخرج في هذه اللقطات نمطاً رائع يتمثل في لقطة رد الفعل في الشجار ولقطة معاكسة لها من زاويتين مختلفتين؛ إحداهما من زاوية عالية والأخرى من زاوية منخفضة. تضع كلتا هاتين اللقطتين شخصية "باعلال"في سياق معقد حيث يُظهر وجهه المنفصل عن ذاته، وما يزيد تعقيد هذه الصورة هو أن هذا المشهد يخلق صراعًا داخل البيت وخاصة في علاقة "نسرين" بزوجها من جهة و"باعلال" من جهة أخرى نظرًا لكونها يتيمة الوالدين ونشأت في دار الأيتام ومن هنا برز تعاطفها معه. بين هاذين المشهدين يظهر اخر يستذكر فيه "باعلال"بيته وارتباطه بأدواته المنزلية البسيطة مثل إبريق الشاي. ويتمثل تكوين التقاط الصور من الداخل بشكل لقطة متوسطة واستخدام إيقاع بطيء زمنيًا لترتيب العناصر البصرية وتناغمها مع الوضعية التي يمر بها البطل. تقرر نسرين عدم البقاء مكتوفة الأيدي حيث تقرر مساعدة "باعلال"في استعادة حقوقه وممتلكاته ومع أن هذه المهمة لن تكون سهلة أبدًا إلا أنها يتعين على نسرين مواجهة تحديات كثيرة في سبيل تحقيق هذا الهدف. يُعتبر هذا المشهد جزءًا من نقطة انعطاف تشكل ذروة الفيلم إذ تبدأ بمغادرة "باعلال"من بيته باستخدام أوراق مزورة وحادث سيارة مفبرك من قبل "عبدالجبار"كمحاولة لقتله والتخلص منه والاستيلاء على ممتلكاته حيث يفشل هذا المخطط، ويتحول القانون الذي كان ضد "باعلال"ليصبح حليفًا له بفضل "نسرين"وزوجها فؤاد وصديقها "زريقة"الذي كان يساعدها على البحث عن "باعلال"في أثناء اختفائه أو عندما يتوه ولا يتذكر الطريق للعودة. تصبح اللقطة طويلة زمنيًا في مشاهد الاختفاء وكذلك في اللقطات التي تسلط الضوء على شخصية "حنان" وقصة حبها مع "زريقة"ومشاكلها مع طليقها الذي يسعى لأخذ ابنتها، حيث تساعدهم "نسرين" كمحامية في الحصول على الحضانة كشكر وعرفان لما يقوم به "زريقة " مع "نسرين"من خير وسند. كان أداء الممثل حسن فلان الذي جسد شخصية "باعلال"مؤثرا للغاية خاصة في قدرته قدرته على تجسيد شخصية ترواح بين التذكر والنسيان. ويبرز هذا الأداء من خلال التفاصيل الصغيرة والتغيرات في السلوك والتعبيرات الوجهية والتي تؤدي دورًا حيويًا في نقل تجربته الشخصية. كما جسد كل من نادية ايت والمهدي فلان وطارق البخاري بشكل رائع شخصياتهم وبرعوا في إبراز التغيرات في العلاقات بسبب تطور حالة "باعلال"بشكل واقعي وكيف تفاعلت الشخصيات الأخرى مع هذه التحولات مما يضيف لمسة إنسانية وعمقًا إلى السيناريو ويجعل القصة أكثر إلهامًا للجمهور. وبذل باقي الممثلين جهدًا كبيرًا في توجيه الانتباه إلى التفاصيل الدقيقة والتفاعلات البينية مما يساعد على إيصال القصة بشكل مؤثر ومقنع. ربما تكون وراء هذه الأحداث أسباب متنوعة ولكن الواضح هو أن المخرج مراد الخودي وضع يده على موضوع يلامس شرائح كثيرة في المجتمع والذي هو مرض ألزهايمر. ومن خلال توجيه الانتباه إلى قضية حساسة مثل مرض ألزهايمر يمكن للفن السينمائي أن يساهم في زيادة الوعي والتفهم حول هذا الموضوع الهام. تبدو اللقطات والتقنيات التي استخدمها المخرج في الفيلم مؤثرة في نقل القصة وإبراز التفاصيل الدقيقة في الحياة اليومية للشخصيات.
مشاركة :