لم يكن عمل الفنان اللبناني جورج خباز في مجال التمثيل مجرد إرضاء لمواهبه، ولا حباً بالشهرة، بل كان شغفاً وعشقاً يتجدد كل عام مع مسرحية جديدة، وآخرها مع الوقت. استطاع أن يخلق لنفسه لوناً خاصاً به، لأنه بلا شك تأثر بنجوم المسرح الكبار. التقيناه خلف كواليس مسرحيته، فتحدث بصراحته المعهودة، عن فنه وعن المسرح، والدراما والسينما التي يقول إن لبنان لديه سينمائيين ولا يملك صناعة سينمائية، وعن جديده على الشاشة ورده على منتقديه ورأيه بالأعمال العربية المشتركة.. والمزيد في هذا الحوار. } عندما اخترت عنوان مع الوقت لمسرحيتك، ما الذي كان يدور في ذهنك؟ إيماناً مني بأن الوقت كفيل بغربلة كل شيء، وإظهار الحقائق، وإعطاء كل ذي حق حقه. } بعض النقاد يتهمك بتكرار نفسك في مسرحياتك؟ هناك نقاد يجهلون التمييز بين عمل وآخر، وهذا استخفاف بعقل الجمهور. ولو كانت مسرحياتي تشبه بعضها، لما بقيت على الخشبة 12 عاماً متوالياً. الجمهور ليس غبياً، ويعرف من يستخف بعقله، ومن يكرر نفسه يتخلى عنه ليفتش عن غيره. للأسف لا يميز البعض بين التشابه والتكرار والهوية. وفي هذا الإطار أورد مثالاً على مسرحيات الأخوين رحباني، حيث نجد العناصر نفسها، فهل يعني ذلك أن الرحابنة يكررون نفسهم؟ باختصار أردت القول إنني صنعت هوية جورج خباز المسرحية، بمضمون يختلف بين مسرحية وأخرى. الدليل، استمرار جمهور المسرح يتابعني ويشاهد أعمالي طوال هذه الأعوام، ما يعني أن الجمهور يحب ما أقدمه ولا يصفه بالتكرار. } على سيرة الرحابنة، هل يمكن القول إنك تأثرت بهم، وكذلك مع كبار المسرحيين مثل شوشو (حسن علاء الدين) ودريد لحام وشارلي شابلن؟ تأثرت بكل من كان له بصمة في المسرح. كل هؤلاء شكلوا جزءاً من ذاكرتنا الفنية والإنسانية والترفيهية. لذلك أتقصد دائماً من خلال مسرحي تكريمهم مع الحفاظ على شخصيتي المستقلة التي استفادت من خبراتهم وتجاربهم ليبقى القاسم المشترك بيننا العمل الكوميدي الهادف والمميز. } في مسرحك الكثير من الإسقاطات السياسية والاجتماعية.. واضح أنك حاولت إسقاط ذلك في وراء الباب لكنك فشلت في ذلك إلى حد ما. المسرح الحقيقي مرآة حقيقة لمجتمعه. وطالما أن أزماتنا الوطنية قائمة وإلى مزيد من التأزم، فإن مسرحي يتناول هذه القضايا التي باتت جزءاً من حياتنا شئنا أم أبينا. أعيش هواجس ناسي ووطني السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. كلها جزء لا يتجزأ من حياتنا وتؤثر فيها بشكل مباشر وغير مباشر، لذلك يجب أن تكون موجودة في مسرحنا، بعيداً عن الدخول في زواريب السياسة الضيقة، وبالتالي تبقى المسرحية صالحة لكل الأوقات، ومسرحياتي تكسر حدود الزمن. } لماذا أنت بعيد عن التلفزيون؟ لست بعيداً تماماً، إنما أنتظر العمل المناسب الذي يعيدني إلى الشاشة الصغيرة، مع الأخذ بالاعتبار أن أعمالي المسرحية تستهلك أكثر أوقاتي، وهي غالباً ما تعرض على شاشة lbc وتشهد نسبة مشاهدة عالية جداً. } وهل من مشروع تلفزيوني جديد لديك؟ هناك مشروع قريب لم يتبلور بعد. لذا أتحفظ على ذكر تفاصيله حتى يصبح قيد التنفيذ. } كيف تجد السينما اليوم؟ لدينا سينمائيون جيدون وليس لدينا صناعة سينمائية. لكن هذه القلة وضعت لبنان على خريطة السينما، وقد استحقت بعض الأفلام جوائز محلية وعربية ودولية، ما يبشر بأن السينما اللبنانية تخطو إلى الأمام سنة بعد أخرى. المغرب العربي، كذلك السينما الإيرانية مهمة جداً، أما تسويقياً، فمصر هي الأولى. } وكيف ترى انتقال الإنتاج السوري إلى لبنان؟ أثر إيجاباً بالطبع، خصوصاً مع الخلطات العربية المشتركة التي استفاد منها الممثل اللبناني والمحطات التلفزيونية، حقيقة الأمر أن الممثل اللبناني أصبح قادراً على العيش بكرامة، وأنا أحدهم. } يبقى السؤال: ماذا ينقص الدراما اللبنانية؟ كتّاب سيناريو يعالجون قضايا المجتمع اللبناني وما يعانيه اللبنانيون من هواجس وتطلعات. } ما رأيك بالخلطات الدرامية العربية؟ لست معها بالمطلق، ولكنها تصلح للتسويق، هناك خلطات جميلة، كما في مسلسل سنعود بعد قليل لأنها منطقية، يقابلها خلطات تجارية بحتة بعيدة عن الشروط الفنية الموضوعية. } هل من دور معين تتطلع لتجسيده؟ أحب التركيز على الوضع النفسي، لأن الدراما تستطيع أن تضيء على قصص تستمر من التابوهات غير المسموح بمعالجتها. في ظل الأمراض النفسية التي يعانيها مجتمعنا. نحن نتحدث عن القشور في حين يجب أن نتعمق أكثر في البعد الإنساني.
مشاركة :