غداة الإعلان أن الإرهابي الثالث الذي كان ملاحقاً نجم العشراوي فجّر نفسه في المطار، أعلنت الشرطة البلجيكية أمس، أنها تبحث عن شخصين جديدين متورطين في هجمات بروكسيل، الأول مشبوه جديد قد يكون متورطاً بالهجوم الانتحاري الذي استهدف محطة مترو مالبيك في بروكسيل، إذ كان إلى جانب الانتحاري خالد البكراوي في لقطات كاميرات المراقبة. أما الثاني فهو الراجل الرابع الذي كان في المطار وظهر إلى جانب الانتحاريَين إبراهيم الكراوي والعشراوي في تسجيل كاميرا مراقبة، وهم يدفعون عربتي حقائب أمامهما. ولم يكشف المحققون هويته بعد. وقال مصدر في الشرطة إن رجلاً شوهد يحمل حقيبة كبيرة إلى جانب انتحاري المترو خالد البكراوي، في لقطات كاميرات المراقبة في محطة «مالبيك» الواقعة في حي مؤسسات الاتحاد الأوروبي، حيث قُتل حوالى 20 شخصاً. وقال مصدر مأذون إن خالد البكراوي يظهر وهو يتحدث مع المشتبه الذي لم يصعد معه إلى القطار. من جهة أخرى، ذكرت وسائل إعلام بلجيكية أمس، إن وزير الداخلية جان جامبون ووزير العدل كوين جينس قدما استقالتيهما بسبب الهجمات، لكن رئيس الوزراء شارل ميشيل رفض قبولها. وشعرت السلطات البلجيكية بالحرج بعد أن صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أول من أمس، أن بلاده رحّلت إبراهيم البكراوي أحد منفذي الهجمات الانتحارية إلى أوروبا العام الماضي وحذرت بلجيكا من أنه قد يكون متشدداً. وقال: «تجاهلت بلجيكا تحذيرنا أن هذا الشخص مقاتل أجنبي». إلى ذلك، سلمت الجزائر منظمة الشرطة الدولية (الأنتربول) جزءاً من تحقيقات أجرتها حول هجمات بروكسيل، تتعلق بتنقلات عنصرين مشبوهين كانا يقيمان في العاصمة البلجيكية، بين مدينة الرقة السورية (عاصمة تنظيم «داعش») وبين القارة الأوروبية. وقتلت الشرطة البلجيكية أحدهما الأسبوع الماضي، فيما اعتقلت الجزائر الآخر في بجاية (260 كيلومتراً شرق العاصمة)، وكلاهما مرتبط بـ»عبد الحميد أبا عود» العقل المدبر لهجمات باريس. وذكرت مصادر جزائرية أن الشرطة سلمت جهاز الأنتربول، معطيات كاملة حول الجزائري «بلقايد محمد عزيز» الذي قُتل في بلجيكا منذ أسبوع خلال دهم الشرطة البلجيكية شقة كان يقيم فيها أحد الأخوين الانتحاريين، وكان يحمل بندقية رشاشة وإلى جانبه علم تنظيم «داعش». وتؤكد معطيات الشرطة الجزائرية سفر «بلقايد» إلى الرقة في العام 2014 بهوية مزورة، وعودته منها إلى بلجيكا بنية تنفيذ عملية انتحارية. وقدم التقرير الجزائري حلقة مفقودة في علاقة «بلقايد» بالإرهابي «صلاح عبد السلام» الذي اعتُقل مطلع الأسبوع الجاري في حي مولينبيك في بروكسيل، وعبد الحميد أبا عود مدبر هجمات باريس. وتلتقي كل معطيات التحقيق في سورية التي سافر إليها أغلب الانتحاريين قبل عودتهم إلى عواصم أوروبية مختلفة عبر بلجيكا. وأشار التقرير إلى أن «بلقايد» الذي كان يحمل هوية مزورة باسم «سمير بوزيد»، كُلِّف بنقل أموال لدفع إيجار شقة سان دوني (شمال باريس) التي انطلقت منها الهجمات. ويتحدر بلقايد من حي «حسين داي» في العاصمة الجزائرية، سافر إلى السويد عام 2010 بعد مروره بإسبانيا، متزوج من سويدية، وسبق أن اعتقلته الشرطة السويدية في متجر في عام 2013، بتهمة السرقة وحمل سكين غير مرخص. أما الشخص الثاني المرتبط بخلية «بروكسيل» فيجري التحقيق معه في الجزائر في مكتب مكافحة الإرهاب في قسنطينة (400 كيلومتر شرق العاصمة)، بتهمة «الانتماء لجماعة إرهابية تنشط في الخارج». وتطابقت بيانات تحليل الحمض النووي للشخص المعتقل مع بصمات شخص ظهر في تسجيل مصور يقود سيارة برفقة عبد الحميد أباعود، ودخل إلى الجزائر في 9 شباط (فبراير) الماضي، قادماً من بروكسيل، وأفيد أن الجزائر قدمت تقريراً إلى السلطات البلجيكية بطلب من وزير العدل الطيب لوح. وكان التحقيق سجل تطوراً أساسياً أول من أمس، بعد التعرف إلى انتحاريَين هما إبراهيم وخالد البكراوي. وقال النائب الفيديرالي البلجيكي فريديريك فان لو، إنهما فجرا نفسيهما بفارق ساعة واحدة، الأول في المطار والثاني في محطة المترو في مالبيك. أما الانتحاري الثالث الذي فجّر نفسه في المطار أيضاً فهو نجم العشراوي، وفق ما ذكرت مصادر أمنية. وكان العشراوي مطارداً منذ أن عُثر على آثار لحمض نووي عائد له في عدد من الشقق التي استأجرتها المجموعات التي نفذت اعتداءات باريس. كما عثر على آثار مماثلة على مواد متفجرة استخدمت في هذه الهجمات التي تبناها التنظيم الجهادي أيضاً. ويجري البحث عن رجل رابع يظهر مع إبراهيم البكراوي والعشراوي في تسجيل فيديو مراقبة وهم يدفعون عربتي حقائب أمامهما. وحتى الآن لم يكشف المحققون هويته. وقال النائب العام الفيديرالي إن «حقيبته (المشبوه الرابع) كانت تحوي الشحنة الكبرى». وأضاف أن هذه الشحنة انفجرت متأخرة عن الموعد المحدد لها «بعد وصول خبراء المتفجرات»، ما سمح بمنع وقوع عدد أكبر من الضحايا. في غضون ذلك، أعلن محامي صلاح عبد السلام أمس، أن موكله «أبلغه برغبته في الذهاب إلى فرنسا في أسرع وقت ممكن»، وذلك بعد جلسة أمام قضاة التحقيق البلجيكيين. وقال المحامي سفين ماري: «سأرى قاضية التحقيق حتى لا تعترض بعد الآن على رحيله». وأضاف أنه «أدرك أن جزءاً صغيراً من الملف يُعالَج هنا ويريد أن يوضح موقفه في فرنسا وهذا أمر جيد». ويشير هذا الإعلان إلى تبدل في الدفاع عن الناجي الوحيد من المجموعة التي نفذت اعتداءات باريس التي أدت إلى مقتل 130 شخصاً وجرح مئات آخرين في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وكان عبد السلام أكد في أول جلسة غداة توقيفه أنه يرفض نقله إلى باريس كما تطلب السلطات الفرنسية، وفق مذكرة توقيف أوروبية. وقال المحامي أن هناك جلسة أمام غرفة المجلس، وهي هيئة بلجيكية للتحقيق حول تنفيذ مذكرة التوقيف، مقررة في 31 آذار (مارس) الجاري. وأضاف أنه حصل على إرجاء إلى 7 نيسان (أبريل) للجلسة التي كان يُفترَض أن تبت أمس، في مسألة إبقاء موكله موقوفاً. ولفت محامي عبد السلام إلى أن موكله «لم يكن على علم» باعتداءات بروكسيل. من جهة أخرى، وفي مبادرات تعاطف رمزية بعد الاعتداءات التي تسببت بمقتل 31 شخصاً وجرح 300 آخرين، تحولت ساحة البورصة إلى شبه نصب تغطيه الرسائل والإعلام والشموع والورود. وشارك المئات ليل الأربعاء- الخميس، في مسيرة شموع إلى المطار تكريماً لذكرى الضحايا. ودعت الرئاسة الهولندية للاتحاد الأوروبي إلى اجتماع استثنائي لوزراء الداخلية والعدل في الاتحاد لدرس تبعات الاعتداءات. وشارك ممثلون عن مؤسسات الاتحاد الأوروبي في اللقاء. وعبّر شركاء بلجيكا عن تضامنهم مع بروكسيل، واستعرضوا جهود مكافحة الإرهاب وتطبيق القانون الأوروبي في المجالات المرتبطة بالإرهاب. وعُقِد هذا الاجتماع في ظل جدل حول مسؤولية أجهزة الأمن البلجيكية في هذه الاعتداءات التي وقعت على رغم ضغوط أمنية قوية تمارس على الشبكات الإرهابية منذ هجمات باريس. ووضع رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس إكليلاً من الورد في محطة مالبيك وسعى إلى تأكيد على فاعلية التحقيق البلجيكي. وقال: «لم أشعر بأي سذاجة لدى أصدقائنا البلجيكيين». لكن المرشحة الديموقراطية للسباق إلى الرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون انتقدت بشدة دول الاتحاد الأوروبي وخصوصاً سوء التنظيم والتأخر في الرد على تهديدات الإرهابيين. كذلك، صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مؤتمر صحافي في أنقرة أول من أمس، أن «أحد الذين شاركوا في هجوم بروكسيل اعتُقل في حزيران 2015 في غازي عنتاب. وتم إبعاده في 14 تموز/يوليو 2015 بعد معلومات من السفارة البلجيكية». وأضاف أردوغان: «رغم أننا أبلغناهم أن هذا الشخص مقاتل إرهابي أجنبي، لم تتمكن السلطات البلجيكية من إثبات صلاته بالإرهاب»، موضحاً أن هولندا كانت أيضاً معنية بهذه العملية لأن هذا الشخص طلب أولاً إبعاده إليها. وقال مسؤول تركي كبير طلب عدم كشف هويته إن أردوغان قصد إبراهيم البكراوي. في سياق متصل، صرح رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي ديفين نونس إنه مقتنع بأن اعتداءات بروكسيل كانت تستهدف أيضاً أميركيين، إذ أن انفجارات المطار وقعت قرب مكاتب خطوط طيران أميركية. وتملك الولايات المتحدة 3 ممثليات ديبلوماسية في بروكسيل، الأولى لبلجيكا والثانية للاتحاد الأوروبي والثالثة للحلف الأطلسي. مسؤول بريطاني سابق يرجّح أمناً أكثر إذا انسحبت بلاده من الاتحاد الأوروبي
مشاركة :