بعد عشرة اشهر على سيطرة "داعش" على مدينة تدمر في وسط سورية وتدميره للعديد من معالمها الاثرية، يستعد الجيش السوري لدخولها من الجهة الغربية حيث تدور معارك عنيفة ترافقها غارات جوية روسية. وبعيدا عن التطورات الميدانية، وفي موسكو حليفة النظام السوري، أجرى وزير الخارجية الاميركي جون كيري محادثات في محاولة للدفع بالمفاوضات السورية التي انتهت جولتها الراهنة على ان تستؤنف في موعد لاحق. وقال كيري لنظيره الروسي عند بدء اللقاء في موسكو "حصل تراجع هش لكن مهم للعنف، لكننا نعلم انه يجب بذل المزيد لخفض هذا العنف". واضاف "اعتقد انه من الانصاف القول انه قبل بضعة اسابيع، لم يكن كثيرون يتوقعون ان وقف الاعمال الحربية ممكن في سورية" فيما تم التوصل الى هدنة باشراف موسكو واشنطن وهي سارية منذ 27 شباط/فبراير. من جهته قال سيرغي لافروف "بذلنا مساعي للتوصل الى توازن في المصالح ليس فقط بين موسكو وواشنطن وانما بين كل الاطراف المعنية في سورية". وبعد اكثر من اسبوعين على بدء عملية استعادة تدمر بغطاء جوي روسي، بات الجيش السوري على بعد مئتي متر عن المدينة من الجهة الجنوبية الغربية حيث تدور معارك عنيفة، وفق ما افاد مصدر عسكري. واوضح مصدر ميداني سوري ان المدينة اصبحت بين "فكي كماشة من جهة جبال الهايل من الجهة الجنوبية الغربية وجبل الطال من الجهة الشمالية الغربية"، مشيرا الى ان الجيش السوري بات مشرفا على داخل المدينة من كامل الجهة الغربية وعلى المنطقة الاثرية شمالا. وبحسب مصدر عسكري آخر فان "وحدتين من الجيش تقاتلان حاليا في تدمر، الاولى مسؤوليتها السيطرة على الجبال المحيطة بالمدينة والثانية وتقودها قوات صقور الصحراء تستعد لدخول المدينة والسيطرة عليها". وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان عن حالة "استنفار لعناصر التنظيم واستقدام تعزيزات إلى مناطق الاشتباك". كما عمد الجهاديون الى "زرع كميات كبيرة من الألغام في محيط المدينة ومعظم أحيائها"، حسب المرصد. وفسر المصدر الامني ذلك على انه تحضير للانسحاب من المدينة. ووسط المعارك، دعا تنظيم داعش وفق المرصد السوري، المدنيين للخروج من تدمر، وبقي في المدينة حوالى 15 الف مدني من اصل 70 الفا قبل سيطرة المسلحين عليها، وفق مدير المرصد رامي عبدالرحمن. واثار سقوط تدمر التي تتوسط بادية الشام، على الفور قلقا في العالم على المدينة التي يعود تاريخها الى الفي عام. وتعد معركة تدمر وفق عبدالرحمن "حاسمة لقوات النظام، كونها تفتح الطريق امامها لاستعادة منطقة البادية من تنظيم داعش وصولا الى الحدود السورية العراقية شرقا"، اي مساحة تصل الى ثلاثين الف كيلومتر مربع. وتتراجع بذلك مناطق سيطرة التنظيم في سوريا الى ما بين 25 و30 في المئة من الاراضي السورية مقابل 40 في المئة حاليا، وفق عبد الرحمن. وبخسارة البادية، سيضطر التنظيم الى الانسحاب شرقا الى محافظة دير الزور التي يسيطر عليها بالكامل او الى مناطق سيطرته في العراق.
مشاركة :