ريادة الأعمال.. مفهومها وأهم مصطلحاتها ومهاراتها المطلوبة

  • 12/4/2023
  • 14:02
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

ما الفرق بين إدارة الأعمال وريادة الأعمال؟ من هو رائد الأعمال؟  من أهم مصطلحات ريادة الأعمال  يتطور عالمنا بشكل مستمر، ومع كل تطور تشرق أفكار سبّاقة، حاملة معها مصطلحات جديدة، تبتكرها عقول رائدة بينما تستشرف المستقبل، لتضيء مصابيح التطور في حياتنا وحياة الأجيال القادمة، ولعل مصطلح ريادة الأعمال Entrepreneurship يأتي ليحتل مكانة بارزة بين أهم هذه الأفكار المعاصرة، التي أصبحت جزءًا أصيلاً من تعاطينا مع الحياة ربما دون أن ندرك، فما الذي يعنيه هذا المفهوم المطور لطرق تفكيرنا ومعيشتنا على هذا الكوكب؟ المفهوم المبسط لريادة الأعمال يلخصها في القدرة والاستعداد لإنشاء وتطوير وتنظيم وإدارة المشروعات الريادية، القادرة على إنتاج السلع والخدمات، من خلال تحويل الأفكار المبتكرة إلى واقع يحقق الأرباح، وهي حسب خبراء الاقتصاد والإدارة عملية تتسم بالإبداع، والقدرة على البحث عن أفكار، وابتكار حلول جديدة تساهم في حل مشكلة ما بطرق مميزة، مع تحمل المخاطر وتحويلها إلى فرص، مستفيدة بالموارد الطبيعية والبشرية للمجتمع. والحقيقة أن كل ما سبق جعل من ريادة الأعمال ضرورة لأي مجتمع يسعى لتحقيق النمو والاستقرار، ولعل هذا هو السر الأكبر وراء اهتمام منطقتنا العربية وشعوبنا بهذا المصطلح الذي يعود إلى الاقتصادي الشهير "جوزيف شومبيتر". وفي كتابه الصادر عام 1942 بعنوان "الرأسمالية والاشتراكية والديمقراطية"، أبرز نظرية النمو الاقتصادي الديناميكي المعروفة باسم "التدمير الخلاق"، ليصف كيف يتم استبدال الجديد بالقديم، مقدمًا نظرة فريدة حول كيفية نمو الاقتصادات، بينما انحرف بشكل حاد عن المبادئ الاقتصادية التقليدية في عصره، مقدمًا أفكارًا يمكن تعميمها على كل المشاريع، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، قائمة أو ناشئة، ممولة ذاتيًّا أو عبر شراكات أو حاضنات أعمال لتقليل تلك المخاطر والسلبيات التي يمكن أن تتسبب بها ريادة الأعمال. إدارة الأعمال مجال واسع، يتضمن العديد من الأدوار المختلفة والإعدادات المهنية وفرص النمو، وبعبارات بسيطة فإن إدارة الأعمال هي إدارة موارد المنظمة ووقتها وأفرادها، حيث يعمل محترفو إدارة الأعمال هنا على ضمان إدارة الشركات والمؤسسات بفعالية وكفاءة وربحية، من خلال التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة، بالإضافة إلى عدد من الإجراءات التي تُنفذ بهدف السيطرة على أنشطة الشركة لضبط عملياتها، ومن ثم الوصول إلى الأهداف المحددة. ولتحقيق مثل هذا التوازن يتطلب الأمر المعرفة والمهارات الأساسية في مجموعة من التخصصات التي تعد فروعًا لإدارة الأعمال كالمحاسبة، والموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والتسويق، مع مهارات شخصية مثل الفاعلية والوضوح، والقدرة على إيصال الأفكار والتأثير على الآخرين وتقديم العروض التقديمية، فمفهوما إدارة الأعمال وريادة الأعمال ينتميان إلى علوم المشاريع والإدارة والأعمال، لكن ريادة الأعمال تقوم على الابتكار، بينما تقوم إدارة الأعمال بدور تنفيذ تلك الأفكار المبتكرة.   تتفق معظم التعريفات على أن رائد الأعمال هو الشخص الذي يتمتع بالقدرة والرغبة في تأسيس وإدارة وإنجاح مشروع، مع الاستعداد إلى تحمل المخاطر حتى تحقيق الأرباح، وغالبًا ما يُعرف رواد الأعمال كمصدر للأفكار الجديدة، وكمبتكرين يقدمون أفكارًا للسوق عن طريق إحلال اختراع جديد مكان القديم، ومن ثم فإنه يختلف عن مفهوم رجل الأعمال العادي كما نعرفه، الذي قد يتجنب المخاطرة، بينما قد يدير شركات ربما لم ينشئها من الأساس. والحقيقة أن مصطلح رائد الأعمال لم يظهر إلا في القرن التاسع عشر، إذ يعتقد أن الفيلسوف الاقتصادي "جان بابتيست ساي"، هو صاحب هذا المفهوم الذي جاء من الكلمة الفرنسية "Entreprendre"، والتي تترجم عادة على أنها متعهد أو مقاول أو مغامر، مستلهمًا من كتاب "آدم سميث" القيم "ثروة الأمم"، حيث درس "ساي" الكتاب جيدًا، وبينما اتفق مع كاتبه على جميع النقاط، فإنه وجد أن إغفال رجال الأعمال المغامرين كان عيبًا خطيرًا يجب تصحيحه، ومن ثم أدلى بدلوه لإضاءة الطريق في كتابه "رسالة عن الاقتصاد السياسي أو إنتاج وتوزيع واستهلاك الثروة"، وهو الكتاب الذي استحوذ على خيال الكثيرين وأصبح ملهمًا للعديد منهم. يجب أن يتمتع رائد الأعمال بمهارات عدة تعد ضرورية ومهمة في ريادة الأعمال، منها: - التخطيط: من خلال القدرة على التفكير بشكل استراتيجي مرن ينتبه إلى التفاصيل.- إدارة الوقت: على رواد الأعمال إدارة أوقاتهم ومواردهم وأولوياتها لتحقيق الأهداف.- إدارة المخاطر: توقع المخاطر بما يسمح بإدارتها، وحل المشكلات باتخاذ قرارات فعالة.- مهارات التواصل: لتوسيع نطاق الأعمال وتعزيز العلاقات مع العملاء والشركاء.- التفكير الإبداعي: للمساعدة على تجاوز جميع العقبات بطرق إبداعية مبتكرة. يمكن ترتيب أنواع ريادة الأعمال حسب مدى استخدامها في قائمة الآتي: -  ريادة الأعمال الصغيرة.- ريادة الأعمال القابلة للتطوير.- ريادة الأعمال الكبيرة.- ريادة الأعمال الاجتماعية.- ريادة الأعمال المبتكرة.- ريادة الأعمال النشطة.- ريادة الأعمال الناسخة.- ريادة الباحث.- ريادة المشتري. اقرأ أيضًا:"التجربة خير دليل".. 4 استراتيجيات للنجاح في المناصب القيادية التنفيذية تؤكد السطور السابقة أهمية ريادة الأعمال، ومن ثم فإنها تبرز ضرورة الإلمام بمصطلحات هذا المفهوم الذي يبدو أن دوره سيتزايد خلال السنوات القادمة، ومنها: جولات التمويل، الشركات الناشئة، الشركات الصغيرة، الاستثمار الجريء، الاستثمار الملائكي، معدل الحرق، التمويل الذاتي "بوتستراب"، الحاضنات، المسرعات، التخارج، العرض التقديمي، والتوسع، وغيرها من المصطلحات التي نستعرض بعضها في السطور التالية. يشير مصطلح شركة ناشئة أو ستارت أب Startup إلى شركة في مراحلها الأولى، يتم تأسيسها من قبل واحد أو أكثر من رواد الأعمال الذين يرغبون في تطوير منتج أو خدمة واحدة يعتقدون أن الأسواق في حاجة إليها أو أن هناك طلبًا عليها، ولا تمتلك هذه الشركات نموذجًا تجاريًّا مطورًا بالكامل، كما أنها قد تفتقر إلى رأس المال الكافي للانتقال إلى المرحلة التالية من الأعمال، وعادة ما يبدأ مثل هذا النوع من الشركات بتكاليف عالية وإيرادات محدودة، مع مخاطرة عالية يمولها المؤسسون أنفسهم في البداية، أو قد يحاولون جذب الاستثمار الخارجي إليها قبل أن يبدأوا في العمل. ظهر هذا المصطلح في أواخر السبعينيات بظهور شركات صغيرة قدمت السلع والخدمات التي لا تستطيع أو ربما لا تريد الشركات القائمة والكبيرة تقديمها، إذ كان الهيكل التقليدي للشركات هو الشكل المهيمن على الأعمال، ورغم استقرار وميزات هذا الشكل فإنّه كان يفتقر في أحيان كثيرة إلى الديناميكية والابتكار، واليوم تعد الشركات الناشئة ظاهرة عالمية، والأمثلة كثيرة على نجاح بعض هذه الشركات التي تحولت إلى شركات عملاقة مثل Microsoft  و Apple و Amazon. يشير مصطلح الشركات أحادية القرن Unicorn إلى الشركات الناشئة المملوكة للقطاع الخاص والتي يتجاوز رأسمالها المليار دولار، وقد تم استخدام هذا المصطلح للمرة الأولى في مقال نُشر بمجلة "Tech crunch"، تحت عنوان "مرحبًا بك في نادي يونيكورن: التعلم من الشركات الناشئة التي تبلغ قيمتها مليار دولار"، كتبته الاقتصادية "إيلين لي"، حيث نظرت للشركات الناشئة في مجال البرمجيات التي تأسست في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وقدرت أن 0.07٪ فقط منها وصلت إلى مليار دولار، ما يعني أنها نادرة للغاية، ولتوضيح ذلك استخدمت تشبيه مثل هذه الشركات بمخلوق خيالي أسطوري على هيئة حصان له قرن. والحقيقة أنه ومنذ نشر المقال استُخدم مصطلح Unicorn على نطاق واسع للإشارة إلى الشركات الناشئة في قطاعات تتقاطع فيها التكنولوجيا والهواتف والمعلومات. وحسب بيانات عام 2022 فإن هناك أكثر من 1000 شركة Unicorn حول العالم، بأكثر من 3516 مليار دولار، بينما يزداد العدد بمعدل متسارع يصل إلى شركتين يوميًّا، الأمر الذي أدى لوصول عددها في آخر تحديث خلال العام 2023 إلى نحو 1200 شركة ناشئة حول العالم. بنفس منطق استخدام مصطلح Unicorn جاء استخدام Decacorn، إذ تم إطلاق هذا المصطلح على الشركات الناشئة التي يتجاوز رأس مالها 10 مليارات دولار، وهي كلمة تتكون من مقطعين أولها اشتق من الكلمة اليونانية deka والتي تعني الرقم 10، الذي دمج بطبيعة الحال بمصطلح unicorn للتعبير عن الندرة، وقد وصل عدد الشركات ذات العشرة قرون Decacorn إلى 47 شركة حول العالم. ولعلنا نذكر بعضَ هذه الشركات مثل SpaceX، Stripe، Instacart، Databricks، Grammarly، والحقيقة أن معظم الشركات هنا ليست ثابتة في موقعها من هذا التصنيف إلى الأبد، فالشركات أحادية القرن Unicorn قد تتحول إلى Decacorn بتجاوز قيمتها لعشرة مليارات دولار، ثم يتغير هذه التصنيف مرة أخرى إذا تجاوزت قيمتها مبلغ المائة مليار دولار لتتحول إلى شركة Hectocorn، وبتجاوزها لقيمة التريليون دولار تتحول إلى تصنيف Super Unicorn، بما يعني أن هذه الشركات الناشئة دائمة الحركة والديناميكية، وبما يعني أيضًا أن أي شخص لديه فكرة جيدة يمكنه أن يصل بها، دون الحاجة إلى المرور عبر القنوات التقليدية. اقرأ أيضًا:11 استراتيجية تساعد رواد الأعمال على تحويل الأزمات لنجاحات   ريادة الأعمال الاجتماعية عُرفت باعتبارها مشروعًا تجاريًا جديدًا ومبتكرًا يؤثر على التغيير، فرائد الأعمال الاجتماعي هنا يقوم بتطوير نموذج عمل لإحداث تأثير إيجابي وتغيير اجتماعي دائم من خلال الأعمال التجارية، بما يؤثر على قضية اجتماعية معينة، فالدافع الأساسي لرائد الأعمال الاجتماعي هو الرغبة في التخفيف من المشكلات الاجتماعية في مجالات مختلفة. ويمكن أن تعمل ريادة الأعمال الاجتماعية كمؤسسة غير ربحية تعمل بفائض رأس مال مؤسسيها، أو تقدم الخدمات الاجتماعية الهادفة بينما تحقق هوامش ربح مخفضة أو متدرجة حسب الشرائح الاجتماعية والاقتصادية التي تتعامل معها، اعتمادًا على نموذج العمل الذي تفضله وتوافر التمويل اللازم لذلك، بما يضمن استمرار دورها في المجتمع، ولعل بنك "جرامين" هو المثال الأكثر تجسيدًا لريادة الأعمال الاجتماعية، إذ تتبنى سياسات إقراض للفقراء الذين يرغبون في بدء أعمالهم الخاصة لتحقيق الاستقلال المالي. هي فرع خاص من ريادة الأعمال التي تهدف إلى إنشاء وتنفيذ حلول للمشكلات البيئية، وتعزيز التغيير الاجتماعي حتى لا تتضرر البيئة، كما يمكن اعتبارها نموذجًا تجاريًا جديدًا، يكون لرواد الأعمال فيه دوافع أوسع من مجرد إطلاق منتجات وخدمات صديقة للبيئة، ومن ثم تعمل الشركات هنا لتعزيز التغييرات الإصلاحية في ممارسات الأعمال التي لها تأثير على البيئة الطبيعية والمجتمع، ويمكن أن يكون هذا على مستوى العمليات التجارية والإنتاجية، أو حتى المنتجات نفسها، استجابة للطلبات المتزايدة من المستهلكين لإنهاء الأعمال والأنشطة التي لها تأثير سلبي على البيئة، واستغلال الفرص التجارية التي يمكن أن تؤدي إلى تحسين الاستدامة. ويعد الجانب الاقتصادي هنا وسيلة لتحقيق قيم أخرى، تتقاطع مع اهتمام الحكومات والمستهلكين، والحقيقة أن أصحاب الأعمال التقليدية يستجيبون لمتطلبات الاستدامة شيئًا فشيئًا، إلا أن العوامل التي تجعل رائد الأعمال صديقًا للبيئة هي وجود البعد البيئي في استراتيجية العمل الأساسية لديه، وتلقفه لفرص العمل التي يغتنمها من أجل القضاء على الضرر الذي يلحق بالبيئة، ومن ثم يمكن لهؤلاء تطوير منتجات وخدمات جديدة، وتحسين المنتجات الحالية، وإنشاء نماذج أعمال أكثر استدامة، تقدم حلولاً لمشكلات الطاقة والبنية التحتية وترشيد الاستهلاك البيئي، ومن ثم المساعدة في التحول المستدام للصناعة بأكملها. يعني مصطلح التمويل الذاتي أو "بوتستراب" أن رائد الأعمال هنا يبدأ تأسيس شركته بأصول قليلة من الموارد المالية الشخصية، أو الإيرادات التشغيلية للشركة الجديدة، في عمليات خالية من الهدر، مع الدوران النقدي السريع لتحقيق النجاح، فقد تأخذ شركة ذاتية التمويل طلبات مسبقة لمنتجها، ومن ثم تستخدم الأموال المتولدة من الطلبات لبناء وتسليم المنتج نفسه. ومقارنة باستخدام رأس المال الاستثماري، يمكن أن يكون "البوتستراب" مفيدًا لأنه يمكن صاحب المشروع من الحفاظ على السيطرة، كما قد لا يكون من المجدي من الناحية المالية إنشاء شركة تتطلب استثمارات رأسمالية عالية مقدمًا، حيث يكون لدى بعض الشركات دوران أبطأ لرأس المال، ما يعني أن الأموال قد تكون مقيدة لفترة أطول من الوقت، وهي الحالة التي يفضل فيها الاتجاه للتمويل الذاتي، ويجب هنا وضع خطة عمل تتضمن ميزانية تحدد التدفقات النقدية المتوقعة وكيفية تدوير الإيرادات، وقبل كل ذلك من أين تأتي الموارد، مع دراسة كل التفاصيل والاستراتيجيات التي يمكن استخدامها لتحقيق ربحية أكبر على المدى القصير، ولكن يظل هناك خطر متزايد خاصة إذا نشأت نفقات غير متوقعة. اقرأ أيضًا:لأصحاب "البيزنس العائلي".. خطوات تأهيل الأولاد لإكمال المسار يطلق هذا المصطلح على الخطوات التي تقوم بها الشركات الناشئة لزيادة رأسمالها، عندما تتجه للمستثمرين لتعرض عليهم مجموعة من خيارات المساهمة في تمويل المشروع مقابل حصص في الأسهم والسندات، والحقيقة أن هذه الجولات التي يمكن أن نطلق عليها أيضًا الجولات الاستثمارية تستغرق بعض الوقت، ولكنها ضرورية لاستمرار الشركة وتمويل توسعاتها، وتتم هذه الجولات على مراحل، الأولى تسمى جولة ما قبل التأسيس، وفيها يتم وضع الأفكار وخطط العمل ودراسة الجدوى للوقوف على الرؤية المستقبلية للسوق والأرباح، ثم جولة التمويل التأسيسي لضمان رأس المال الأساسي، ثم جولات الاستثمار الأولى والثانية والثالثة بعد تحقيق النجاح لاستثمار ما تحقق. تبدأ جولات التمويل بتحديد القيمة المستهدفة، ومن ثم البحث عن المستثمر المناسب، بحيث يكون المشروع موافقًا لخططه الاستثمارية، مع ضرورة امتلاك رائد الأعمال لرؤية واضحة حول مستقبل الشركة الناشئة، والسوق، والفئة المستهدفة، والأرباح المتوقعة، وتدعيم كل ذلك بفريق العمل الذي يمتلك خطة ونموذج عمل واضح وواقعي ومناسب للسوق، ويقع على هذا الفريق الذي يدير الشركة الناشئة مسؤولية تجهيز عرض تقديمي لافت ليحظى باهتمام المستثمرين. تعد فرص السوق مقياسًا يمكن من خلاله تحديد استفادة الشركة من حاجة جديدة لدى العملاء لم تلبها الشركات الأخرى، ومن ثم يمكن للشركة الناشئة دراسة وتحديد خطواتها لاغتنام هذه الفرصة، ونظرًا لأهميتها كإحدى ضرورات نجاح الأعمال الصغيرة يجب تضمينها في الخطة الخاصة برائد الأعمال، من خلال خطوات واضحة، يستعان فيها بالدراسات والتقديرات الدقيقة والبيانات الإحصائية الموثوقة والدراسات الاستقصائية، وكذلك الوكالات الحكومية ذات الصلة بالأعمال التجارية وأبحاث السوق، قبل البدء في التفكير بالعرض الجديد الذي ستقدمه الشركة الناشئة، مع الإجابة على أسئلة مثل لماذا هذا السوق بالتحديد؟ وما هي حلول الشركة وأهدافها وتوقعاتها المستقبلية؟ بمجرد الإجابة على هذه الأسئلة ستتمكن الشركة من تعيين أهداف معقولة، ومعرفة ما إذا كانت أعمالها تحمل فرصة كافية للازدهار أم لا، وبالتالي يمكنها البدء باختبار لإطلاق أعمالها وإجراء مراجعات وتحليلات، مع الاستفادة من خبرات وملاحظات رواد الأعمال الناجحين.   الاستثمار الجريء أو رأس المال الاستثماري هو نوع من التمويل الذي يقدمه المستثمرون للشركات الناشئة والشركات الصغيرة، التي يُعتقد أن لديها إمكانات نمو استثنائية فيما تبدو مستعدة لمواصلة التوسع طويل الأجل، ويأتي عمومًا من المستثمرين ذوي الملاءة المالية العالية، أو البنوك والمؤسسات المالية الأخرى، ويمكن تقسيمه على نطاق واسع وفقًا لمرحلة نمو الشركة التي تتلقى الاستثمار. تبدأ المرحلة الأولى قبل التأسيس عندما يحاول المؤسسون تحويل الفكرة إلى خطة عمل، بعدها تبدأ مرحلة التمويل الأولي التي يسعى فيها المشروع إلى إطلاق أول منتج، ونظرًا لعدم وجود مصادر دخل تحتاج الشركة إلى رأس مال جريء لتمويل جميع عملياتها، وبمجرد تطوير منتج ما فإن الشركة ستحتاج إلى رأس مال إضافي لزيادة الإنتاج والمبيعات قبل أن تتمكن من تحقيق الأرباح، ومن ثم ستحتاج إلى جولة تمويل أو أكثر. وقد انضمت شركات قائمة إلى هذا المضمار، فعلى سبيل المثال تمتلك شركتا التكنولوجيا العملاقة Google و Intel صناديق استثمار منفصلة للاستثمار في التكنولوجيا الناشئة، كما أن هناك شركات كبيرة تستخدم الاستثمار الجريء مثل: Sequoia Capital، Andreessen Horowitz، Kleiner Perkins، Khosla Ventures، Battery Ventures. ويمكن أن يكون هذا الاستثمار مفيدًا للطرفين لأن الشركات تحصل على رأس المال لبدء عملياتها، فيما يحصل المستثمرون على الأسهم الواعدة، كما يقدم رأس المال الاستثماري خدمات التوجيه والمساعدة، وفي المقابل قد تفقد الشركة الناشئة تحكمها الإبداعي، عندما يطالب المستثمرين بحصة كبيرة من أسهم الشركة أو تولى إدارتها. اقرأ أيضًا:اكتشف "فن الاستنباط".. طريقك الذكي لتطوير شخصيتك ومهاراتك العملية المستثمرون في هذا النوع ينتمون إلى القطاع الخاص، وهم من الأثرياء الذين يركزون على استخدام فائض ثرواتهم لتمويل المشاريع التجارية الصغيرة مقابل حقوق الملكية، بينما يكونون أكثر صبرًا مع رواد الأعمال، ومنفتحين على تقديم مبالغ أقل لفترة زمنية أطول، لكنهم يريدون رؤية واضحة لاستراتيجية خروج في مرحلة ما، حيث يمكنهم جني أرباحهم. وهناك عدد من الشركات ذات التاريخ في مثل هذا النوع من الاستثمار مثل: Tech Coast Angels، Golden Seeds، Pasadena Angels، Alliance of Angels، New York Angels، وعمومًا يعني وجود مستثمر ملاك أن نشاطك لا يتعين عليه سداد الأموال، لأنك تمنح حصص ملكية في المقابل مستثمر الذي لن يتردد في مساعدة المشروع على النجاح، لكن الأمر لا يخلو من السلبيات، كرغبة المستثمر في الغالب لما قد يصل إلى 50٪ من المشروع.   عندما ينخرط رائد الأعمال في مشروعه فإنه يحدد بعبارات عملية وقابلة للقياس الأهداف التي يسعى إليها، مثلما يحدد الموارد والوقت والأموال اللازمة والإجراءات التي سيتخذها لتحقيق ذلك، وجميع ما سبق يضمه عنوان عريض هو خطة العمل، التي هي أداة وطريق سيسير عليه للوصول إلى النتائج النهائية، بما يعني أنها عنصر أساسي للنجاح على المدى الطويل، إذ لا يمكنك الوصول إلى حيث تحاول الذهاب دون أن تحدد بوضوح كيف تذهب وأي الطرق تسلك ومتى؟ وتؤدي كتابة خطة العمل الواضحة إلى دفع رواد الأعمال إلى مراجعة كل شيء أولاً بأول، بما في ذلك القيمة والتوقعات والتشغيل والمخاطر، مع وضع إطار حركة مرن قابل للتنفيذ والتحديث، واختيار المقاييس الصحيحة لتقييم الأداء، إذ تمثل الخطة الإجراءات المفصلة للانتقال من الحالي إلى المستقبلي، وعادة ما يتم تقديم خطة العمل في شكل جدول بيانات سهل القراءة من صفحة واحدة. هو عرض موجز للمشروع، يقدم للمستثمرين المحتملين نظرة عامة على خطة العمل والمنتجات التي تقدمها الشركة الناشئة وكيف يمكنها النمو، فالمشروع يحتاج إلى التمويل، وفي كثير من الأحيان يأتي هذا التمويل من مصادر خارجية يحتاجون لأن تصلهم فكرة المشروع بطريقة تجعلهم متحمسين للاستثمار فيه، وهنا تكمن أهمية العرض التقديمي إذ قد يساهم في حسم موقف المستثمرين المحتملين. ويعد العرض التقديمي الجيد هو الخطوة الأولى في عملية متعددة الخطوات، على سلم الصعود لتأمين التمويل، تتوازي مع بناء العلاقات والتواصل مع العملاء المحتملين ومراقبة المشاركة والاهتمامات، التي يتم نقل بعض نتائجها خلال سرد قصة المشروع وشرائح العرض، التي يجب أن تشتمل على مقدمة ومشكلة يعالجها المشروع، مع تحديد حجم السوق والفرص والمنتج المنتظر وتوقعات النمو والمنافسة والمنافسين وفريق المشروع والنواحي المالية وشكل وحجم الاستثمار المطلوب،  بشكل ديناميكي مريح وجاذب وسهل، بينما لا يحتاج حديث المصعد elevator pitch  سوى للوقت الذي يستهلكه المصعد للحديث عن الفكرة وخلق انطباع. اقرأ أيضًا:إدارة الجودة الشاملة.. مفهومها وفوائدها ومعاييرها نعم، يمكن إنشاء مشروع دون رأس مال، ففي مجال إدارة الشركات يوجد تمييز واضح بين المشاريع الرأسمالية والمشاريع غير الرأسمالية، أو تلك التي لا تحتاج إلى رأس مال سواء شخصي أو استثماري، فيما يشير هذا المصطلح إلى المشاريع التي لا يتم فيها رسملة التكاليف، إذ لا يتم التعامل معها كأصول رأسمالية، وهي تغطي مجموعة واسعة من المبادرات التي يتم التركيز فيها على الكفاءة والتحسينات التشغيلية والتقدم التنظيمي دون الحاجة إلى استثمارات كبيرة، على عكس المشاريع الرأسمالية. ويدور مثل هذا النوع من المشاريع عادةً حول تعزيز وتبسيط سير العمل، وتنفيذ تقنيات جديدة بدلاً من إنشاء منتج جديد ملموس، فالشيء العظيم هنا هو القدرة على خلق قيمة كبيرة دون الحاجة إلى نفقات مالية كبيرة، وبدلاً من تخصيص الأموال للبنية التحتية الجديدة أو المعدات، تخصص الموارد لتحسين العملية أو تدريب الموظفين أو ترقيات النظام أو أبحاث السوق، فيما تعتمد على التخطيط والإدارة الفعالة والفهم العميق للأهداف، مع مرونتها وقدرتها على التكيف، وكل ذلك يساهم في تحقيق النجاح على المدى الطويل، وهناك أمثلة كثيرة على المشاريع غير الرأسمالية، كمشاريع التحول الرقمي، وتحسين تجربة العملاء والتسويق الالكتروني، وغيرها من المشاريع التي تتخذ مسارها نحو التوسع عندما تحقق النجاح. نعم، تشمل ريادة الأعمال المشاريع الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، والحقيقة أنها قد تتفق في أساليب بدء التشغيل، وما تحمله من مخاطر، بينما تختلف في خصائصها المميزة، وبشكل عام يتم استخدام مصطلح المشاريع الصغيرة في جميع أنحاء العالم، غير أن التعريف قد يختلف من مكان لآخر، ففي أوروبا مثلاً لا يتجاوز عدد موظفي الشركات الصغيرة 50 موظفًا، والشركات المتوسطة 250 موظفًا، فيما تتجاوز الشركات الكبيرة 500 موظف، بينما يختلف هذا المقياس على سبيل المثال في الولايات المتحدة الأمريكية حيث يعتمد التعريف معدل الإيرادات وعدد الموظفين، ومن ثم قد يعطي نتائج وتصنيفات مختلفة. وبشكل عام لا يتجاوز متوسط إيرادات الشركة الصغيرة 7.5 مليون دولار، وصولاً إلى الشركات الكبيرة التي تتجاوز 50 مليون دولار، فيما تسعي للنمو، بينما قد لا تتوافر نية النمو للشركات والمشاريع الصغيرة التي تضم في الغالب شركات ذات مسؤولية محدودة  أو شركات شخصية وتعاونية، أما المشاريع المتوسطة والكبيرة فتضم تنوعًا ضخمًا من مشروعات الأمن السيبراني والخدمات التقنية ومنصات التجارة وشركات التوصيل والتدريب والخدمات العلاجية. تعد حاضنات الأعمال إحدى أهم أشكال دعم مشاريع ريادة الأعمال، إذ تحتضن المشاريع على اختلافها، لتقدم لها الرعاية والإشراف والمشورة والتدريب والمتابعة والتوجيه اللازم خلال فترة محددة أو حتى تحقق الأهداف المنشودة، وبينما تمتلك حاضنات الأعمال العديد من التعريفات والمعاني، إلا أن جميعها تتفق في المفهوم، وهي كما عرفها "ستيوارت سميث"، مجموعة من البرامج أعدتها الحكومة، أو تحالف أعمال، أو مجموعة أكاديمية، تتضمن تدريبًا وخدمات متنوعة، والهدف من ذلك مساعدة الشركات الصغيرة الموجودة في الحاضنة لتحصل على فرصة أفضل للبقاء على قيد الحياة أثناء مرحلة البداية. وهناك أنواع عدة من حاضنات الأعمال، إذ تتنوع أشكالها بتنوع الخدمات التي تقدمها للمشاريع الناشئة، فمنها: حاضنة الأعمال الافتراضية، حاضنة الأعمال التكنولوجية، حاضنة طبية، الحاضنة الاجتماعية، مسرعات البذرة، ستوديو الشركات الناشئة، وغيرها من الحاضنات، كما يمكن تصنيفها بأشكال أخرى مثل: الحاضنات الدولية، حاضنات الأعمال الإقليمية، حاضنة الأعمال الصناعية، حاضنات الأعمال التقنية، وحاضنات الأعمال البحثية. وتضم القائمة التالية بعض من أهم حاضنات الأعمال عالميًا وعربيًا، مثل: Y Combinator، Microsoft Accelerator، Google Launchpad Accelerator، حاضنة الأعمال بادر، حاضنة الجامعة الأمريكية، حاضنة الأعمال تيك. اقرأ أيضًا:الاستثمار في الأسهم.. عائدات مجزية ومخاطر يجب الاستعداد لها وضع مؤشر السياق الوطني لريادة الأعمال في تقريره عددًا من الدول العربية التي اعتبرها ضمن الأفضل لرواد الأعمال، وهي: المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة الكويت، ودولة قطر، وجمهورية مصر العربية، حيث تعمل عدد من المؤسسات الحكومية في هذا الدول على دعم ريادة الأعمال، بأشكال منهجية مدروسة لرعاية ريادة الأعمال باعتبارها محفزات للاقتصادات المهيئة للانطلاق. لعل كل ما سبق يبرز أهمية ريادة الأعمال لمجتمعاتنا، ومن ثم يوضح ضرورة تعلم ريادة الأعمال، والاستفادة من التجارب الملهمة لرموز هذا المجال، مع مطالعة سير وتاريخ الشخوص والكيانات التي بدأت من الفكرة وتطورت بالفكرة، فطورت عالمنا، ولعل من المناسب هنا ذكر بعض الكتب العالمية التي ستساعدك في بناء هذا الثقافة الضرورية في عالم ريادة الأعمال، ومنها: - Founders at Work- Starting a Business – Quick Start Guide- The Entrepreneur Roller Coaster- The Founder's Dilemmas- Zero to One by Peter Thiel لا شك أن واقعنا المعاصر يؤكد نجاح ريادة الأعمال كلما نظرنا حولنا، ولكن هل يمتد ذلك النجاح ليطال كل المشاريع الناشئة؟ أم أن للصورة جانب آخر يحمل المعاناة والفشل؟ هل الطريق ممهد أم أن هناك سلبيات ومخاطر محيطة تتربص بكل مشروع؟ لا تحتاج الإجابة هنا إلى الكثير من إعمال الفكر، فكل نجاح في الواقع هو نتيجة لفشل أو حتى سلسلة من الإخفاقات، كما تنقل لنا بعض الإحصاءات إشارات واضحة حول ذلك المعنى من مشاريع ناشئة حول العالم، وعلى سبيل المثال وجدت دراسة أُجريت على الشركات الناشئة التي تأسست في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة ما بين عامي 1986 و2000، أن فرص نجاح الشركات الناشئة كانت متباينة، إذ لم تتجاوز نسبة الشركات التي وصلت لمرحلة الاكتتاب العام 25.7%، ما يعني أن باقي النسبة تعرض إما لمواجهة المخاطر والسلبيات التي أعاقت تقدمه، أو حتى تعرض للفشل، بينما قاوم مخاطر تتمثل في: ضغوط نفسية وجسدية، الإحباط، تحمل المسئولية، عدم الاستقرار المادي، تذبذب أسعار الصرف، والانغماس في المشروع.

مشاركة :